البنتاغون يتمسك بصفقة بيع الأسلحة لتايوان.. والصين تهدد بفرض عقوبات

مسؤول عسكري أميركي يؤكد التزام بلاده ضمان «قدرات الدفاع الذاتي» لتايوان

TT

أعلن مسؤول عسكري أميركي كبير أن من واجب الولايات المتحدة أن تضمن قدرات الدفاع الذاتي لتايوان وستواصل ذلك في المستقبل، وذلك ردا على الاحتجاجات العنيفة التي أبدتها الصين إزاء صفقة بيع أسلحة أميركية إلى الجزيرة. وقال مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون منطقة آسيا والمحيط الهادي في طوكيو، إن الولايات المتحدة تعتزم الوفاء بالتزامها لضمان تمتع تايوان بالقدرة اللازمة للدفاع عن النفس.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد أعلنت، الجمعة، أن الولايات المتحدة ستبيع تايوان صواريخ باترويت مضادة للصواريخ، وسفنا كاسحة للألغام في أعماق البحار، ومروحيات بلاك هوك.. بقيمة إجمالية تفوق 4.6 مليارات دولار. وردت الصين التي تطالب بالسيادة على جزيرة تايوان، بشدة احتجاجا على ما سمته «التدخل الفظ في الشؤون الداخلية الصينية». وأعلنت تعليق مبادلاتها العسكرية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى «عقوبات مناسبة حيال الشركات الأميركية المعنية».

وأثناء زيارة إلى طوكيو، ذكر مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون آسيا - المحيط الهادئ، والاس غريغسون، أن الولايات المتحدة «ستضمن قدرة الدفاع الذاتي لتايوان». وقال في خطاب «لدينا النية الحاسمة باحترام كل التزاماتنا هناك، وسنواصل التحرك على هذا المنوال في المستقبل». وأضاف غريغسون: «لدينا علاقة معقدة جدا مع الصين». وأوضح: «إن هدفنا هو الإبقاء على علاقات ودية وحارة، علاقة تعاون مع الصين»، مضيفا: «هناك بالتأكيد نقاط نختلف حولها، ونحاول فصلها عن تلك التي يمكن أن نعمل عليها بطريقة مثمرة».

وقد أثارت صفقة مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان التي أغضبت بكين توترا جديدا في العلاقات الصينية – الأميركية، وقد تلقي بظلالها على الملف النووي الإيراني في وقت باتت الصين في موقع نافذ، مدعومة بقوتها الناشئة. ويسجل هذا التوتر الجديد بعد الجدل الذي أثاره عملاق الإنترنت الأميركي «غوغل» الشهر الماضي إذ هدد بوقف عملياته في السوق الصينية، منددا بتعرضه لهجمات معلوماتية مصدرها الصين وبالرقابة المحلية.

ورأى تشو تيبينغ، الخبير الصيني في العلاقات الدولية، أن الرد الصيني هذه المرة جاء أقوى من الرد السابق عام 2008 حين علقت الصين الحوار العسكري مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي، جورج بوش، احتجاجا على مشروع صفقة السلاح ذاته. وقال: «إن الهجوم الصيني المضاد بات أشد بعد الأزمة المالية، حيث ازدادت الصين قوة، وكذلك جرأة»، معتبرا أن «الصين قد لا تبدي الكثير من التعاون» في الملف النووي الإيراني.

وحذر جينغ دونغ يوان الخبير في مسائل منع انتشار الأسلحة النووية في معهد الدراسات الدولية في مونتيري بكاليفورنيا من أن هذه القضية تقضي على آمال واشنطن في الحصول على دعم صيني لتشديد العقوبات على إيران. وقال: «من وجهة نظر بكين، فإن واشنطن تطالب الصين على الدوام بالتعاون، وتطلب بشكل متزايد من الصين أن تتصرف طبقا لما يريده الأميركيون، في مواضيع شتى من التغيير المناخي إلى المسألتين الإيرانية والكورية الشمالية». وأضاف: «لكن مطالب الصين في المسائل التي تعتبرها ذات أهمية وطنية حيوية تلقى إذانا صماء».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، الأحد، إن هذا النزاع الصيني الأميركي «قد يعقد بعض الشيء، وليس نهائيا»، المساعي الجارية لحمل بكين على تأييد تشديد العقوبات الدولية على البرنامج النووي الإيراني. وحملت وسائل الإعلام الرسمية الصينية الاثنين على «غطرسة واشنطن». وكتبت صحيفة «غلوبال تايمز» الملتزمة بما تصفه بـ«وطنية مستنيرة»، «يجدر بالصين التي تعتبر ثالث اقتصاد في العالم وتمتلك سوقا ضخمة، أن لا تتردد في إظهار قوتها بفرض عقوبات اقتصادية على الشركات التي تنتهك مصالحها الأساسية».

وقال تشينغ يونغنيان مدير معهد شرق آسيا في جامعة سنغافورة الوطنية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يكن في وسع الصين من قبل (فرض عقوبات على الشركات الأميركية) لأنه لم يكن لها القدرة على ذلك، لكنها اكتسبت الآن بفضل قوتها الاقتصادية المزيد من السلطة والنفوذ». وأطلقت عريضة على موقع «غلوبال تايمز» الإلكتروني ضد عملية بيع الأسلحة لتايوان جمعت حتى أمس، الاثنين، أكثر من 55 ألف توقيع، أرفق بعضها بتعليقات شديدة اللهجة، وبذيئة أحيانا، تجاه واشنطن وتايوان.

ووسط حالة الجدل بين واشنطن وبكين قالت شركة «بوينغ» إنها ستتعاون مع الحكومة الأميركية لتلبية هذا الطلب. وقال جوزيف سونغ، نائب رئيس شركة «بوينغ» لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في مقابلة على هامش معرض طيران سنغافورة: «من الواضح أنها قضية حرجة للغاية. إنها قضية بين حكومتين. ومن جانبنا سنؤيد ذلك إذا ما طلبت منا الحكومة دعم هذا النوع من المناقشات ولكن مرة أخرى أقول إنها قضية بين حكومتين».

وتعارض الصين منذ سنوات مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان. لكن بكين تسعى للمرة الأولى للضغط على الولايات المتحدة من خلال فرض عقوبات على الشركات الخاصة التي تشارك في مبيعات الأسلحة لتايوان.