إمام الحرم المكي: المتسللون انتهكوا حدودا آمنة ولم يبالوا بحسن الجوار

خطبة الجمعة تمحورت حول الاعتداءات على الحدود السعودية

TT

وصف الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، المعتدين الذين تسللوا من الحدود الجنوبية للسعودية بـ«الفئة الباغية التي كبلها المكر والبهتان»، مبينا أنهم لم يبالوا بحسن الجوار وانتهكوا حدودا آمنة. وأكد أن المعتدي «كان يظن أن الوطن سوف يمد له يدا بالزهور إذا رمى»، مشددا على أن فعلهم هذا «بئس الصنيع الشنيع لهذا التسلل، فارتكزوا في مستنقع الغدر وهانوا، وعلى حقوق الجار تمردوا، وذلك هو الجرم المبين والإفك الأثيم».

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالحرم المكي، والتي تمحورت حول أحداث اعتداءات المتسللين على حدود المملكة العربية السعودية الجنوبية، مشيدا خلالها بالنصر المؤزر الذي حققه الجنود المرابطون وتضحياتهم الكبيرة لدحر العدوان، ودماء الشهداء الزكية التي عطرت ثرى الوطن الغالي، وشدد على أن الأوطان أسمى من أن تفسر بالتراب والطين «بل هي حمى العقيدة والدين والجوهر الثمين من المحارم والمكارم التي جمعها الدين القويم».

وعن اعتداء المتسللين على حدود المملكة تساءل السديس «أين حجى المعتدي ورشاده؟ وأين منه عقله وسداده؟»، وقال «لو كان ذا رأي لقدر أمره، وعاد عن إرهابه وتأثم، أو كان ذا عقل لصان رجاله حقا وبادله الوفاء وعظم»، مبينا أنه وضح للمتسللين بجلاء توطنهم البغي، وما أظهروه من حقد وغدر أقل مما بطن، وقال «لن يطمحوا في سلام في وطن أو يعشقوا هناء في زمن، فهم قد سعوا في أرضهم بالفساد والعناد، ويريدون في رباط الأشقاء أن يتنافر». وتساءل «كيف يفكر هؤلاء وفي هذه الديار في قلب كل مسلم حب في السويداء مصدور وفي كل جيل تاريخ منشور وكل هيجاء لواء منصور؟».

وثمن انتصار القوات المسلحة السعودية في المواجهات، وقال «إنه بعد أن قدر الله النصر المبين والظفر والتمكين، واجتثت من المتسللين أصولهم، وفلتت نصولهم، وارتدوا إلى جحورهم والهزيمة تستعر في نحورهم، وانقلبوا بخناجرهم في حناجرهم، فإننا نلهج بالشكر والثناء للباري جل وعلا، كما نرفع تحية مكبرة زكية مكررة ومعطرة، تحية إجلال واعتزاز وثناء وفخر إلى جنودنا الأشاوس، ورجال أمننا حماة المتارس المرابطين على ثغورنا الأبية من فتية طاف الجلال بمجدهم وعشقوا العلا ورحابة الميدان».

وخاطب إمام وخطيب المسجد الحرام الجنود المرابطين على طول الشريط الحدودي، وقال «يا كتائب البطولة وحواريي الرجولة، بوركتم ووفقتم وأجرتم إذ سهرتم ونمنا وذدتم فأمنا في استبسال، وخضتم المعارك فوجب علينا الدعاء لكم، فطوبى لكم قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: (عينان لا تمسهما النار، عينا بكت من خشية الله، وعينا باتت تحرس في سبيل الله)».

مؤكدا أن تلك الزوبعة الرعناء بدخول بعض المتطفلين والمتسللين، لن تزيد هذا الوطن إلا «صمودا في الحق والنصرة لقضايا مجتمعنا وأمتنا، وسدادا في الأمور، وثقة بوعد الله بالنصر في دينه وأوليائه». وأشار إلى أنه «لن يطوح بنا نكران الإحسان والتربص دون توان في شغفات اليأس والإحباط». وبين أن المعتدي ولفت النظر إلى أن الاستبشار في نهاية الأحداث «ينبغي ألا ينسينا قضايانا وقضايا أمتنا، لا سيما قضيتنا الكبرى قضيه فلسطين والأقصى وما يلفها في هذه الآونة بالذات من مآس واعتقالات وتعديات واستطالة ساخرة في الهدم والحصار والاعتداءات، واستمرار للضربات والغارات، مما أوصل الأسى مداه، وبلغ من السيل زباه، لذا وبراءة للذمة وقبل أن تستيقظ الأمة على سلب مقدساتها ونهب مقدراتها». وقال «نناشد قادة المسلمين وأصحاب القرار في العالم من منبر المسجد الحرام من جوار الكعبة وزمزم والمقام، التصدي بكل قوة وحزم للتهديدات الصهيونية والتنكيلات اليهودية غير الإنسانية ضد إخواننا في فلسطين، ورفع الظلم عنهم والحصار، والتصدي لما يلقون من يهود من مكر كبّار، مع كل ذلك فإننا متفائلون بإذن الله بالنصر المؤزر القريب».