كرزاي في السعودية اليوم لطلب وساطة خادم الحرمين في المصالحة الأفغانية

المتحدث باسم الرئيس الأفغاني لـ «الشرق الأوسط»: السعودية قلب العالم الإسلامي والبلد الوحيد المهيأ لإنجاح السلام الأفغاني

TT

يزور الرئيس الأفغاني حميد كرزاي السعودية اليوم وفقا لما قاله المتحدث باسمه أمس، وذلك بعد أيام على إعلان الرئيس الأفغاني أنه يتطلع إلى دور أساسي يلعبه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في عملية المصالحة الأفغانية. وقال كرزاي الخميس الماضي أمام مؤتمر لندن حول أفغانستان: «نأمل أن يتلطف الملك عبد الله بن عبد العزيز بلعب دور في توجيه ومساندة هذه العملية».

وتعتبر زيارة الرئيس كرزاي بحسب مراقبين ودبلوماسيين في العاصمة كابل هي الأولى التي سيوجه فيها كرزاي طلبا مباشرا إلى خادم الحرمين الشريفين للتوسط في المصالحة الأفغانية.

وقال وحيد عمر الناطق باسم كرزاي في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» في العاصمة الأفغانية: «يغادر الرئيس كابل أمس متجها إلى السعودية، وسيلتقي الملك عبد الله في الرياض غدا».

وأوضح أنه سيتوجه وفد أفغاني كبير مصاحب للرئيس لأداء مناسك العمرة اليوم، ثم يتوجه معه وفد سياسي مصاحب للرئيس كرزاي إلى الرياض غدا للقاء خادم الحرمين الشريفين.

وكشف عمر لـ«الشرق الأوسط» أن وفدا رفيع المستوى سيرافق كرزاي يضم وزير الخارجية زلماي رسول، ومستشار الرئيس للعلاقات الدولية الدكتور رانجين دافترسانتا، ووزير الحج يوسف نيازي أحمد، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين الأفغان، منهم أيضا مستشار الرئيس للشؤون الدينية نعمة الله شهراني. وأشار إلى أن لقاء الرئيس كرزاي مع خادم الحرمين الشريفين يندرج في إطار سلسلة اللقاءات الهامة لمناقشة المستجدات على الساحات الإقليمية والآسيوية والدولية.

وقال عمر إن الوفد الأفغاني يحمل معه جملة من الملفات السياسية الساخنة، على رأسها نتائج مؤتمر لندن الذي عقد الأسبوع الماضي في لندن لدعم الأمن في أفغانستان، بالإضافة إلى مناقشة كيفية إيجاد حلول لإنهاء الأزمة الداخلية، وإعادة الأمن والاستقرار، وإعطاء دفعة للحوار الأفغاني الداخلي، فضلا عن مناقشة السبل الكفيلة بتعزيز العلاقة بين الرياض وكابل في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية.

وأكد عمر أن الرئيس الأفغاني حرص على أن يزور الرياض بعد مؤتمر لندن مباشرة، لوضع الملك عبد الله بن عبد العزيز في صورة التحرك الأفغاني القادم، خصوصا في ما يتعلق بالحوار مع الأطراف الأفغانية لإعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع الأفغاني، وجهود كابل لإيجاد توافق مع كافة الفصائل، بما في ذلك حركة طالبان، وتوضيح المستجدات الجديدة التي تم الاتفاق عليها مع الأسرة الدولية على دعم الإدارة الأفغانية من أجل إعادة الإعمار والتخلص من الإرهاب والتطرف.

وقال إن عموم الأفغان ينظرون إلى بلاد الحرمين باعتبارها مركز العالم الإسلامي، وإلى خادم الحرمين باعتباره أهم شخصية إسلامية حول العالم، ويرون أن السعودية هي البلد الوحيد المهيأ حكومة وشعبا لإنجاح مفاوضات السلام الأفغانية، بإقناع قيادات طالبان بالدخول في العملية السلمية. وسبق أن كرر كرزاي في مؤتمر لندن حول أفغانستان أنه يريد إقناع طالبان بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، من خلال عرض المال والتوظيف على المقاتلين، بعد أن وعد قادتهم منذ فترة طويلة بتسليمهم مسؤوليات حكومية.

وقال كرزاي في لندن: «لضمان نجاح خطتنا نأمل أن يكون الملك عبد الله مستعدا للقيام بدور في إرشادنا نحو السلام ودعم العملية». وشدد في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر الدولي الذي عقد في لندن لمناقشة الوضع في أفغانستان على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه السعودية في إنجاز المصالحة الوطنية وجلب الاستقرار والسلام إلى أفغانستان. وأعرب كرزاي عن رغبته في تشكيل مجلس وطني للسلام والمصالحة وإعادة الاندماج، ينتج عنه «جيرغا السلام»، وهو مجلس أعلى يجمع قادة القبائل الأفغانية، على أن يلعب الملك عبد الله بن عبد العزيز «دورا رئيسيا» في ذلك.

وشارك وزراء خارجية وممثلون من نحو 70 بلدا في هذا المؤتمر الذي يهدف إلى إعطاء زخم جديد لإعادة بناء أفغانستان وإعادة توحيد صفوف الأفغانيين، في إطار العملية السياسية الديمقراطية في أفغانستان، وتوفير وظائف لعناصر طالبان مقابل إلقاء السلاح والعودة إلى الحياة المدنية. واشترط مؤتمر لندن لزيادة المساعدات المباشرة التي يقدمها إلى حكومة أفغانستان بنسبة 50 في المائة في غضون سنتين، تحقيق كابل تقدما في مجال مكافحة الفساد، فيما تم الإعلان عن دعم مالي مخصص لزيادة عديد الجيش الأفغاني وقوات الأمن وتطوير أدائهما. وتصدر جدول أعمال المؤتمر موضوع فتح باب التفاوض والحوار مع حركة طالبان الأفغانية، وأعلن عن إنشاء صندوق مالي لجذب مسلحي طالبان وإعادة تأهيلهم ضمن نسيج المجتمع الأفغاني بدفعة أولية تقدر بـ140 مليون دولار.

وقال مراقبون في العاصمة كابل لـ«الشرق الأوسط» أمس إن الحكومة الأفغانية تلقت ردود فعل إيجابية من بعض قيادات طالبان المعتدلة حيال دعوتها للحوار، وإن هناك عناصر من طالبان تحترم الدستور وترغب في الحوار والتخلي عن العنف، وكشفوا أن عددا من العناصر المحسوبة على طالبان، مثل وكيل متوكل وزير خارجية الملا عمر، وعبد السلام ضعيف سفير الملا عمر السابق في باكستان، وعبد الحكيم مجاهد صوت الملا عمر في المنظمة الدولية، كانوا يسافرون إلى السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة وهم في القائمة السوداء.

بالمقابل أوضح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل عقب مؤتمر لندن أن السعودية لن تقوم بدور في جهود إحلال السلام في أفغانستان إلا إذا أحجمت طالبان عن توفير ملاذ آمن لزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن وقطعت علاقاتها بشبكات المتشددين. وأضاف في تصريحات نشرتها «الشرق الأوسط»: «ما لم تتخلَّ طالبان عن تأمين ملاذ للإرهابيين ولابن لادن والتخلي عن اتصالاتهم به، فلا أعتقد أن المحادثات ستكون إيجابية أو حتى ممكنة لتحقيق أي شيء.. عليهم أن يقولوا لنا إنهم تخلوا عن ذلك، وأن يثبتوا ذلك بالطبع». وأضاف أن السعودية تشترط أيضا أن يأتي طلب التوسط بشكل رسمي من أفغانستان.