مصادر إسرائيلية: الجنرال مولين في إسرائيل لإقناعها بلجم الخيار العسكري ضد إيران

خبراء يقولون إن طهران «تخادع» الغربيين بشأن قدراتها النووية

الجنرال مولين خلال شهادته أمام الكونغرس قبل توجهه إلى إسرائيل (رويترز)
TT

في زيارة وصفت بأنها «زيارة عمل»، يصل إلى تل أبيب اليوم، مايكل مولين، قائد القوات المشتركة الأميركية. ويجري الجنرال مولين سلسلة لقاءات مع قادة الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع، إيهود باراك. وذكرت مصادر إسرائيلية أن مولين سيسعى خلال مباحثاته لإقناع إسرائيل بلجم استخدام الخيار العسكري ضد إيران، حتى يستنفد الغرب الإجراءات العقابية والضغوط الدبلوماسية على النظام الإيراني من أجل وقف تسلحه النووي. ويرافق مولين وفد عسكري كبير، ومسؤول عن البيت الأبيض، وآخر عن وزارة الخارجية. وسيلتقي الوفد الأميركي أكثر من مرة مع قائد أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي. وسيلتقي أيضا مع نائب رئيس الأركان، بيني غنيتس ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عاموس يدلين، ورئيس قسم التخطيط الاستراتيجي، الجنرال أمير أيشل، والملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، الجنرال غادي شمني.

وتقول مصادر إسرائيلية إن مولين سيجري مباحثات موسعة مع القادة الإسرائيليين حول التنسيق الاستراتيجي والأمني بين البلدين والتعاون العسكري في شتى المجالات وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وسيواصل البحث في الطلبات الإسرائيلية للتزود بطائرة «إف - 35»، وهي آخر تطور تكنولوجي في الأسلحة الأميركية. ولكن الموضوع الإيراني سيستحوذ على قلب مباحثاته في تل أبيب. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن مولين يرى ضرورة في منح الجهود الدبلوماسية فرصة، ويرى في الخيار العسكري الإسرائيلي أو الأميركي، آخر سلاح لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. ويريد أن يكون أي قرار إسرائيلي بهذا الشأن، صادرا عن عملية تنسيق دقيقة مع الولايات المتحدة.

ويقيم مولين علاقات مميزة غير مسبوقة مع الجيش الإسرائيلي، فهذه هي زيارته الثالثة لإسرائيل منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2007. فقد زارها في ديسمبر (كانون الأول) 2007، وفي يونيو (حزيران) 2008، واستقبل في واشنطن غابي أشكنازي في يوليو (تموز) 2008. كما التقى في أوروبا أشكنازي في السنة الماضية. ولم يسبق أن التقى رئيس أركان أميركي نظيره الإسرائيلي هذا العدد من اللقاءات في الماضي.

وفي حين ينظر الإسرائيليون بتقدير كبير إلى هذا الاهتمام الأميركي، إلا أن هناك أصواتا ترتفع في إسرائيل، وتحذر من أن «زيادة الاهتمام تعني زيادة الضغط للجم إسرائيل عن القيام بواجبها في الدفاع عن النفس أمام التهديد الإيراني». وقد نشرت أنباء في تل أبيب، في الشهر الماضي، مفادها أن مولين منع إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية إلى إيران قبل سنة.

وطلب مولين أن يلتقي الوفد العسكري الإسرائيلي الذي شارك في عمليات الإنقاذ في هايتي بعد الزلزال الأخير، لكي يعرب عن تقديره لعمله، ويصد الشائعات التي نشرت في الولايات المتحدة، والتي قيل فيها إن الإسرائيليين سرقوا أعضاء من أجساد ضحايا الزلزال.

إلى ذلك، قال خبراء إن إيران «تخادع وتدعي» بشأن قدراتها النووية، وتتحدى الغربيين الذين رأوا أن انخراطهم في مفاوضات من شأنه أن يقوي النظام المهتز للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وكانت إيران أعلنت الاثنين أنها بدأت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب لغايات البحث العلمي، على الرغم من احتجاجات القوى الغربية التي تشتبه في سعي إيران لحيازة سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني. وتعد فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، مشروع قرار سيفرض في حال تبنيه عقوبات مشددة على إيران، بحسب مصدر رفيع المستوى في باريس تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب خبراء، فإن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، يبالغ بشأن قدرات بلاده النووية، وذلك لتعزيز موقفها في حال خوض مفاوضات مع الغربيين، وتقوية النظام الإيراني الذي اهتز داخليا.

وقال كريم باكزاد، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، إن «الخبراء مجمعون على اعتبار أن إيران لا تملك القدرة على تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة»، وأضاف: «سياسيا، أحمدي نجاد يخادع ويدعي، لأن موقف الحكومة الإيرانية مهتز في الداخل»، فبعد 31 عاما من قيام الثورة الإسلامية، يواجه النظام مظاهرات شعبية غير مسبوقة، تنظمها معارضة واسعة التأثير، وستكون العواصم الغربية مرتاحة في حال نهاية هذا النظام على أمل أن يكون النظام الذي يخلفه مستعدا لتسوية تفاوضية للملف النووي.

وتمكنت طهران، الأسبوع الماضي، من منع المعارضة من التشويش على مسيرات الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين للثورة الإسلامية، مبعدة بذلك شبح الإطاحة بالحكومة على أيدي أنصار «الثورة الخضراء». وقد يدفع قمع تظاهرات المعارضة الكثير من البلدان إلى استخلاص أن الحكومة ليست مهددة، وأنه من الأفضل للرئيس الأميركي باراك أوباما وحلفائه إبرام اتفاق مع القادة الإيرانيين الحاليين.

لكن جهات أخرى ترى أن ذلك لن يكون مجديا إذا لم يف النظام الإيراني بوعوده لاحقا، بل ربما ضارا إذا ما أدى الانطباع بأن إيران لها اليد العليا في المواجهة مع الغرب، إلى تعزيز موقف أحمدي نجاد على الصعيد الداخلي.

وقال فرانسوا نيكولو، السفير الفرنسي الأسبق لدى طهران (2001 - 2005): «يريد أحمدي نجاد التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين. لقد قال ذلك مرارا وعوقب من الجميع، لأن لا أحد يريد أن يمنحه فرصة كسب المصالحة مع الأميركيين الذي سيمنحه شعبية فورية، ويتيح له تجديد حضوره السياسي».

وأضاف: «لا أحد حتى من داخل النظام (الإيراني)، يريد منحه هذه الهدية». وتابع الدبلوماسي الفرنسي: «لقد أعلن أحمدي نجاد برامج كبرى لن يتمكن من إنجازها، حيث لن يتمكن من بناء محطات التخصيب العشر التي أعلن عنها قبل أسابيع، ولا من تصنيع الوقود لمفاعل الأبحاث» في طهران.

واعتبر السفير السابق أن «إيران لن تتمكن أبدا من تطوير برنامج نووي جدي من دون مساعدة دولية»، وختم بقوله: «من جهة أخرى، يلوح الغرب بفرض عقوبات يدرك أنها لن تكون فعالة في كل الحالات، على الأمدين القصير والمتوسط. إننا إزاء لعبة غريبة، حيث يعلن أحد طرفيها عن برامج لا يمكنه تحقيقها، ويعلن الطرف الآخر عقوبات غير فعالة على الأرجح».