هل أفلست «القاعدة»؟

إسلاميو لندن لـ «الشرق الأوسط»: قيادات تنظيم بن لادن ليست لديهم حسابات مالية.. والأموال تصلهم «يدا بيد»

TT

كشف تقرير مجلة «فوربس» الأميركية الاقتصادية في عددها لشهر مارس (آذار) المقبل أن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن يعاني من مشكلات مالية كبيرة تحول دون تنظيم عملياته.

وتضمن عدد المجلة، حسب موقعها على شبكة الإنترنت، تقريرا بعنوان «هل أفلس تنظيم القاعدة؟»، استند إلى معلومات ديفيد كوهين، رئيس قسم مكافحة تمويل الإرهاب بالخزانة الاميركية، والتي أكدت أن «القاعدة» تسير إلى الأسوأ ماليا، ولم تعد لديها الأموال الكافية لتنفيذ هجمات إرهابية.

وأشار المسؤول إلى شرائط «التسول» التي ظهرت خلال الفترة الأخيرة لبعض قيادات «القاعدة»، بينما بلغت ميزانية «القاعدة» قبل هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 نحو 30 مليون دولار. وأوضحت المجلة أن «القاعدة» لم يعد بمقدورها تقديم هدايا للمواطنين، وأن الكثير من المتدربين في معسكرات الإرهاب اضطروا إلى سداد قيمة التدريب العسكري والإقامة واستخدام السلاح. وأرجعت المجلة مشكلات «القاعدة» المالية إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لملاحقة عمليات التمويل من قبل رجال أعمال وشركات ومنظمات متعاطفة مع التنظيم.

وتحتاج «القاعدة» إلى المال ليس فقط لتجهيز وتنفيذ الهجمات وإنما أيضا لإصدار وثائق السفر ومساعدة أسر الانتحاريين. وكان من شأن الإجراءات المفروضة، التي جرى اتخاذها على كثير من الجبهات، الإضرار بخزانة «القاعدة» ماليا. خلال فترة شن الهجمات ضد الولايات المتحدة، بلغت ميزانية «القاعدة» السنوية 30 مليون دولار، طبقا لما ذكرته وكالة الاستخبارات المركزية. وكان الإرهابيون حينذاك يتمتعون بدعم أثرياء في المنطقة. الآن، باتت الأوضاع المالية صعبة. وفي الوقت الذي مضت فيه الحكومة الأميركية في تعقب ومحاكمة ممولي «القاعدة»، صعدت الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا، من جهودها على الصعيد ذاته. وأخيرا، شنت السعودية حملة إجراءات صارمة بخصوص التبرعات الصادرة عن منظمات خيرية ومتبرعين أفراد، والتي كان يجري توجيهها إلى جماعات إرهابية.

وبذلت منظمات دولية، مثل الأمم المتحدة ولجنة العمل المالي الدولية، جهودا بالتنسيق بين بعضها البعض لصياغة قواعد أقرتها الكثير من الحكومات والمصارف داخل المناطق التي اعتاد الإرهابيون الحصول منها على المال.

في هذا الصدد، أوضح كوهين، سكرتير مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة التمويل الإرهابي، أن «القاعدة» أصبحت في وضع مالي أضعف عما كانت عليه منذ بضع سنوات. وسعيا للتدليل على نجاح جهود وقف التمويل الإرهابي، أشار إلى تصاعد المناشدات العلنية من قبل زعماء «القاعدة» طلبا للمساعدة المالية. إلا أنه سارع بالاستطراد بأنه «ليس هناك من يزعم أنه لكون مركز (القاعدة) في وضع مالي ضعيف، فإن هذا يعني أن التنظيم أصبح عاجزا عن العمل». إلى ذلك، أكد إسلاميون في لندن أن المنتسبين إلى القاعدة لا يملكون حسابات بنكية حتى يستطيع مسؤولو المخابرات الغربية أن يحصوا أموالهم، بل إن التبرعات تأتيهم يدا بيد. وقال الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن الزكاة ركن مهم من أركان الإسلام «وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة»، وآية أخرى تقول «وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم». وقال إن قيادات «القاعدة» يعتمدون على الغنائم مثلما كانت الحروب في صدر الإسلام، مشيرا إلى أنهم يأخذون أيضا من مال المحسنين في المنطقة، والأموال تصل إليهم بغض النظر عن أحكام التضييق عليهم بطرق غير شرعية أي «يدا بيد». وقال الإسلامي المصري السباعي لـ«الشرق الأوسط» إن الظواهري لم يتوقف في أغلب أشرطته عن تحريض أغنياء المسلمين والعرب على التبرع بجزء من زكاتهم، وله مقالة مشهورة في مجلة «المجاهدون» قبل أن ينضم لـ«القاعدة» قال فيها «جاد الشباب بأرواحهم وضن أغنياء المسلمون بأموالهم»، إلا أنه اعترف بالتضييق المالي على قيادات «القاعدة» منذ 2001، بسبب المراقبة عبر الحدود، وتجميد أنشطة الجمعيات الخيرية. من جهته، قال ياسر السري، مدير المرصد الإسلامي (وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها وتهتم بأخبار الأصوليين، لـ«الشرق الأوسط» إن أموال «القاعدة» قبل هجمات سبتمبر كانت أوراقا مالية، لكنها اليوم حولت إلى سبائك ذهبية، وأكد أن كوهين مساعد وزير الخزانة الأميركية الأسبق له تصريحات تناقض ما يقوله اليوم، إذ إنه أكد من قبل أن «القاعدة» وطالبان تحصلان على التمويل، وقال «بالتأكيد قيادات (القاعدة) تأثروا بسبب الحصار المالي، ولكنهم لم يفلسوا». وأشار السري إلى أن قيادات القاعدة يعملون بالحديث «جعل رزقي تحت سن رمحي»، أي أنهم يحرصون على الموت أكثر من حرص عدوهم على الحياة. وقال «إن شرائط التسول التي يدعيها كوهين هي شرائط تحريض وتجييش للناس وحث على القتال والتبرع». وقال السري إن احتمال طلب المعونة التي ترددت في الشرائط ربما «شفرة» لطلب شيء آخر.

إلى ذلك، قال الدكتور كمال الهلباوي، المتحدث الأسبق باسم الإخوان في الغرب لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب القول إن (القاعدة) أو من على شاكلتهم من خلايا عنقودية يعانون من الإفلاس، ومن يهب نفسه لهذا الفكر وهذا العمل ليسوا في حاجة إلى أموال كثيرة، وهم يعيشون في حياة تقشف ويسترخصون الحياة، من أجل تنفيذ عمليات انتحارية قد لا تؤدي بهم إلى الجنة، لأنه في اعتقادي من يفجر الأسواق ويقتل الأطفال الأبرياء والنساء والمدنيين لا يذهب إلى الجنة».