طهران تنتقد بشدة الدرع الصاروخية في الخليج: تغذي «إيران فوبيا».. ولم نهاجم أحدا من جيراننا منذ 1979

مسؤولون أميركيون: الدرع هدفها ردع طهران وطمأنة إسرائيل ومنع سباق تسلح نووي

TT

اتهمت إيران الولايات المتحدة بالسعي لتغذية مشاعر «الخوف من إيران» أو «إيران فوبيا» في الشرق الأوسط بنشر أنظمة دفاع صاروخية في الخليج، مشددة على أنها تتمتع بعلاقات طيبة مع دول الجوار وأن الوجود العسكري الأميركي المتزايد في المنطقة من شأنه أن يزيد التوتر. وقال مسؤولون أميركيون الأحد الماضي إن بلادهم وسعت نطاق أنظمة دفاعها الصاروخية في البحر والبر في منطقة الخليج وما حولها للتصدي لما تراه واشنطن تهديدا صاروخيا متناميا من إيران. وأضافوا أن ذلك يشمل نصب منصات إطلاق لنظام «باتريوت» للدفاع الصاروخي على البر في الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

إلا أن الإجراء أثار استياء إيرانيا، وقال رامين مهمانبرست المتحدث باسم الخارجية الإيرانية للتلفزيون الرسمي أمس: «ننظر لهذه الإجراءات باعتبارها مؤامرة وحيلة من دول أجنبية لخلق مشاعر الخوف من إيران». وأضاف: «لأنهم فقدوا موطئ قدمهم في إيران فهم يشعرون أنه لا يوجد موطئ قدم لهم، وكي يبرروا وجودهم في المنطقة يقومون بمثل هذه الوقيعة». وقال مهمانبرست: «العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول أخرى في المنطقة جيدة جدا وودية. التعامل الإيجابي في المنطقة هو التوجه الوحيد المناسب لإقرار السلام والاستقرار». وأضاف: «كلما زادت قدرات بلادنا على دفاعها الذاتي وتلك القدرات الخاصة بدول المنطقة، تحقق المزيد على صعيد الأمن الإقليمي». كما انتقد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أيضا التحرك الأميركي بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية. وقال أمام البرلمان: «من الغريب أن المسؤولين الأميركيين لم يلاحظوا أن المشكلة في المنطقة هي وجودكم، وكلما نشرتم المزيد من المدفعية زاد قلق الدول المضيفة». وذكر لاريجاني أن إيران لم تهاجم أحدا من جيرانها منذ الثورة الإسلامية في 1979. وأضاف أن «دول المنطقة يجب أن تعلم أن سيناريو نشر الصواريخ الأميركية في المنطقة بذريعة الحفاظ على الأمن والاستقرار يعد نوعا من الاحتيال السياسي». وسرعت الولايات المتحدة نشر نظام درع صاروخية في الخليج لمواجهة أي هجوم إيراني محتمل، كما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» السبت. وأوضحت الصحيفة أن واشنطن نشرت قبالة السواحل الإيرانية بوارج متخصصة وصواريخ اعتراضية في أربع دول في الخليج. وبحسب الصحيفة، فإن الدول العربية حريصة أكثر فأكثر على استقبال معدات دفاعية أميركية خوفا من الطموحات والقدرات العسكرية الإيرانية.

ولم تستبعد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل القيام بعمل عسكري إذا فشل الحل الدبلوماسي في حسم النزاع حول برنامج إيران النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى صنع قنابل ذرية. وتقول إيران إن برنامجها سلمي ويهدف إلى توليد الطاقة، وتوعدت بالرد إذا تعرضت لهجوم. كما تشير إلى أن برنامجها الصاروخي ذو طبيعة دفاعية. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس إن أول محاولة أميركية لإسقاط صاروخ طويل المدى في محاكاة لهجوم قادم من إيران باءت بالفشل بعد عطل في رادار صنعته شركة «ريثيون».

وتزامن فشل التجربة التي أجريت في المحيط الهادي وتكلفت 150 مليون دولار مع صدور تقرير لوزارة الدفاع الأميركية ذكر أن إيران عززت قدراتها الصاروخية وباتت تمثل تهديدا «ملموسا» للقوات الأميركية والقوات الحليفة في منطقة الشرق الأوسط. وبدأ الحشد العسكري الأميركي في المنطقة تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لكنه استمر تحت إدارة الرئيس باراك أوباما الذي يضغط الآن من أجل فرض مجموعة أخرى من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وصرح مسؤولون أميركيون بأن توسيع الأنظمة الدفاعية الصاروخية يأتي لزيادة حماية القوات الأميركية والحلفاء الرئيسيين في الخليج.

إلى ذلك، وصل ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة تستمر يوما واحدا. وذكرت التقارير أن ولي العهد القطري التقى بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وتم خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات. كما التقى بوزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي واستعرضا العلاقات الثنائية.

وانتقد أحمدي نجاد لدى استقباله ولي العهد القطري السياسة الغربية في المنطقة. وقال إن «الدول الغربية لا تريد أن يسود الأمن في المنطقة وأن تكون العلاقات بين دول المنطقة جيدة»، كما نقل عنه التلفزيون الرسمي. وأضاف: «لقد حاولوا دائما إبقاء دول المنطقة ضعيفة»، منددا بـ«مؤامرة الأعداء» الذين يريدون الاستفادة من «الانقسام وعدم الاستقرار» في دول الخليج.

من ناحيته عبر وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي الذي التقى أيضا ولي العهد القطري، كما أوردت وكالة الأنباء الطلابية «إيسنا»، عن رغبة طهران «في توسيع تعاونها في الميادين العسكرية والدفاعية مع قطر ودول أخرى في الخليج». وقال الوزير: «إن إيران تعتبر أن الحفاظ على الأمن (في الخليج) جهد جماعي»، مضيفا أن «على جميع دول المنطقة أن تلتزم من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمن في منطقة الخليج الحساسة ومضيق هرمز». وبحسب «إيسنا» فإن المسؤول القطري تمنى من جهته تطوير العلاقات العسكرية مع طهران. وتقوم إيران بانتظام بتمارين عسكرية في الخليج وهددت بضرب أهداف غربية إن تعرضت مواقعها النووية لهجوم من الولايات المتحدة أو إسرائيل.

من المقرر أن تتضمن الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات تشمل المجالات العسكرية والاقتصادية إضافة إلى الطاقة. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست قال إن هذه الزيارة تأتي في إطار عزم الدولتين على مواصلة المشاورات وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.

وقال محللون إن نشر الولايات المتحدة أنظمة مضادة للصواريخ قبالة السواحل الإيرانية وفي عدد من الدول الخليجية يعزز التوتر بين طهران وواشنطن. وإذا كانت هذه الخطوة الأميركية أثارت غضب إيران، فإن طهران ستشعر بالارتياح من دون شك إزاء إعلان واشنطن عن فشل تجربة عسكرية أميركية كانت تسعى إلى إسقاط صاروخ بالستي يفترض أنه يمثل صواريخ تطلقها إيران أو كوريا الشمالية.

وأشارت تقارير إلى قيام الإدارة الأميركية بنشر سفن متخصصة تتمتع بأنظمة لتعقب وإصابة الصواريخ قبالة السواحل الإيرانية، فضلا عن نشر بطاريات مضادة للصواريخ في أربع دول خليجية. وتملك السعودية منذ سنوات نظام «باتريوت» المضاد للصواريخ بينما تقدمت الإمارات في 2008 بطلب لشراء هذا النظام. أما البحرين فهي مقر الأسطول الأميركي الخامس، بينما تستضيف قطر على أرضها مقر قيادة القوات الأميركية الوسطى. وتحظى واشنطن أيضا بقاعدة كبيرة في الكويت. وقال الخبير في شؤون الخليج وإيران والأستاذ في جامعة درم البريطانية انوش احتشامي إن «الإيرانيين سيرون في هذه الخطوة انطلاقة لتعزيز الأجندة العسكرية الأميركية».

وذكر احتشامي في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية أن «إيران ستعتبر أن أميركا تمارس ضغوطا غير مباشرة عليها عبر توسيع المظلة الأمنية فوق جيرانها» في الخليج، مؤكدا أن طهران «لن تنظر لذلك من زاوية إيجابية». ولم توضح الإدارة الأميركية علنا أسباب نشر هذه الصواريخ. إلا أن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة قوله إن الخطوة تهدف إلى ردع إيران وطمأنة إسرائيل. وقال هذا المسؤول إن من أهداف هذه الخطوة أيضا «طمأنة الدول العربية لكي لا تشعر بأنها مضطرة إلى الحصول بدورها على السلاح النووي».