أوباما يتولى ملف محاكمة خالد شيخ محمد وزملائه

بسبب هجوم سياسي وشخصي

خالد شيخ محمد («الشرق الأوسط»)
TT

بسبب نقد عنيف من قادة الحزب الجمهوري، ونقد شخصي من جمهوريين متطرفين، طلب الرئيس باراك أوباما من إريك هولدر وزير العدل، ملف محاكمة خالد شيخ محمد، مخطط هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، وبقية الإرهابيين، ليقرر هو، بنفسه، محاكمتهم في محاكم مدنية أو عسكرية، وفي أي ولاية، وفي أي مدينة.

وتولى وزير العدل الملف منذ السنة الماضية، عندما أعلن أن خالد شيخ محمد وزملاءه سينقلون من قاعدة غوانتانامو، حيث كانت بدأت إجراءات محاكمتهم عسكريا، إلى نيويورك، ليحاكموا أمام محكمة مدنية. وفي الشهر الماضي، بعد اعتقال النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، الذي حاول تفجير طائرة أميركية في طريقها من أمستردام إلى ديترويت، أعلن وزير العدل أنه، أيضا، سيقدم إلى محكمة مدنية. وأن محققي «إف بي آي» حققوا معه حسب الإجراءات المدنية الأميركية، وسمحوا له بمحام.

في البداية، شن قادة الحزب الجمهوري هجوما عنيفا على وزير العدل، وقالوا إن الإرهابيين يجب إلا يحاكموا في محاكم مدنية. ولا يجب أن يحقق معهم تحقيقا مدنيا. وأن خالد شيخ محمد وزملاءه يجب ألا ينقلوا إلى نيويورك ليحاكموا أمام محكمة مدنية.

لكن خلال الأسبوع الماضي، تطور الهجوم وشمل الرئيس أوباما. واتهم مهاجمون أوباما بأنه يتساهل مع الإرهاب والإرهابيين.

وأمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست»، التي نشرت خبر تحويل الملف إلى أوباما: «صار أوباما يحس أن هذا الموضوع لم يدر بالطريقة الصحيحة، وسبب له مشكلة جديدة، بالإضافة إلى المشكلات الأخرى التي يواجه بسببها نقد قادة الحزب الجمهوري»، إشارة إلى المشكلات الاقتصادية وأسلحة إيران النووية وغيرها.

ونشرت الصحيفة مقابلة مع وزير العدل، وأنه قال إن خالد شيخ محمد وزملاءه «ربما سيحاكمون أمام محكمة عسكرية، رغم أنه هو نفسه لا يريد ذلك». وأضاف وزير العدل: «في أي مدينة وفي أي محكمة سيحاكمون، يجب أن نتأكد أن المحاكمات ستكون علنية وشفافة وحسب كل القوانين».

وقال مراقبون في واشنطن إن الرئيس أوباما ووزير العدل فوجئا بالهجوم الحاد الذي شنه عليهما قادة الحزب الجمهوري. خاصة وأن جمهوريين محافظين إعلاميين بالغوا في الهجوم على أوباما، وحولوا الهجوم من موضوع قانوني إلى موضوع شخصي. وفي الأسبوع الماضي، وصف شون هانيدي، مقدم برنامج إذاعي يومي محافظ، أوباما بأنه «يريد تحويل أميركا إلى دولة اشتراكية (إشارة إلى البرامج الحكومية الصحية والاجتماعية التي اقترحها)، وإلى دولة من دول العالم الثالث (إشارة خبيثة إلى أن أوباما ووزير العدل من السود)».

وأيضا في الأسبوع الماضي، كرر رش ليمبو، وهو أيضا مقدم برنامج إذاعي محافظ يومي، اسم «باراك حسين» واسمي «أوباما وأسامة» (إشارة إلى أسامة بن لادن) عندما انتقد عدم محاكمة الإرهابيين في محاكم عسكرية.

وأمس، نشرت «واشنطن بوست» تصريحات لقادة في الحزب الجمهوري، لم يهاجموا أوباما شخصيا، لكنهم انتقدوا محاكمة الإرهابيين في محاكم مدنية. وقال عضو الكونغرس بيتر كينغ (جمهوري من ولاية نيويورك): «كيف حدث هذا؟ كيف قرروا محاكمة الإرهابيين في محاكم مدنية؟» وأضاف: «يخالف هذا الحقائق السياسية. يخالف الحقائق الحزبية (يقصد معارضة الحزب الجمهوري للمحاكم المدنية)، ويخالف أحاسيس الشعب الأميركي».

وكان استفتاء أجري أول من أمس، أوضح أن أغلبية كبيرة وسط الأميركيين، تؤيد محاكمة الإرهابيين في محاكم عسكرية، رغم أن أغلبية عارضت التحقيق معهم عسكريا، لتحاشي اتهامات تعذيب الإرهابيين.

وقال مراقبون في واشنطن إن تحويل ملف محاكمة خالد شيخ محمد وزملائه الأربعة إلى الرئيس أوباما أثار ضجة داخل البيت الأبيض حول مسؤولية وزير العدل.

إلى ذلك، يشعر مسؤولون داخل البيت الأبيض أن وزير العدل هو الذي قرر محاكمة الإرهابيين في محكمة مدنية في نيويورك. وأنه الآن يتحمل مسؤولية الخطأ الذي ارتكبه. وإذا زاد هجوم قادة الحزب الجمهوري، فربما سيكون وزير العدل هو كبش الفداء. سيجب عليه أن يعتذر، على الأقل، وربما سيضغط عليه ليستقيل. وفي جانب آخر، يحس مسؤولون آخرون أن أوباما لم يعترض على قرار وزير العدل في البداية. لكن، اعترض عليه مؤخرا عندما أحس بنتائج الهجوم الحاد، الشخصي وغير الشخصي، عليه من قادة الحزب الجمهوري.

هذا بالإضافة إلى أن أوباما يواجه حقيقة أن الكونغرس يقدر على رفض اعتماد ميزانية محاكمة الإرهابيين في محاكم مدنية. وأن أغلبية في الكونغرس، من الحزب الجمهوري، وعددا غير قليل من الحزب الديمقراطي، تقدر على تحدي أوباما. وعلى رفض اعتماد ميزانية المحاكمات، وخاصة ميزانية توفير قوات أمنية كافية، وذلك بسبب الخوف من هجوم إرهابي خلال المحاكمات.