البشير وديبي يتفقان على تطبيع العلاقات وطي صفحة الخلافات

غرايشن يعتبره تطورا تاريخيا.. والاتفاق يشمل استئناف الرحلات الجوية وإعادة فتح المؤسسات

البشير وديبي في مؤتمرهما الصحافي أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن الرئيسان السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي في الخرطوم أمس التطبيع الكامل للعلاقات بينهما، وفتحا صفحة جديدة «لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلدين»، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق بين الطرفين شمل وقف نشاط المعارضين لكل منهما من داخل أراضي بلديهما. ومن بين بنود التطبيع بين الخرطوم وانجمينا «استئناف الرحلات الجوية بين العاصمتين ابتداء من الأسبوع القادم، وإعادة فتح المؤسسات السودانية بانجمينا، ومن بينها مدرسة الصداقة السودانية - التشادية والمركز الثقافي السوداني فورا، وفتح القنصليات التي أغلقت في مدينتي الجنينة السودانية الحدودية، وابشي التشاديسة الحدودية، فورا».

وأنهى الرئيس التشادي أمس زيارة نادرة للخرطوم استمرت لمدة يومين أجرى خلالها سلسلة مباحثات مع الرئيس البشير ركزت حول كيفية إنهاء التوترات بين البلدين، وحل الأزمة في إقليم دارفور. وكانت العلاقات بين الخرطوم وانجمينا ساءت لأعوام، ووصلت إلى حد القطيعة عام 2008 عندما شنت حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور هجوما على العاصمة السودانية، اعتبره الرئيس البشير من تدبير ديبي، وقرر قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وخاطب ديبي لقاء حاشدا أمس في الخرطوم، ضم عددا من القيادات التنفيذية والسياسية وقيادات المجتمع المدني وممثلي البعثات الدبلوماسية بالسودان، قبل أن ينهي زيارته في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البشير في مطار الخرطوم.

وجاء في بيان مشترك في ختام المباحثات بين الرئيسين أن المباحثات لم تقف على معالجة الجوانب الأمنية على أهميتها بل تعدتها إلى تعزيز العلاقات ودفعها نحو التطبيع الكامل والانطلاقة نحو آفاق رحبة من التعاون والنماء لمصلحة الشعبين الشقيقين في السودان وتشاد.

واتهم الرئيسان بعضهما بعضا في الفترة الماضية بتقديم الدعم للأنشطة المسلحة المناوئة، حيث اتهم ديبي البشير برعاية المعارضة التشادية المسلحة، وتقديم الدعم لها، فيما اتهم البشير نظيره التشادي برعاية ودعم مسلحي دارفور. وقال ديبي إنه اتفق مع البشير على طي صفحة الخلافات بينهما، وبدء صفحة جديدة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار بالبلدين. وقال إن زيارته للسودان جاءت ليمد يده للبشير والسودان دون أي ضغوط ليعملا معا على إزالة الأضرار التي لحقت بالبلدين جراء الخلافات والحروب. وذكر أنه والبشير أدركا أن خيار السلام هو الأصوب، وأن صنع السلام والتنمية يحتاجان ويتطلبان التعاون والبناء. وأضاف: «أتيت بقلب مفتوح ويد ممدودة للسلام ولا أشك أن البشير يبادلني ويشاركني نفس الشعور وأن من واجبنا تطبيع العلاقات. وأكد أن زيارته للخرطوم تجيء تعزيزا لما تم الاتفاق علية في تشاد مؤخرا في هذا الصدد بين البلدين. وقال إن هذه الخطوة تجيء أيضا لتأكيد الجدية وللعمل على تحقيق سلام دائم بين البلدين.

ودعا ديبي معارضيه الذين يحملون السلاح للجوء للحوار لحل الخلافات الوطنية واختيار السلام بدلا من الحرب. وأكد أنه سيعمل على توفير الضمانات الأمنية اللازمة لهم مقابل التزامهم بالقانون واحترام سيادة الدولة ومؤسساتها. وعبر ديبي عن آماله في التسريع بدفع العملية السلمية في دارفور، وأضاف: «أتمني أن تحل مشكلة دارفور عبر التفاوض تحت رعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر». من جانبه، قال البشير في المؤتمر الصحافي المشترك إن «زيارة ديبي وضعت حدا نهائيا لأي مشاكل بين البلدين». وأضاف «لقد اتفقنا على العمل معا لتعزيز الأمن والاستقرار في كلا البلدين»، وقال: «إن البلدين صمما على جعل المنطقة الحدودية المشتركة منطقة تبادل منافع للشعبين الشقيقين، وأضاف أن في السودان 18 قبيلة مشتركة مع دولة تشاد وهذا كفيل بخلق الفرص المناسبة للعيش بسلام بين الخرطوم وانجمينا. وكشف الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني في تصريحات صحافية أن الاتفاق بين الرئيسين شمل تنشيط العلاقات الشعبية بين البلدين، واستئناف رحلات الخطوك الجوية السودانية بين الخرطوم وانجمينا ابتداء من الاسبوع القادم، وإعادة فتح المؤسسات السودانية بانجمينا ومن بينها مدرسة الصداقة السودانية - التشادية والمركز الثقافي السوداني فورا، وفتح القنصليات التي أغلقت في الجنينة وابشي فورا، واستمرار تنفيذ بروتوكول التوأمة بين الخرطوم والعاصمة التشادية انجمينا، وتنشيط زيارات الوفود الشعبية بين البلدين، وإقامة المعارض التجارية والثقافية بين البلدين، وتم الاتفاق في هذا السياق على تنظيم معرض سوداني تجاري ثقافي في انجمينا خلال الأسابيع القادمة.

إلى ذلك، أكد الموفد الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن لوكالة الصحافة الفرنسية في اتصال هاتفي من القاهرة إلى واشنطن أن تطبيع العلاقات بين تشاد والسودان يمكن أن يضع حدا «لانعدام الأمن في دارفور».

وقال موفد البيت الأبيض إلى السودان: «إننا ممتنون للغاية للحكومتين السودانية والتشادية اللتين مدت كل منهما يدها للأخرى. نعتقد أن هذا تطور تاريخي والأهم أنه أمر ضروري لإنهاء انعدام الأمن في دارفور». واعتبر غرايشن أن التطبيع الجاري بين تشاد والسودان «يمكن» أن يعطي دفعة جديدة لعملية السلام في الدوحة حيث تبدأ حركات تمرد مفاوضات مباشرة خلال أسابيع مع الحكومة السودانية.