«ساعة رفيق الحريري» ومشروع «العبور إلى الدولة».. عنوانا احتفالات قوى «14 آذار» هذا العام

ساحة الحرية في وسط بيروت تستعد لاستقبال الذكرى الخامسة لرحيله

TT

«كرمال لبنان.. كرمالك نازلين».. هذا الشعار اجتاح اللافتات المرفوعة بكثافة في بيروت تحديدا، إضافة إلى باقي المناطق اللبنانية، مقرونا بالدعوة إلى المشاركة يوم الأحد المقبل في تمام الساعة العاشرة. أما المكان فهو «ساحة الحرية» التي تحتضن عاما بعد عام ذكرى اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في التاريخ ذاته عام 2005. تصميم الشعار يحرص على إبراز محورين؛ الأول لبناني شامل قد يراه البعض تأكيدا لاستمرار «ثورة الأرز» وتحالف «14 آذار» على الرغم من كل المستجدات الأمنية والسياسية. وقد يراه البعض الآخر إعلانا عن مرحلة جديدة تتركز على توضيح أهمية المشاركة في ظل التغييرات المتسارعة التي يمكن أن تكون قد شوشت جمهور «14 آذار» عموما، وجمهور تيار «المستقبل» تحديدا، بالتزامن مع الانعطافات السياسية التي يمر بها لبنان في سياق المشهد الإقليمي العام. أما المحور الثاني فتدل عليه صورة الرئيس الراحل رفيق الحريري التي تتوسط الشعار يؤطرها اللون الأحمر من العلم اللبناني.

ولادة فكرة الشعار يوضحها المسؤول عن تحضيرات الذكرى صالح فروخ لـ«الشرق الأوسط»، فيقول إن «شعار هذه السنة انبثق من مداولات لجنة التحضير للمناسبة التي ترأسها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وارتكزت فيها النقاشات بشكل أساسي حول مشاركة اللبنانيين استنادا إلى أولوية المحافظة على الإنجازات التي تم تحقيقها خلال المرحلة التي تلت جريمة الاغتيال وتستوجب المصلحة الوطنية العليا صيانتها وحمايتها وتعزيزها، إضافة إلى تحقيق آمال الناس في ترسيخ العيش المشترك القائم على الاعتدال والأمل في مستقبل مشرق». ويضيف: «كذلك يرتبط الشعار بالوفاء للشهيد رفيق الحريري بعد خمس سنوات على غيابه، للتأكيد على الدور الكبير للراحل الذي دفع حياته ثمن الآمال المعقودة على إيمانه بلبنان. وهذا التزاوج بين مسيرة الحريري الأب والحريري الابن هو ما يكرسه الشعار الذي يبين أن هذه المسيرة التي بدأها الراحل بما حققه في حياته وحتى بعد رحيله المفجع ساهمت وتساهم في إنجاز العيش المشترك».

الحملة الإعلانية التي ترافقت مع التحضيرات ليوم الأحد المقبل، لا تخرج عن سياق الشعار. وترويها الفواصل الإعلانية التي تدعو إلى الاستمرار في مسيرة بناء لبنان، التي تبثها غالبية وسائل الإعلام اللبنانية، خاصة مع أغنية ماجدة الرومي «عم بحلمك يا حلم يا لبنان»، لتظهر الصورة مع توالي عبارات تحدد الأولويات الوطنية، فتبدأ بالإنجازات الثقافية والفنية والسياحية والاقتصادية لتنتهي بـ«معا صمدنا بوجه أكبر الأزمات»، و«معا حصلنا على المحكمة الدولية». وكذلك تستعاد شعارات الأعوام الماضية التي تحافظ على إيقاع معتدل غير استفزازي. أما «التعبئة الجماهيرية»، فيتولاها الشريط الإخباري لتلفزيون «المستقبل» بمحطاته الأرضية والفضائية والإخبارية، بحيث تصدر الدعوات للمشاركة الكثيفة عن كل القوى المنضوية تحت لواء «تيار المستقبل» أو الصديقة والحليفة لهذا التيار، بدءا بكبار القادة ومرورا بالوزراء والنواب والجمعيات ومنها «عشائر عرب المسلخ وسيدات الطريق الجديدة ومنارة بيروت» وليس انتهاء بغرف التجارة والمؤسسات الاقتصادية وأهالي الضحايا الذين سقطوا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

كذلك خصصت برامج تلفزيون «المستقبل» طوال الأسبوع الحالي لهذه الذكرى، وفتحت شاشاتها لقادة قوى «14 آذار» لتتمحور المقابلات والأفلام التسجيلية حول فلك المناسبة، وتختتم مساء الجمعة المقبل بحوار يجريه الإعلامي علي حمادة مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بمشاركة من تلفزيون «إم تي في» يتولاه الإعلامي وليد عبود.

هذا في الإعلام الذي لم تدخر أي وسيلة منه مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو إلكترونية جهدا للتذكير بأن الساعة العاشرة من صباح الأحد 14 فبراير (شباط) هي «ساعة رفيق الحريري» والمشاركة هي واجب وطني «كرمى له» ولمشروع «العبور إلى الدولة» الذي يحمله رئيس الحكومة سعد الحريري. أما على الأرض، فالحركة نشيطة للتواصل مع الجمهور وكل المناطق المفتوحة لذلك، إنْ من خلال التعبئة والحشد والنداءات التي بدأت، أو من خلال لجان تنظيمية تشكلت في المناطق، في حين أبقت الأمانة العامة لـ«14 آذار» اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التحضير للمهرجان.

ويقول فروخ: «منذ أول من أمس بدأ تجهيز المكان لاستقبال المواطنين كما في كل عام. وفي حين تتحضر الجماهير للنزول إلى ساحة الحرية ومن كل المناطق اللبنانية. نعمل في تيار المستقبل على تسهيل الأمور اللوجستية لوصولهم بسلام، سواء لجهة خطوط السير أو لجهة تحديد مواقف الباصات والسيارات في بيروت للقادمين من المناطق تجنبا للفوضى. كما تنشط مكاتب التيار في المناطق ومن خلال لجانها في التحفيز على المشاركة من القرى والبلدات. أما عن مشاركة جمهور قوى «14 آذار» فهناك غرفة عمليات مشتركة في الأمانة العامة تتكامل فيما بينها وتعمل وفق تنسيق لصيق يجمع مختلف أطراف هذه القوى لتنظيم أكبر حشد من خلال التواصل مع الناس».

وفي حين لم يحدد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط نوعية مشاركته، وإن كان قد أكد عليها، يغيب خطابه عن المناسبة، مع الإشارة إلى أن هذا الخطاب وطوال الأعوام الماضية كان الأكثر حدة وتجييشا للجماهير. وبالتالي يتضمن برنامج الاحتفال بالذكرى كلمات لكل من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع. ويقول فروخ: «تتميز الذكرى هذا العام بعنوانين؛ الأول تولي سعد رفيق الحريري رئاسة حكومة كل لبنان وللأمر أبعاده التي تعني الكثير. والثاني أن هناك حكومة وحدة وطنية تترجم رغبة الحريري في الانفتاح على الشركاء في الوطن وتحقيق المصلحة الوطنية العليا. بالتالي فالخطاب لهذه المناسبة سيكون معتدلا من دون تشنج أو استفزازات. وهذا الهدوء هو بالتحديد ما يعكس نهج الرئيس الراحل رفيق الحريري وشخصيته».

ويشير إلى أن الاحتفال يتضمن برنامجا فنيا وثقافيا يلائم المناسبة مع أغان وطنية ينشدها كل من عبد الكريم الشعار ورنيم الشعار وتانيا قسيس وجوزيف عطية.