سلام فياض يتعرض لانتقادات عنيفة لمشاركته في «هرتسيليا».. ومطالبة بمعاقبته على هذا «الانفلات السياسي»

قال في كلمته إن الفلسطينيين يريدون العيش بكرامة على 22% من فلسطين التاريخية

TT

هاجمت فصائل فلسطينية، بما فيها حركة فتح، بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، رئيس الوزراء سلام فياض، على مشاركته في مؤتمر هرتسيليا السنوي في إسرائيل، الذي يعتبر أرفع مؤتمر أمني يعقد في إسرائيل ويناقش السياسات والاستراتيجيات الأمنية.

وشارك فياض في المؤتمر رغم الغضب الفلسطيني، وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه تلقى رسائل تهديد بالقتل على خلفية هذه المشاركة. وأوضح حاتم عبد القادر أحد قادة فتح في القدس المحتلة إن فتح تشعر بغضب شديد إزاء مشاركة فياض في مؤتمر معاد للفلسطينيين خصص أبحاثه هذه المرة لتعزيز المناعة اليهودية في مدينة القدس. وقال عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا انفلات سياسي». وتساءل عبد القادر: «باسم من ذهب فياض؟.. هل أخذ موافقة المؤسسات الفلسطينية. نريد أن نعرف إذا ما كانت منظمة التحرير سمحت له بالذهاب إلى مؤتمر وضع 5 معايير لتعزيز القبضة اليهودية على القدس؟». وتابع القول: «المؤتمر هذا العام أكد كسب المزيد من الجغرافيا في القدس، وضرب الديموغرافيا، وإحداث خلل في النسيج الاجتماعي المقدسي، ومحاصرة النشاطات الفلسطينية، وتعزيز السيطرة الأمنية». ولم يكن موقف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث بعيدا عن عبد القادر، وقال شعث لإذاعة «القدس» في غزة إنه غير راضٍ على مشاركة فياض في مؤتمر «هرتسليا» الإسرائيلي، وأضاف: «أختلف مع فياض في المشاركة، لكن لا أختلف في تقييمه كرجل يخدم وطنه.. نحتاج أن نسمعهم أصواتنا، لكن بإرادتنا الحرة». أما حركة الجهاد الإسلامي فاعتبرت المشاركة مسيئة لصورة الفلسطينيين، وقال القيادي في الجهاد داود شهاب لـ«الشرق الأوسط»: «هذ مشاركة مستهجنة وتدل على انفلات سياسي وعدم انضابط».

وتساءل شهاب: «كيف يمكن للسلطة تفسير مشاركة فياض في مؤتمر أمني بهذا المستوى يرسم السياسات الأمنية الإسرائيليية، بينما يعلن الرئيس عباس كل يوم أن لا لقاءات مع الإسرائيليين».

وتابع: «من أجل أن تحفظ السلطة ماء وجهها فعليها معاقبة فياض على هذه المشاركة». وأكد رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، أنها طلبت رسميا من المنظمة معاقبة فياض، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مشاركة فياض في مؤتمر يضع سياسات لإعادة الهيمنة الإسرائيلية على كل فلسطين مشاركة ضارة وغير مقبولة وتعكس هبوط أداء فياض وفريق رام الله كله برئاسة عباس».

وكانت حماس على لسان رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، دعت عباس أن لا يسمح لفياض بالمشاركة في المؤتمر، وبعد مشاركته قال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري إن «تعاون السلطة في رام الله مع الاحتلال الذي وصل إلى درجة المشاركة في صناعة سياساته، مؤشر خطير على مدى تجرد هذا الفريق من الضوابط الوطنية، وأنهم ربطوا مشروعهم بسياسات الاحتلال ومصالحه». وجاءت هذه الهجمة القوية على فياض، رغم أنه قال في المؤتمر كلاما معقولا ومهما، وعقب عبد القادر: «لا نختلف مع ما قاله فياض لكن هذا لا يبرر ذهابه إلى مؤتمر عدواني في وقت يحاصر فيه الشعب الفلسطيني». وطالب فياض إسرائيل أن تبدأ بالانسحاب وتنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية، معتبرا أن البدء في ذلك يعني أولا إنهاء توغلات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وتسليم المزيد من المسؤوليات الأمنية للفلسطينيين في جميع مناطق الضفة. وقال مخاطبا الإسرائيليين: «لا يمكن ضمان أمن إسرائيل دون ضمان أمن الشعب الفلسطيني».

وأضاف: «إذا أردنا وضع الأمور في سياقها الصحيح، فيجب وقف الاجتياحات، وأن يكون للسلطة الوطنية وجود أمني رسمي في كافة التجمعات الفلسطينية وليس فقط في مناطق (أ)، فالدولة تعرَّف حيث يوجد أمنها، وليس قوى الاحتلال». وتابع القول: «إن إسرائيل يجب أن تبدي الجدية نحو الحل القائم على دولتين ونحن نريد أن نعيش بكرامة على 22% من فلسطين التاريخية». وتحدث فياض عن القدس الشرقية كجزء لا يتجزأ من الأرض المحتلة، مؤكدا أنها عاصمة دولة فلسطين».

وجدد فياض موقف السلطة من ضرورة وقف الاستيطان قبل العودة إلى المفاوضات، وقال: «إن الأزمة التي تعاني منها العملية السياسية ليست قلة التفاوض الذي استمر على مدى 16 عاما، لكن يحتاج الفلسطينيون إلى أن يلمسوا مؤشرات تقنعهم بأن المحادثات الجديدة ستؤدي بهم إلى حيث يريدون».

وقال فياض بأنه سيعمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية بحلول منتصف عام 2011. وأضاف: «نعم؛ إنه من جانب واحد.. أنا جئت إلى هنا كي أعلن أمامكم أنه عمل أحادي، وهذه مسؤوليتنا وسنستمر بها، لأن الفلسطينيين فقط هم الذين بوسعهم أن يفعلوا ذلك». وأوضح فياض أنه بحلول عام 2011 ستكون السلطة قد حققت قدرا كبيرا من التغيير الإيجابي على الأرض بما يتماشى مع ظهور الدولة الفلسطينية، معتبرا أن بناء مؤسسات دولة فلسطين لا يتعارض، بل يكمل مهمة إنهاء الاحتلال من خلال عملية سياسية جادة وذات مصداقية وبتدخل مباشر من المجتمع الدولي.