وزير الإعلام الصومالي: حركة الشباب تسيطر على بعض موارد الدولة

قال لـ «الشرق الأوسط»: لو كنا نعرف ماذا تريد إريتريا كنا تفاهمنا معها

TT

كشف وزير الإعلام الصومالي طاهر محمود جيلي عن مخاطر تدخل «القاعدة» في الصومال واليمن كبداية لتدخلات في دول أخرى مرشحة لإثارة الفتن والحروب وزعزعة الأمن والاستقرار، مطالبا بدعم عربي وأفريقي ودولي لمحاصرة الإرهاب وبناء الدولة الصومالية. ونفى، في حوار مع «الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في اجتماع وزراء الإعلام العرب بالقاهرة، ما تردد عن سيطرة حركة الشباب على العاصمة مقديشو، إلا أنه أوضح أنها موجودة في مناطق متفرقة إضافة لسيطرتها على بعض موارد الدولة، متهما إريتريا بالاستمرار في تقديم التسليح والتدريب والتمويل للجماعات المسلحة في الصومال. وأكد الوزير الصومالي وجود تنسيق بين بلاده واليمن فيما يتعلق بالنازحين الصوماليين، وتهديدات حركة شباب المجاهدين بإرسال مسلحين إلى اليمن للقتال مع «القاعدة» ضد السلطة اليمنية. وإلى نص الحوار..

* من وراء استمرار الحرب في الصومال وخرق اتفاقيات المصالحة الوطنية؟

- مشكلة الصومال تختلف من مرحلة إلى أخرى. ففي السابق كان وراء ذلك أمراء الحرب، وكذلك القوى التي لم تجد في اتفاق المصالحة ما يخدم أجندتها الخاصة، وكل هذه المراحل كان يساندها شيء واحد هو انهيار مؤسسات الدولة، وهذا يحتاج لجهود جبارة حتى يتم بناء الدولة وإحكام سيطرتها. كما يجب أن نقر أيضا بأن أجندات أمراء الحرب التي كانت سائدة في الماضي اختفت تماما، أما في هذه المرحلة الراهنة، فقد أسهم مؤتمر جيبوتي في دعم الاستقرار إلى درجة مهمة، وانبثق عنه تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبالتالي فالوضع يختلف لأننا دخلنا بالفعل في أجندة عالمية. نحن أمام حقيقة جديدة ومتقاسمة مع جهات دولية كثيرة وهى قضية الجهاد العالمي أو تنظيم القاعدة الذي يقاد ضد جميع الدول، ولعل من الغرابة بمكان أن الجهة المرشحة قبل غيرها هي الجزيرة العربية واليمن كبوابة، وطبعا هذه الأمور لا نقرها ونرفضها، وسبق أن قمنا بإدانتها، ونتعاون مع جميع الدول المعنية خاصة اليمن وأشقاءنا في الجزيرة العربية وغيرها من الدول. ونحن نعاني حاليا ما تعاني منه كثير من الدول، سواء الدول التي تخوض المعركة حاليا مع «القاعدة» أو الدول المرشحة لذلك.

* ما مدى صحة ما تردد عن انخراط صوماليين في القتال مع الحوثيين في اليمن؟

- أنا أتحدث عن معلومات واعترافات، لأننا نواجه أكبر مشكلة وقفت في وجه الحكومة الصومالية، وحالت دون إنجاح مساعيها حتى هذه اللحظة، وهي حركة الشباب، المعروفة بأنها ذات صلة بجهات خارجية تزعم ليل نهار أن مشروع الجهاد العالمي لا يستهدف الصومال فحسب، ولكن الصومال كمنطلق لما بعده، والآن الأساس (بالنسبة لحركة الشباب) كان قضية إثارة الجهاد في اليمن، وقالوا نحن نقول لليمن إننا قادمون، وسوف نتعاون مع المجاهدين في اليمن كبوابة لتحرير الجزيرة العربية، وما أقصده أن حركة الشباب في الصومال معترفة بتبادل القوات مع المقاتلين في اليمن وهذا أخطر ما في الموضوع.

* من وراء تمويل ودعم حركة الشباب في الصومال؟

- حركة الشباب هي منظومة جماعات مقاتلة في داخل الدول العربية والإسلامية، وما زالت تعلن ولاءها لـ«القاعدة». وهناك أشرطة تقول فيها «لبيك أسامة»، أي أسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة). أما من حيث مصادر التمويل الحقيقية فهم حاليا يسيطرون على بعض الموانئ داخل الصومال وبعض المطارات، ويقومون بالجباية، ويسمونها الزكاة. ويفرضون إتاوات على التجار. إلا أنني أستطيع التأكيد على أن المعارك التي تخوضها الحركة داخل الصومال لا يمكن أن يكون تمويلها من الداخل فقط من حيث حجمها ونوعيتها.

* هل من تنسيق مع الحكومة اليمنية حول الأعداد الكبيرة الصومالية التي نزحت إلى اليمن، حتى لا تتحول هذه الأعداد في المرحلة الراهنة إلى وقود لـ«القاعدة» أو تنخرط في صفوفها كما حدث وتم ضبط صوماليين في المعارك مع الحوثيين؟

- اليمن هو الجار العربي القريب. وقد احتضنت اليمن مجموعات كبيرة منذ الحرب. ونحن دائما على تواصل مع اليمن. أما مشاركة هؤلاء في القتال، فنحن لا نعتقد ذلك، لسبب بسيط جدا، وهو أن اليمن أحسن استقبالهم، وأعطاهم فرصا للتعليم، ومنحهم أشياء كثيرة، ولم يضع شرطا أو قيدا على استقبال النازحين الصوماليين. وكل من يصل إلى سواحل اليمن لم ترده صنعاء إلى الصومال. ونحن من جانبنا أكدنا حرصنا عليهم حتى لا يقعوا فريسة تستفيد منها «القاعدة» أو حركة الشباب داخل الصومال التي تحاول ضم واستقطاب وتجنيد كل مواطن ضاقت به سبل العيش من جراء الحروب. ولم يرجع أي صومالي من اليمن للانضمام إلى صفوف المقاتلين في حركة الشباب بالصومال، وهذه شهادة في حق اليمن.

* لكن هناك مجموعات ذهبت لتقاتل مع الحوثيين في اليمن؟

- مشكلة الحوثيين هذه تختلف عن مذهب حركة الشباب في الصومال.

* ألا ترى أنهم اتفقوا على قاسم مزعوم وهو النضال ضد أميركا وإسرائيل؟

- نحن كحكومة لا نرغب في أن يكون الصومالي داخل اليمن عنصر قلق للأمن اليمني، وإنما يجب أن يكون عنصرا مكملا للأمن اليمني، خاصة أن هذا البلد معطاء للصوماليين الذين ذهبوا إليه، لكن الطريقة التي تفكر بها حركة الشباب تختلف تماما عن طريقة أي صومالي ملتزم بمصالح بلاده.

* هل بدأ الصومال تنسيقه المشترك مع اليمن لضبط مسألة اللجوء والنزوح حتى لا تتسع قاعدة «القاعدة» على أرض اليمن والصومال؟

- التنسيق يتم على كل المستويات.. والتواصل دائم بين الرئيس علي عبد الله صالح والرئيس شريف شيخ أحمد.

* أصدر الاتحاد الأفريقي قرارا يقضي بعقوبات على إريتريا بسبب تدخلها في الشأن الصومالي.. هل ساهم القرار في الحد من هذا التدخل؟

- إريتريا هي الدولة الوحيدة من الدول الأعضاء التي لا تعترف بالحكومة الصومالية الانتقالية رغم اعتراف كل دول العالم بما في ذلك الدول العربية والإسلامية والأفريقية. ولم تقتصر إريتريا على مسألة الاعتراف بحكومة الصومال، لكنها تسعى إلى محاربة هذه الحكومة من خلال دعم الجماعات المسلحة مثل جماعة الشباب والحزب الإسلامي، بالسلاح والتمويل والتدريب. ورغم ذلك أعطينا الفرصة لإريتريا من خلال القبول بتدخل بعض الدول والتوسط بيننا وبينهم حتى يكون الموقف الإريتري منسجما مع الموقف العالمي، لكن إريتريا أصرت على موقفها وأعلنت أنها لا تعترف بالحكومة الصومالية.. ثم استمروا في عملية دعم المسلحين حتى هذا اليوم.

* ماذا تستفيد إريتريا من التدخل السلبي في الصومال، وهل هي تحارب إثيوبيا في الصومال؟

- لو كنا نعرف ماذا تريد إريتريا لتفاهمنا معها، ولكن هي لديها شيء ما لا تريد أن تفصح عنه، وقد تقوم بتصفية حسابات مع إثيوبيا على أرض الصومال، لكن بالإمكان حل كل المشكلات والتفاهم. والطريقة المثلى أن تكون هناك مفاوضات بين إثيوبيا وإريتريا فيما يتعلق بالعلاقات بينهما وكذلك مع الصومال. ونحن نأسف أن تكون إريتريا هي العنصر المقلق في المنطقة عبر وجودها في الصومال بدعم الحركات المسلحة وبالحروب مع إثيوبيا والمشكلات مع جيبوتي والنزاع مع اليمن في السابق.

* طالبت قرارات الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بإنهاء التدخل الإثيوبي والاريتري. كيف يمكن تنفيذ ذلك؟

- إثيوبيا خرجت من الصومال قبل عام. ولا توجد مناطق تسيطر عليها إريتريا عبر قوات، لكن المشكلة في تدخل إريتريا بدعم الجماعات المسلحة بالتمويل والتدريب والتسليح.

* المجتمع الدولي فرض عقوبات على إريتريا لرفض اعترافها بحكومة الصومال، ولكن ماذا قدم لدعم الاستقرار في الصومال؟

- المجتمع الدولي فرض عقوبات على إريتريا لتدخلها من خلال تدريب وتمويل وتسليح العناصر المخربة، ونحن اعتبرنا هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح. وسوف تتوقف إريتريا عن التدخل في الشأن للصومالي، أما فيما يتعلق بالمجتمع الدولي فقد تأخرت مساعدته للصومال، ولم يصل الدعم إلى الحالة التي يمكن أن تفيد الصومال للخروج من أزمته.

* إذن ما هو المطلوب من المجتمع الدولي؟

- المطلوب هو دعم الحكومة الصومالية فيما يتعلق بالمجال الأمني.. صحيح هناك تدريب وبعض الأسلحة، لكن هذه القوات حتى تكون قادرة على السيطرة وإعادة الأمن والاستقرار لا بد من توفير التمويل والتسليح والتدريب لها. وهذه الأشياء كلها نفتقدها. والقوات الصومالية تفتقر إلى الرواتب والوسائل اللوجيستية وكل ما يلزم لقوات وطنية لتحقيق الاستقرار.

* ما هو دور الدول العربية في دعم الصومال لفرض سيادته على أراضيه.. وماذا قدمت الجامعة العربية حتى الآن؟

- بالنسبة للدول العربية هناك سلبية موروثة من التجارب السابقة، خاصة في عدم تنفيذ الاتفاقيات التي كانت تبرم للمصالحة الصومالية. وبالتالي استمر هذا الموروث وأسهم في عدم التعامل بجدية مع قضايا الصومال. ولكن في المرحلة الحالية الحكومة الصومالية برهنت على قدرتها على الالتزام، ونجحت في الاحتفاظ بالقوات الإثيوبية وعدم خروجها من ثكناتها، وأن تقوم بالتدريب فقط. والعالم العربي تأخر في تجاوبه مع الحالة الجديدة في الصومال، وعليه فإن الجامعة العربية مطالبة بأن تتجاوب بصورة سريعة وفاعلة، وعلى المستوى المطلوب مع مستجدات الساحة الصومالية.

* ما نوعية الدعم المطلوب من الدول العربية للصومال حاليا؟

- دعم متعدد لتحقيق الأمن. وعلى سبيل المثال الدول الأفريقية تقدم الدعم في مجال تدريب القوات الصومالية، ولديها قوات لحفظ السلام، وتقدم الدعم المالي. ولا تفوتني هنا الإشارة إلى أن رواندا، التي خرجت من حروبها حديثا، قدمت دعما وصل إلى 400 ألف دولار، والدول العربية لم تقدم شيئا. أما بالنسبة للدعم المطلوب من الدول العربية فقد تقدمت الحكومة الصومالية بخطة متكاملة للخروج من المأزق ومرحلة إعادة البناء إلى القمة العربية التي انعقدت في قطر العام الماضي. ونحن نتوقع أن تكون استجابة الدول العربية أسرع مع دعم هذه الخطة.

* ما هي أبرز ملامح هذه الخطة، وهل تعتزمون تقديمها مرة أخرى إلى القمة العربية القادمة؟

- لدينا شهر أو أكثر.. وقد يحدث تجاوب عربي خلال هذه الفترة.. أما الخطة فهي تتحدث عن دعم واضح لقوات الأمن الصومالية، ودعم البرلمان الصومالي والمؤسسات المدنية، وتقديم الإغاثة للمحتاجين، لأن الوضع مأساوي جدا في بعض المناطق.

* لكن الجامعة العربية لديها مكتب للتنسيق والدعم في مقديشو، وقدمت مبلغا ماليا وصل إلى مليون دولار للحكومة مباشرة.. كيف تقيم ذلك؟

- صحيح أن الجامعة العربية قدمت للحكومة الصومالية مليون دولار في بداية تشكيل الحكومة، لكن المجتمع الصومالي يحتاج إلى مليار دولار وليس لمليون.

* ماذا يقدم الصومال في اجتماع وزراء الإعلام العرب؟

- مشاركتي هي الأولى من نوعها مع وزراء الإعلام العرب. وهى فرصة لإطلاعهم على الحالة الصومالية، ليس بالبعد الإعلامي فقط، وإنما السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وهذه فرصة غالية لأن أحيط وزراء الإعلام العرب بما يحدث في الصومال. كما أننا نتطلع لأن تكون هناك مساندة عربية فعلية للإعلام الصومالي، لأنه يعاني من مشكلات عدة في السنوات الأخيرة. ونحن حاليا تمكنا من إعادته للعب دوره، ونعلم أن الإعلام هو مفتاح حقيقي لمعالجة بعض الأفكار المنحرفة والمتطرفة والتي هي سبب لما نحن فيه الآن.

* ما هو موقفكم من مقترح إنشاء مفوضية للإعلام العربي؟

- موقفنا مع الإجماع العربي. والصومال تهتم بكل ما تمت مناقشته خلال اجتماعات وزراء الإعلام العرب.

* ما هو الدعم الإعلامي المطلوب للمؤسسات الإعلامية في الصومال؟

- تقوية المؤسسات الموجودة مثل الإذاعة وكذلك الصحف، ونرغب في إقامة تلفزيون صومالي جديد وهذا ليس بالأمر السهل. ونعلم أن وزراء الإعلام العرب يقدرون مدى حاجة الصومال لذلك. كما نحتاج أيضا لإعادة بناء المطبعة الوطنية.

* هل تفضل إقامة التلفزيون الصومالي داخل مقديشو أم في إحدى دول الجوار؟

- في داخل مقديشو.. والإذاعة والوزارة موجودة في الداخل أيضا.

* ألا تخشى تعرض هذه المنشآت للقصف باعتبارها جزءا من السيادة التي تستهدفها الجماعات المسلحة؟

- حياة المدنين أيضا تتعرض للقصف وكذلك حياة المسؤولين. والبعض ذهب ضحية العدوان، ولكن هذا لن يبعدنا عن الإنجاز والعمل.