الصومال: فرار الآلاف من منازلهم تحسبا لمعارك وشيكة في مقديشو

مصر تدرب 400 من قوات خفر السواحل الصومالية.. وقراصنة يفرجون عن زورق تايواني بعد دفع الفدية

صوماليون يفرون على ظهر حافلة هربا من إشاعات عن معارك مقبلة في العاصمة مقديشو أمس (رويترز)
TT

بدأ آلاف من سكان مقديشو الفرار مجددا من عدد من أحياء العاصمة، بعد تجدد المخاوف من اندلاع حرب وشيكة بين قوات الحكومة الصومالية، التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي، وبين المقاتلين الإسلاميين من حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضين.

وقد حشدت الحكومة الصومالية أعدادا كبيرة من قواتها في الخطوط الأمامية في المناطق التي تسيطر عليها، ووضعت هذه القوات في حالة استنفار قصوى. وتتابعت تصريحات المسؤولين الحكوميين، السياسيين والعسكريين، حول حملة عسكرية شاملة لإخراج المقاتلين الإسلاميين من العاصمة أولا، ثم من محافظات أخرى بجنوب ووسط البلاد.

وكانت مناطق عدة من مقديشو شبه مهجورة وخالية من السكان في الأشهر الأخيرة، بسبب الحرب الدائرة فيها، لكن من تبقى في هذه المناطق، وأبرزها في شمال المدينة وغربها، يفرون مرة أخرى تحسبا للمعارك الوشيكة بين قوات الحكومة الصومالية، التي تساندها قوات الاتحاد الأفريقي، وبين المقاتلين الإسلاميين المعارضين. ويتوجه معظم النازحين من العاصمة إلى معسكرات اللاجئين والقرى الريفية الواقعة بين العاصمة مقديشو ومدينة أفجوي، 30 كم غرب مقديشو، وتؤوي هذه المنطقة حاليا نحو نصف مليون لاجئ كانوا يشكلون نحو ثلث سكان مقديشو.

في هذه الأثناء، تدفق المئات من المقاتلين الإسلاميين الموالين لحركة الشباب المجاهدين، على العاصمة مقديشو استعدادا لمعركة حاسمة، وشوهد في الطريق السريع، بين مدينة أفجوي ومقديشو، مئات من المقاتلين الموالين لحركة الشباب على متن نحو 20 عربة ومدفعية في طريقهم إلى العاصمة، لتعزيز صفوف مقاتلي الشباب في مقديشو. وقدم المقاتلون من كيسمايو ومناطق أخرى تسيطر عليها حركة الشباب.

وقال الشيخ حسن يعقوب، المتحدث باسم سلطات حركة الشباب في مدينة كيسمايو إنهم مستعدون لإرسال المزيد من المقاتلين إلى العاصمة مقديشو لتعزيز مقاتلي الشباب في العاصمة، لصد الهجوم المرتقب الذي تنوي الحكومة شنه على المعارضة. ودعا يعقوب أنصار حركة الشباب والمقاتلين الإسلاميين إلى التأهب والاستعداد لمقاتلة ما وصفه بالأعداء وعملائهم في مقديشو. من جهتها، لا تزال القوات الحكومية تجري تحركات عسكرية مكثفة، وانتشرت القوات في مناطق جديدة من العاصمة، وشوهدت قوات حكومية تتحرك من قواعدها تجاه الخطوط الأمامية للقتال، وهي في حالة استنفار قصوى، ومع هذه الاستعدادات المكثفة من الجانبين كليهما، فإن تحديد توقيت انطلاق الحملة العسكرية، التي تعتزم الحكومة القيام بها، لا يزال حتى الآن في طي الكتمان، إلا أن الأجواء توحي بأن اندلاع المعارك بين الطرفين بات مسألة وقت فقط.

في هذه الأثناء، ارتفعت حصيلة القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال الـ24 ساعة الماضية إلى 70 شخصا ما بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين في اشتباكات وقصف مدفعي بين القوات الحكومية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، والمقاتلين الإسلاميين. وبدأ القصف بعدما أطلق المسلحون تجاه القصر الرئاسي وقواعد قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، قذائف الهاون بشكل كثيف، فيما ردت قوة حفظ السلام الأفريقية بقصف أحياء سكينة، تعتقد أن هجمات المسلحين الإسلاميين تنطلق منها، ومن بين المناطق التي تعرضت للقصف الكثيف سوق البكارو، كبرى أسواق العاصمة، وسوق بعاد ثانية كبرى أسواق العاصمة.

من جهة ثانية، قالت وكالة ملاحية إن قراصنة صوماليين أفرجوا، أمس، عن زورق صيد تايواني خطف قبل عشرة أشهر، وذلك بعد أن حصلوا على فدية. وكان زورق صيد التونة «إم في وين فار 161» قد خطف في أبريل (نيسان) من العام الماضي قرب جزر سيشل. وقالت «إيكوتيرا»، وهي منظمة تراقب السفن في مياه الصومال، إن الزورق به 27 بحارا.

وفي هذا السياق، أعلنت مصر موافقتها على طلب من الحكومة الصومالية تدريب عدد من قوات خفر السواحل الصومالية وقوات تابعة للحكومة لمواجهة القرصنة. وقالت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، إن استجابة مصر للطلب الصومالي تأتي في إطار الدعم المصري المتواصل للشعب الصومالي لمواجهة محنته، حتى يتحقق الأمن والاستقرار وتتراجع ظاهرة القراصنة أمام سواحله.

وأوضحت عمر أن مصر ستدرب ما يناهز مائتي فرد من القوات الصومالية التابعة لحكومة شيخ شريف أحمد الشرعية في الصومال، فضلا عن تدريب عدد مماثل من قوات الشرطة، في إطار دعم عملية بناء قدرات الدولة الصومالية، وتقديم المساعدات اللازمة التي تصب في النهاية في خدمة جهود السلام، حتى تتراجع ظاهرتي التطرف والعنف في دولة تمثل لمصر موقعا استراتيجيا على مدخل البحر الأحمر، إضافة لكونها دولة عربية وإسلامية شقيقة.

وبحسب عمر، فإن مصر تشارك في الاجتماعات الإقليمية والدولية كافة، المتعلقة بمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال، مشيرة إلى أن مصر رأست اجتماعا في نيويورك في الأسبوع الأول من الشهر الحالي لمكافحة القرصنة، كما تتداول هذه القضية خلال مشاوراتها السياسية مع الدول الغربية والأفريقية.

وشددت عمر على أن مصر مهتمة بتحقيق الأمن والاستقرار في الصومال، وتدعم الحكومة الشرعية برئاسة شيخ شريف أحمد بالوسائل الممكنة كلها، كما تدعم الجهود الأفريقية والدولية الرامية لتحقيق الأمن والسلام في الصومال، وبخاصة ما يقوم به الاتحاد الأفريقي في هذا الشأن من خلال قوات «الأمصوم»، مشيرة إلى أن الاتصالات المصرية مستمرة، وتشمل العلاقات الأقاليم الصومالية المختلفة كافة. وكشفت عمر أن رئيس «ولاية صومالي لاند» سيقوم بزيارة لمصر قبل منتصف فبراير (شباط) الحالي لإجراء مشاورات مع كبار المسؤولين المصريين.