الخلافات تحول دون اتفاق مجلس الوزراء على مشروع إصلاحي للانتخابات البلدية

السيد حسين لـ «الشرق الأوسط»: النسبية تلائم التركيبة اللبنانية.. والإرباك حاصل داخل الكتل

TT

لا يزال مصير الانتخابات البلدية في لبنان، المفترض أن تجرى في مايو (أيار) المقبل، متأرجحا بانتظار جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الأربعاء المقبل. وأشارت التصريحات التي أعلنها ممثلو الكتل السياسية الرئيسية إلى أن نقاط الخلاف تفوق بكثير نقاط التوافق، إن لجهة بند النسبية أو لجهة تقسيم بيروت إلى دوائر، مما يعني أن الجلسة المقبلة لن تحمل الحلول المنشودة لجهة إمكانية إنهاء البحث في الإصلاحات التي اقترحها وزير الداخلية زياد بارود والتوافق على الصيغة النهائية للمشروع ورفعه إلى مجلس النواب حتى تناقشه اللجان ومن ثم يصار إلى إقراره. هذا التأرجح دفع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري إلى التأكيد على إجراء الانتخابات ضمن المهل المحددة.

ويرى بعض المراقبين أن الأمور تتجه إلى عدم إقرار السلة الإصلاحية مهما تكثفت جلسات مجلس الوزراء، والسبب أن مصالح السياسيين على اختلاف مشاربهم تتعارض مع الإصلاحات المطروحة، وبالتالي فإن موقف سليمان يعكس اقتناعه باستحالة التوافق على الإصلاحات الرئيسية، وتحديدا بند النسبية. إلا أن وزير الدولة عدنان السيد حسين أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع النسبية لم يسحب نهائيا وستتم مناقشته في جلسة الأربعاء المقبل. غير أن الإرباك حاصل داخل الكتل، ففي كتلة واحدة نجد أن البعض يؤيد النسبية والبعض الآخر يرفضها. لذا هناك مداولات طويلة وآراء متعددة. لكن الأفضل يبقى في التوصل إلى إقرار لبند النسبية في الانتخابات البلدية تمهيدا لاعتمادها في الانتخابات النيابية المقبلة».

وعن موقف سليمان القاضي بأن تجرى الانتخابات البلدية في موعدها ولو على أساس القانون القديم، قال السيد حسين «الرئيس لا يريد أن تطول فترة المداولات لاتفاق على مشروع القانون، وذلك احتراما منه للدستور والنواحي القانونية. الأفضل أن تتم العملية الانتخابية وفق القانون القديم. لأن الفراغ لا يجوز. لدينا 145 بلدية منحلة، إما بسبب وفاة عدد من أعضائها، أو سفر عدد آخر، أو استقالة أكثر من نصف أعضاء المجلس البلدي. هذا هو الهدف من الإصرار على عدم التأجيل». وأضاف «لا ننسى أننا لا نزال في مرحلة تقديم مشروع إلى مجلس النواب الذي يملك وحده إقرار القانون. ولا نستطيع حشر مجلس النواب واللجان البرلمانية، لأن الترشيحات للانتخابات يجب أن تتم قبل شهرين من موعد إجرائها أو بعد شهر على أبعد تقدير. حتى لو تم تأجيل موعد إجرائها من مايو (أيار) المقبل إلى يونيو (حزيران) يجب أن ننهي عملنا كمجلس وزراء ونقدم المشروع إلى مجلس النواب لينهي عمله بدوره».

وأشار إلى أن «النسبية تلائم التركيبة الاجتماعية اللبنانية، لأنها تحفظ الأقليات العائلية والدينية في المناطق. وهي بند إصلاحي مهم وأساسي، وسليمان حريص على إقرار أي بند إصلاحي». كما أشاد بـ«الإنجازات المتواضعة» التي تمكن بارود من تحقيقها لجهة فرض «الكوتا النسائية» واللوائح المطبوعة. وقال «مبدأ اللوائح المطبوعة يحد من التلاعب والتزوير والتواطؤ بين بعض القوى السياسية ورؤساء الأقلام. كما يحد من الأخطاء الناجمة عن تشابه الأسماء، والأمر شائع في كثير من المناطق والقرى». وأوضح أنه «يمكن إقرار النسبية بعد تعديل بعض التفاصيل». وأشار إلى أن «بارود طرح أن يصار إلى اعتمادها في 16 بلدية كبرى، لكن الحريري فضل أن تعتمد في كل المناطق. والأمر ليس مستحيلا. المطلوب تدريب الموظفين على طريقة احتساب الأصوات وتشكيل لجنة مختصة بالعملية بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء».

وكثرت، أمس، التكهنات عن رغبة غير معلنة لغالبية القوى السياسية في تأجيل الانتخابات البلدية إلى أجل غير مسمى في ظل التجاذبات الحاصلة، لا سيما بعد أن أعلن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أنه يصر على ربط إجراء الانتخابات بالإصلاحات. ويقول السيد حسين في هذا الإطار «ربما يضغط عون باتجاه بعض الإصلاحات، وأهمها النسبية التي إذا أقرت ستحل مشكلته بشأن تقسيم بيروت إلى دوائر». وشدد على وجوب أن «تجرى الانتخابات البلدية في موعدها»، وأضاف «يجب أن تكون الأمور واضحة، وإذا أراد البعض أن يؤجل الانتخابات، فليقل ذلك بصراحة. ذلك أن مصالح البعض تتوافق مع بقاء بلديات بعينها على حالها. كما أن البعض الآخر يرى أن الانتخابات قد توتر الأجواء السياسية ويفضل عدم حصولها».

وفي حين رفض سليمان خلال جلسة الأول من أمس طرح وزير الطاقة جبران باسيل سحب مشروع تخفيض سن الاقتراع لأنه مطلب شبابي قديم، أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري المشروع إلى التداول، مع دعوته إلى عقد جلسة عامة في 22 و23 من فبراير (شباط) الحالي لإقرار مشروع القانون الدستوري الرامي إلى تعديل المادة 21 من الدستور والمتعلق بخفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 سنة. وقد ترافقت هذه الدعوة مع جملة «سجالات تقليدية»، منها إعادة النظر في قانون الجنسية ومنح المغتربين حق المشاركة في الاقتراع، انطلاقا من أن المسيحيين يريدون هذه الإصلاحات سلة واحدة خوفا من التباين الديموغرافي لغير مصلحتهم.

وأكد النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» فريد الخازن على «ضرورة إجراء الإصلاحات على قانون الانتخاب». ولفت إلى أن «ما قاله عون يهدف للضغط على إجراء الإصلاحات على قانون الانتخاب لا لجهة تأجيل الانتخابات». كما أشار إلى أن «مشروع قانون خفض سن الاقتراع يبقى مدار بحث ومشاورات، وهو موضوع خلافي، ويجب التفاهم على مخرج ما». واعتبر أن «ربطه بآلية انتخاب المغتربين يعتبر إشكالية كبيرة. وضروري التعاطي بهدوء وبمنطق للتفاهم على هكذا نوع من التعديلات الدستورية».