تجدد المواجهات بين القوات اليمنية والمتمردين في الشمال.. واشتباكات في الجنوب

تحذيرات للحوثيين من تجنيد صغار السن.. ومقتل سياسي يمني معارض بالرصاص في زنجبار

طفلة يمنية تلهو في أحد معسكرات النازحين بمحافظة صعدة أمس (أ.ف.ب)
TT

أفادت مصادر عسكرية يمنية أمس، أن المواجهات تجددت بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في محافظة صعدة (شمال) بالرغم من إعلان زعيم التمرد استعداده للالتزام بشروط الحكومة لوقف الحرب. وقالت مصادر يمنية، إن الاشتباكات تجددت على محاور مدينة صعدة وحرف سفيان والملاحيظ، وتمكنت القوات اليمنية من تدمير مواقع يتحصن فيها الحوثيون. وأكدت هذه المصادر سقوط قتلى وعدد من الجرحى في صفوف المتمردين، فيما تمكنت القوات الحكومية من تدمير آليات أسلحة في مركز للحوثيين في بلدة بني معاذ في صعدة (شمال). وكان زعيم التمرد عبد الملك الحوثي أعلن السبت أنه يقبل بشروط «خمس» وضعتها الحكومة شريطة «وقف العدوان» على المتمردين. ورد مجلس الدفاع الوطني اليمني الأحد بالإعلان عن استعداد الحكومة لوقف العمليات العسكرية ضد المتمردين إذا التزموا تطبيق شروطها الستة، وخصوصا بالشرط السادس المتعلق بالالتزام بعدم الاعتداء على الأراضي السعودية.

وكثف الطيران اليمني من غاراته على مواقع للمتمردين الحوثيين في مناطق متفرقة من محافظة صعدة.

وأكدت مصادر محلية أن الطيران الحربي قصف مواقع بالشرفة من ضمن المنطقة الجبلية في بمران، وقالت إن القصف الجوي أسفر عن قتل 6 من الحوثيين وجرح عدد آخر في غارات على قرية المشهد التي تقع إلى الشمال من مديرية حيدان، بينما امتدت الاشتباكات بين قوات الجيش في محور الملاحيظ إلى الشرق من المنزالة ومحيط جبل الخزان. وسقط العديد من المناوئين للحكومة وقتل في العمليات العسكرية ذاتها 6 من عناصر القبائل المساندين لقوات الجيش وجنديان حكوميان. ودمر الجيش عدة سيارات كانت تحمل المؤن والذخائر والسلاح وعناصر من المستهدفين لقوات الجيش. وقالت وزارة الدفاع إن قوات الجيش قصفت وكر القيادي «أبو فليته» وقتل في هذا القصف ببني معاذ عدد من العناصر الإرهابية. ووصفت العملية بأنها كانت «محكمة» نجم عنها علاوة على الخسائر البشرية تدمير عدد من الآليات والأسلحة التي كانت مكدسة في الوكر نفسه. من جانب آخر حذرت السلطة المحلية في مديرية حرف سفيان الحوثيين من تجنيد العشرات من صغار السن وإرسالهم إلى جبهات القتال في سفيان. وقال بيان صدر عن السلطة المحلية في هذه المديرية إن «عناصر إرهابية جندت في الآونة الأخيرة العشرات من الأطفال وأرسلتهم إلى جبهات ومناطق القتال». وحذر المصدر من التغرير بالأطفال وصغار السن وطالب هذه العناصر بالتعقل والرجوع إلى الصواب. ودعا المصدر المواطنين إلى عدم الخضوع لتهديدات «العناصر الإرهابية» ورفض إرسال أطفالهم إلى جبهات القتال. وأكدت السلطة المحلية أنها ستعمل كل ما في وسعها لحماية أولئك الأطفال «الذين وقعوا في شراك تلك العصابة المارقة».

وكانت السلطات اليمنية اعتقلت أول من أمس في محافظة صعدة الشمالية شخصا يعد ثاني أكبر تاجر سلاح في البلاد ويدعى حسين حسين، وذلك بعد أيام على اعتقال أحد أعيان المحافظة الذي يعلوه شأنا في مجال تجارة السلاح المزدهرة في اليمن. ولدى السلطات قائمة سوداء بتجار السلاح بعد كشف سفينة أسلحة بأحد موانئ البلاد.

وبحسب مصدر، فإن حسين نقل إلى صنعاء مع نجله بواسطة مروحية تابعة للقوات اليمنية، وذلك بعد أن اعتقلا من دون تسجيل أي مواجهات. يأتي هذا الاعتقال بعد أن ألقي القبض، الخميس الماضي، على فارس مناع شقيق محافظ صعدة، وهو يعد أكبر تاجر سلاح في اليمن. وتجارة السلاح ليست مخالفة للقوانين في اليمن الذي يعد من أكثر الدول المدججة بالأسلحة الفردية، إذ تشير تقارير وتقديرات إلى أن أعداد الأسلحة الفردية في اليمن تتجاوز عدد سكانه (23 مليون نسمة) وقد تصل إلى نحو ستين مليون قطعة.

وذكر شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية أن انتشارا كثيفا للجيش سجل في صعدة تحسبا لأي تحركات من قبل عائلة مناع، علما بأن محافظ صعدة وشقيق فارس مناع كان يشغل منصب رئيس لجنة الوساطة بين السلطة والحوثيين. وذكرت مصادر محلية أن المتمردين الحوثيين سطوا قبل شهر على مخازن أسلحة تابعة للمناع، ولم يبلغ الأخير السلطات إلا بعد يومين مما سمح للمتمردين بنقل نحو عشرين شاحنة محملة بالأسلحة. وأفادت المصادر أن هذه الحادثة أثارت غضب السلطات التي تخوض منذ أغسطس (آب) الماضي معارك ضارية مع الحوثيين الذين معقلهم صعدة.

من جهة ثانية، أفاد شهود عيان أن اضطرابات ومواجهات بين متظاهرين ورجال الأمن سجلت أمس، في مدينتي الضالع وزنجبار في جنوب اليمن، بينما أعلن الحزب الاشتراكي اليمني المعارض مقتل أحد كوادره برصاص مجهول. وقال شهود لوكالة الصحافة الفرنسية إن مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين الجنوبية، شهدت اضطرابات واعتقالات في صفوف متظاهرين نزلوا إلى الشارع. وذكر الشهود أنه تم إحراق بعض المحال التجارية من دون إعلان سقوط ضحايا. كذلك، شهدت مدينة الضالع الجنوبية مواجهات بين رجال الشرطة ومتظاهرين غاضبين. من جهته، أعلن الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم اليمن الجنوبي السابق، مقتل أحد قيادييه في زنجبار برصاص مجهول. وقال الحزب المعارض على موقعه الإلكتروني إن «عضو لجنة منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمديرية زنجبار سعيد أحمد عبد الله بن دود لقي حتفه ليل الجمعة الماضي حين أطلق عليه مجهول النار». وذكر الموقع أنه تم العثور «على جثة بن دود ملقاة على رصيف أحد شوارع مدينة زنجبار».

وحمل عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، علي دهمس علي، السلطات الحكومية مسؤولية مقتل بن دود بحسب الموقع. وقال دهمس لموقع الحزب «على السلطات الحكومية أن تتحمل مسؤولية أمن المواطنين بعد أن شهدت المحافظة حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق»، متهما الحكومة بأنها «لم تول أي اهتمام بحادث مقتل بن دود ولم تفكر في ضبط الجناة».

ويشهد جنوب اليمن منذ أشهر اضطرابات على خلفية مطالب سياسية واجتماعية، فيما يعتبر قسم من سكانه أنهم يتعرضون للتمييز من قبل الشمال ولا يحصلون على مساعدات كافية للتنمية. وبات قسم كبير من القوى المنضوية تحت لواء «الحراك الجنوبي» الذي ينظم التحركات الاحتجاجية يطالب بـ«حق تقرير المصير» والعودة إلى استقلال اليمن الجنوبي كما كانت الحال قبل 1990. وقد تطورت بعض تظاهرات الحراك الجنوبي إلى مواجهات أسفرت عن مقتل العشرات.