باريس «متشائمة» من الإعلان الإيراني.. وتحذر من برنامجها الصاروخي

وزير خارجية الصين: الأمر الملح استمرار المفاوضات والحوار مع طهران

TT

عبرت فرنسا بصوت وزير خارجيتها برنار كوشنير عن «حيرتها»، لا، بل عن «تشاؤمها» إزاء التصريحات والمواقف الإيرانية الأخيرة الصادرة عن الرئيس أحمدي نجاد ووزير خارجيته منوشهر متقي، فيما ظهر تضارب في وجهات النظر بين باريس والصين بشأن برنامج إيران النووي وبشأن عقوبات إضافية على طهران لحملها على الاستجابة لمطالب الوكالة الدولية. وجاءت المواقف الفرنسية في إطار مؤتمر صحافي عقده كوشنير مع نظيره الصيني يانغ جيشي الذي يقوم بزيارة رسمية إلى لفرنسا برفقة وفد كبير. ويلتقي جيشي اليوم الرئيس ساركوزي في قصر الإليزيه.

وعبرت باريس عن «قلقها العميق» إزاء إطلاق إيران صاروخا فضائيا يوم أمس باعتبار أن الصواريخ الفضائية والصواريخ الباليستية العسكرية بعيدة المدى «تستخدم التكنولوجيا نفسها». ويمكن أن تكون عاملا لانتشار الصواريخ الباليستية الحاملة لأسلحة الدمار الشامل. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية أن «إعلان إيران عن إطلاقها بنجاح لصاروخ من طراز كافوشغار 3 ليس من شأنه سوى زيادة مخاوف الأسرة الدولية» خصوصا أن إيران تطور إلى جانبه برنامجا نوويا «ليس له هدف سلمي واضح» وهي بذلك «تنتهك خمسة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي».

وبدا الخلاف بين مقاربة الصين من جهة والمقاربة الفرنسية - الغربية - الروسية من جهة أخرى في تشديد الوزير الصيني على أن «الأمر الملح» في الموضوع النووي الإيراني هو «استمرار المشاورات والمفاوضات» بغرض الوصول إلى حل «عبر الحوار الدبلوماسي». ولم يتناول الوزير الصيني موقف بلاده من موضوع العقوبات الإضافية التي تعارض بكين فرضها على طهران في الوقت الحاضر رغم سؤاله عنها بل رد على ذلك مداورة بتأكيد أنه «يتعين دائما العثور على الحلول المناسبة من خلال الحوار الدبلوماسي من أجل المحافظة على السلام والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط».

ودعا الوزير الصيني إلى أخذ مقترحات التسوية التي سبق لإيران أن قدمتها بعين الاعتبار وإلى مناقشتها مع الخطة التي قدمتها الوكالة الدولية للطاقة النووية للوصول إلى «حل متفاوض عليه وفي أسرع وقت». وفي عبارة تتضمن أكثر من معنى، نبه جيشي إلى أنه يتوجب «البحث عن حلول مناسبة للمسائل الحيوية» أي التي تمس مصالح الصين الحيوية. وحتى الآن، وقفت الصين بوجه الإلحاح الغربي لاستصدار قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يتضمن عقوبات إضافية على طهران. وقالت مصادر فرنسية رسمية إن اجتماعا للمديرين السياسيين سيعقد قريبا لمتابعة البحث في موضوع العقوبات وطبيعتها.

ورغم التردد الصيني الواضح، فإن مصادر فرنسية رسمية لم تفقد الأمل بإمكانية إقناع الصين بتقبل العقوبات. وترى هذه المصادر وفق ما قالته لـ«الشرق الأوسط» أن باريس لا تعتبر اليوم أن السجال المستجد بين بكين وواشنطن حول مبيعات السلاح الأميركية إلى تايوان أو حول شركة «غوغل» للإنترنت «يصعب تجاوزه» مضيفة أنها «ليست المرة الأولى» التي يقوم فيها مثل هذا الجدل بين الجانبين أو بين بكين وأطراف أوروبية. فضلا عن ذلك، سبق لواشنطن أن قدمت «تطمينات وضمانات» للصين حول توفير ما تحتاج إليه من النفط الخليجي في حال أفضت العقوبات إلى حجب إيران لنفطها عن الصين. غير أن الوزير الفرنسي عبر عن موقف متحفظ إزاء طهران وتحديدا إزاء التصريحات الأخيرة التي تعكس قبولها مبادلة اليورانيوم ضعيف التخصيب بوقود نووي لمفاعلها في طهران لغرض إنتاج النظائر الطبية. واعتبر كوشنير أن هذه التصريحات «لا تتضمن ردا رسميا على طلب الوكالة الدولية للطاقة النووية». وذهب الوزير الفرنسي أبعد من ذلك باتهام طهران باللعب على عامل الوقت وبتحذيرها من القيام بـ«استفزاز إضافي في الشرق الأوسط» للهروب من مشاكلها الداخلية الكبيرة». وسبق لكوشنير أن حذر من أن جهات في طهران قد تدفع بحزب الله اللبناني إلى القيام بأعمال عسكرية للتغطية على الوضع الداخلي المتوتر في إيران. غير أن الوزير الفرنسي رغم «الحيرة» و«التشاؤم» أكد أنه يشارك الوزير الصيني رغبته في استمرار الحوار، مضيفا أنه سيكون سعيدا إذا توفرت إمكانية لتفادي عقوبات جديدة.