فرنسا تشكك بقدرة إيران «اليوم» على تخصيب اليورانيوم بنسبة 80%

كوشنير: لبنان من بين الدول التي تسعى باريس لإقناعها بفائدة العقوبات الإضافية على طهران

TT

فيما تلتزم الولايات المتحدة الأميركية موقفا متحفظا نوعا ما إزاء التطورات الداخلية في إيران، تستمر فرنسا في سلوك منهج متشدد وفي ممارسة ضغوط قوية على طهران في موضوعي القمع الداخلي وانتهاكات حقوق الإنسان من جهة وفي الموضوع النووي من جهة أخرى.

وأصدرت الخارجية الفرنسية أمس بيانا نددت فيه بشدة بلجوء قوات الأمن الإيرانية المتكرر إلى العنف ضد المتظاهرين وبأحكام الإعدام المتكاثرة والاعتقالات الكيفية وتعرض زعماء المعارضة للاعتداء والاغتيالات وأعمال التعذيب في السجون، كذلك نددت باريس بانتهاك حرية الصحافة والتعرض للصحافيين وإغلاق مواقع الإنترنت بما يناقض التزامات إيران إزاء الاتحاد الدولي للاتصالات.

ودعت باريس «السلطات الإيرانية» إلى «احترام حق التعبير الديمقراطي» للمواطنين والأحزاب السياسية وضمان حرية الإعلام وأخيرا إلى إطلاق سراح كل الأشخاص المعتقلين من غير وجه حق، واعتبرت فرنسا أن النهج الذي تسير عليه القيادة الإيرانية يعزلها أكثر فأكثر عن الشعب كما يزيد عزلة إيران على الساحة الدولية.

وتعتبر فرنسا أن النظام في إيران أصيب بالوهن، وبحسب وزير الخارجية برنار كوشنير، فإن 60 إلى 70 في المائة من الإيرانيين يعارضون النظام الحالي كما تعارضه نسبة واسعة من رجال الدين الشيعة، ووصف كوشنير أمس النظام الإيراني بأنه «ديني ودكتاتوري».

ويستشف من التصريحات الفرنسية أن باريس «تراهن» على تفتت النظام الإيراني بسبب المعارضة والتشققات الحاصلة داخل صفوفه، وهذا الموقف لم تعبر عنه الإدارة الأميركية التي تبتعد عن الخوض في الوضع الداخلي الإيراني وفي حالة النظام، وسبق للوزير كوشنير أن أعلن سابقا أن «الموجة الخضراء» أي المعارضة ستنتصر في إيران، غير أنه نبه إلى ضرورة «عدم التدخل المباشر» في الشؤون الإيرانية لتفادي حرب أهلية واتهام المعارضة بالتواطؤ مع الغرب.

ونفى كوشنير في حديث أمس لإذاعة «أوروبا رقم واحد» أن تكون باريس أو الغرب يقفان موقفا «انهزاميا» إزاء طهران، مشيرا إلى «الاحتجاجات» القوية الصادرة عن باريس وإلى التشدد إزاء النووي الإيراني ما تعكسه محاولة استصدار قرار جديد من مجلس الأمن يتضمن عقوبات اقتصادية مشددة.

غير أن الوزير الفرنسي حرص، في الوقت نفسه، على إسماع «نغمته» الخاصة لجهة حرصه على ألا تصيب العقوبات الشعب الإيراني ما يعني عمليا استبعاد اتخاذ عقوبات تتناول القطاع النفطي الإيراني وتحديدا استيراد طهران للبنزين والمشتقات البترولية، كذلك نأى كوشنير بنفسه عن الذين يعتبرون، ومنهم الرئيس الأميركي أوباما، أن العقوبات الإضافية يمكن أن تفرض سريعا على إيران، وكان كوشنير عبر عن هذا الموقف يوم الاثنين الماضي لدى لقائه الصحافة الدبلوماسية في باريس.

وفيما أكد الوزير الفرنسي أن «العمل جارٍ في الوقت الحاضر» في نيويورك لبلورة مشروع قرار جديد، اعترف أنه ما زال يتعين اجتذاب الدول التي «تعتبر العقوبات غير مفيدة» وتحديدا إقناع الصين للسير بها، وقال كوشنير إن بلاده التي ترأس مجلس الأمن الدولي «تعمل مع الصينيين والروس والأميركيين والبريطانيين وبعض الدول القريبة نسبيا من إيران، التي تكن الإعجاب (للرئيس) أحمدي نجاد ومنهم أصدقاؤنا البرازيليون واللبنانيون».

وجدير بالذكر أن كوشنير سيلتقي الاثنين القادم أنطونيو دي أغيار باتريوتا، أمين عام وزارة الخارجية البرازيلية، وبحسب الخارجية الفرنسية، فإن الملف الإيراني سيكون من بين المسائل الدولية التي سيجري البحث فيها مع المسؤول البرازيلي.

أما بخصوص لبنان، فإنها المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول فرنسي علنيا عن موقف لبنان بشأن العقوبات في مجلس الأمن الدولي، وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الموضوع بحث مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في زيارته لباريس الشهر الماضي، وترى فرنسا أن لبنان موجود في وضع «حساس» إذ لا يستطيع مجاراة الدول الغربية في التصويت لصالح العقوبات مخافة الإضرار بالاستقرار السياسي الهش في البلاد وإغاظة لإيران وسورية ولا يستطيع التصويت ضدها مخافة إضاعة الدعم الذي يحظى به من الغرب بما في ذلك المساعدات العسكرية الأميركية، وترجح باريس أن يعمد لبنان للامتناع عن التصويت في حال طرح المشروع على التصويت.

وفي سياق موازٍ، شكك الوزير الفرنسي - كما فعل قبله الرئيس أوباما - بمصداقية إيران عندما تؤكد بلسان رئيسها أنها قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 80 في المائة أو أنها قادرة على تصنيع السلاح النووي لو أرادت، وقال كوشنير، إن مثل هذه التصريحات «خطيرة وتزيد من حدة التوتر في منطقة بالغة الخطورة»، في إشارة للشرق الأوسط، مضيفا أن «ما لا يصدقه الأميركيون لا نصدقه نحن» إذ لا نعتقد أن الإيرانيين «قادرون الآن على تخصيب اليورانيوم بدرجة 80 في المائة»، غير أنه في الوقت نفسه نبه لما يترتب عليه السلوك الإيراني لجهة الدفع باتجاه سباق للتسلح النووي في الخليج ولجهة تسليح حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.

وقال مصدر فرنسي رسمي قريب، إن الوقت اللازم للتوصل إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 80 في المائة «أقصر» من الوقت اللازم للتوصل إلى التخصيب بنسبة 20 في المائة، ما يعني أن امتلاك طهران لتكنولوجيا التخصيب الأساسية سيمكنها من التعجيل في برنامجها النووي لاحقا.