الدراجات النارية كابوس يقض مضاجع الغزيين

تتسبب في الكثير من الحوادث آخرها أسفر عن مقتل 6 أشخاص

TT

لم يجد وليد يوسف (52 عاما)، المحاضر الجامعي بدا من الجلوس بصمت خلف مقود سيارته لأكثر من 10 دقائق حتى تخف وطأة الازدحام المروري أمام سوق السيارات الدولية، في حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، التي تحولت عمليا إلى سوق للدراجات النارية، في ظل النقص الشديد في السيارات والفائض الكبير في هذا النوع من وسائل النقل، الذي يتدفق بشكل كبير على قطاع غزة عبر أنفاق التهريب على الحدود الجنوبية مع مصر.

ضاقت ساحة السوق التي تبلغ مساحتها أكثر من 10 دونمات بالدراجات النارية، فلم يجد المتاجرون بها والراغبون في شرائها بدا من استغلال الرصيف الذي يفصل السوق عن شارع صلاح الدين، الرئيسي في غزة والذي يربط شمال القطاع بجنوبه، وهو ما يؤدي إلى اختناقات مرورية، وهذا عادة ما يحدث يومي السبت والثلاثاء الموعد الأسبوعي لالتئام السوق.

وعلى الرغم من الإجراءات التي شرعت فيها حكومة إسماعيل هنية المقالة للحد من جلب مزيد من الدراجات النارية، والتي تمثلت في التشديد في المطالبة بالحصول على ترخيص لها، علاوة على اشتراط الحصول على رخصة قيادة خاصة للراغبين في اقتنائها، فإن عددها يزداد بشكل كبير، لكن الحصول على رخصة قيادة لم يشكل عقبة، خاصة أن تحصيلها ليس بالأمر الصعب، كما أن ثمنها ليس كبيرا، يضاف إلى ذلك النقص الشديد في أعداد السيارات الناجم عن الحصار وأثمانها الباهظة إن توفرت.

ويثير الإقبال الشديد على اقتناء الدراجات النارية سخط الكثير من الأوساط الشعبية في قطاع غزة، بسبب دورها الكبير في حوادث الطرق القاتلة، إذ شهدت هذه الحوادث ارتفاعا كبيرا في عددها، ما جعل الأوساط الجماهيرية وعلماء الدين يطالبون السلطات بفرض المزيد من القيود على اقتناء وقيادة الدراجات النارية، والفواجع التي تلحق بالأسر الفلسطينية جراء هذه الدراجات كبيرة جدا.

وفي صباح الجمعة الماضي، كانت مجموعة من عناصر جماعة التبليغ والدعوة الإسلامية تستقل حافلة من مقر الجماعة عند الطرف الشمالي لمخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع متجهة لمدينة غزة شمالا، وبينما كانت الحافلة تعبر فوق الجسر المنتصب على وادي غزة، كانت سيارة شحن كبيرة تسير في الاتجاه المقابل، وفجأة انطلقت دراجة نارية على شمال سيارة الشحن، فحاول السائق تفادي إصابة الدراجة لكنه اصطدم بقوة بحافلة عناصر التبليغ والدعوة، وكانت النتيجة أن قتل 6 أشخاص منهم وجرح عدد آخر. وأسهم هذا الحادث الذي يعد أكثر حوادث السير دموية في قطاع غزة، خلال الأعوام الخمسة الماضية فقط، في زيادة حدة المطالب باتخاذ إجراءات رادعة للحد من انتشار هذه الدراجات التي باتت تشكل خطرا داهما يهدد الأمن الشخصي للغزيين. وفي سرادق العزاء الخاص بميسرة الشريحي، أحد الشباب الذين لقوا حتفهم في الحادث، ظل المشاركون يشيرون إلى حقيقة أن معظم الذين يقتنون الدراجات النارية هم من الشباب صغار السن، والكثير منهم لم يحصل على إعداد مهني، حيث يقومون بقيادة الدراجات في المناطق التي لا توجد فيها دوريات شرطة السير، وما يدلل على حالة الفزع التي أصابت الغزيين جراء هذه الدراجات، هو أن أولياء الأمور أصبحوا يحرصون على توصية أبنائهم الصغار، الذين يتوجهون إلى المدارس في الصباح والمساء، بأن يلتزموا المشي بالقرب من جدران المحلات والمنازل حتى يكونوا في منأى عن خطر الدراجات النارية.