أسطوانات البوتاغاز.. تعيد الحكومة المصرية إلى مربع طوابير الخبز

البعض ربطها بتوتر العلاقات بين مصر والجزائر

TT

منذ عامين عرفت مصر ما يعرف بطوابير الخبز، وصلت إلى حد وقوع قتلى في رحلة البحث عن القوت اليومي للمصريين، بل اعتبر عدد من رجال الدين ضحايا تلك الطوابير في «عداد الشهداء».. وانتهت الأزمة نسبيا بعد تنظيم التوزيع وفصله عن الإنتاج وزيادة الكمية.. لكن مشهد الطوابير يتكرر الآن مع ندرة أسطوانات الغاز ووصول ثمنها في بعض المناطق إلى 40 جنيها، على الرغم من أن سعرها لا يتجاوز 2.70 جنيه. ملامح الأزمة اتخذت أبعادا مأساوية تمثلت في وقوع قتيلين جراء التدافع لشراء الأسطوانات، إضافة إلى معاناة المواطنين في رحلة بحث مضنية، اتخذت في جانب آخر أبعادا طريفة حيث طغت على هدايا عيد الحب، وتفنن بعض الباعة في عرض أشكال حمراء على هيئة أسطوانات يتبادلها العشاق كتذكار. الأزمة التي تطل للمرة الثانية بعد طلة مشابهة العام الماضي، مع مدخل فصل الشتاء وزيادة الاستهلاك، لمح البعض لأبعاد سياسية وراءها، بعضها يتعلق بتوتر العلاقات مع الجزائر، بوصفها أحد أهم مصدرين لتصدير غاز البوتاغاز لمصر بجانب السعودية، بينما نسبها آخرون إلى تصدير الغاز لإسرائيل.

ويرجع النائب سعد عبود الذي قدم إلى لجنة الصناعة والزراعة بالبرلمان طلب إحاطة حول تجاهل الحكومة لتوصيات سابقة بشأن أزمة أنابيب البوتاغاز، الأزمة لأسباب بعينها من تصاعد الاستهلاك إلى ذروته في موسم الشتاء وإخفاء تجار السوق السوداء للأسطوانات طمعا في الكسب، إضافة إلى تنامي ظاهرة «قمائن الطوب» في الريف وعلى أطراف المدن، والواحدة منها بحسب تأكيده تستخدم نحو 500 أسطوانة لإشعال النيران المستخدمة في صنع الطوب. كل تلك الأسباب مجتمعة كانت سببا في أزمة مماثلة العام الماضي، واكتشفت لجنة برلمانية مواطن الضعف وأعدتها في تقرير للحكومة، لكن تم تجاهله واستمرت الأزمة. وبحسب عبود، فإن مصر تشهد ازدواجية غريبة، فهي دولة منتجة للغاز الطبيعي بوفرة، لكنها مستوردة لغاز البوتاغاز المعبأ في أسطوانات، وهذا الوضع الشاذ ناتج من إهمال الحكومة لتصنيع الغاز، ومشروعات صناعية أخرى هامة للتنمية. لكن السياسة تأبى إلا أن تطل من نافذة الأزمة، فنسبها البعض إلى بيع الغاز المصري لإسرائيل، بينما قال آخرون إن توتر العلاقات مع الجزائر هو السبب، لأنها مصدر رئيسي لواردات مصر من غاز البوتاغاز، ويتقاطع السببان عند السفير إبراهيم يسري، وهو سفير سابق لمصر لدى الجزائر، وفي الوقت ذاته من رواد الحملة الشعبية المناهضة لتصدير الغاز لإسرائيل، والمعروفة باسم «لا لتصدير الغاز لإسرائيل»، وسبق أن حصل على حكم قضائي بوقف التصدير قبل أن تستأنفه الحكومة، يقول يسري: «كان من المفترض أن يغطي الغاز الطبيعي كل ربوع مصر منذ 15 عاما على الأقل، لكن تبديد الثروة الطبيعية وتصديرها إلى إسرائيل جاء على حساب الاستهلاك المحلي»، نافيا في الوقت ذاته أي علاقة للجزائر بالقضية، وواصفا نسبة الأزمة إليها بأنها مبرر مضحك لا يقنع طفلا صغيرا، لأن الاستيراد متاح من أكثر من مصدر، وهو بحسب تعبيره «ليس حكرا عليها».

في طريقها للنجاة من مربع الطوابير الصفري أعلنت الحكومة المصرية تأسيس شركات جديدة للتوزيع، كما خصصت نحو 13 مليار جنيه دعما لأسطوانات الغاز، إضافة إلى تشديد الرقابة على السوق السوداء.