لأول مرة منذ 64 سنة.. الكونغرس بدون كنيدي

بعد انسحاب باتريك كنيدي

TT

أعلن باتريك كنيدي، عضو الكونغرس الديمقراطي، وابن السناتور إدوارد كنيدي، الذي توفى في السنة الماضية، أنه لن يترشح مرة أخرى للكونغرس. وبهذا، ولأول مرة منذ أربع وستين سنة، سيخلو الكونغرس من أي عضو من آل كنيدي.

في سنة 1946، ترشح وفاز جون كنيدي، وكان أول واحد من آل كنيدي يدخل الكونغرس. ثم انتقل من مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ، وصار سناتورا. وفي سنة 1960، ترشح وفاز رئيسا للجمهورية، حتى اغتيل بعد ذلك بثلاث سنوات.

لكن، قبل ذلك بسنة، سنة 1959، كان شقيقه روبرت ترشح وفاز ودخل الكونغرس عضوا في مجلس النواب. وفي سنة 1962، عندما كان جون رئيسا للجمهورية، ترشح وفاز شقيقهما إدوارد كنيدي ودخل الكونغرس، عضوا في مجلس الشيوخ، وصار سناتورا من أول مرة، من دون أن يمر على مجلس النواب.

في سنة 1964، بعد اغتيال جون، ترشح وفاز إدوارد ودخل مجلس الشيوخ. وبعد ذلك بأربع سنوات، في سنة 1968، ترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه اغتيل قبل يوم التصويت.

في سنة 1986، بينما كان إدوارد لا يزال في الكونغرس، ترشح، وفاز ودخل مجلس النواب، جوزيف، ابن شقيقه المقتول روبرت. وبعد ذلك بثماني سنوات، سنة 1994، ترشح وفاز ودخل مجلس النواب باتريك، ابن إدوارد. وهكذا، ارتفع عدد آل كنيدي إلى ثلاثة: العم في مجلس الشيوخ، والابن وابن الأخ في مجلس النواب.

لكن، بعد عشر سنوات في الكونغرس، تركه جوزيف، وتفرغ لإدارة مؤسسة خيرية. لهذا، في السنة الماضية، عندما توفي العم إدوارد (كانوا ينادونه «أنكل تيدي»)، اتجهت الأنظار نحو جوزيف، رئيس المؤسسة الخيرية، ليترشح في ولاية ماساجوستس في مكان عمه. لكن، فأجا جوزيف الجميع ورفض، وقال إنه يفضل عمل الخير على عمل السياسة.

وهكذا بقي في الكونغرس واحد من آل كنيدي، باتريك. والذي أعلن أمس أنه لن يترشح مرة أخرى للكونغرس. ومرة أخرى، فاجأ واحد من آل كنيدي، من الجيل الثاني، مؤيدي ومعجبي آل كنيدي، والذين بدا عليهم وكأنهم أصيبوا بكارثة شخصية، لأن الكونغرس خلا من آل كنيدي لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن.

أمس، قال باتريك لصحيفة «بوسطن غلوب»: «لا أعرف كيف أشرح شعوري. أحس وكأن النار لم تعد تتوقد في أعماقي. أحس وكأن السياسة لم تعد جزءا مني».

وأضاف: «يعرف الجميع أنني لم أنسحب خوفا من أن أسقط في الانتخابات القادمة. لكني انسحبت لأسباب شخصية». وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن باتريك، خلال 16 سنة في الكونغرس، برهن على أنه سياسي ناجح، وربما متشدد أكثر من والده. لكن مشكلته شخصية حقيقة، وذلك بسبب إدمانه الخمر. في الحقيقة، قبل أربعة شهور من وفاة والده، اعتقلته الشرطة وهو يقود سيارته وهو تحت تأثير المخدرات، واضطر لأن يختفي عن الأنظار ويدخل عيادة صحية ونفسية للتخلص من الإدمان.

أعلن باتريك خبر عدم ترشحه للكونغرس مرة أخرى في مقابلة مع تلفزيون في ولايته. وتحدث كثيرا عن أسباب «نفسية» و«شخصية» وعن «فترة للتأمل والتفكر» وعن «أشياء عاطفية حقيقية». لكنه لم يشر إلى مشكلة الإدمان.

لكن، قالت صحيفة «بوسطن غلوب» إن باتريك ربما خاف من السقوط في الانتخابات، وذلك لأن منافسه باسم الحزب الجمهوري جمع ملايين الدولارات من تبرعات ومن ماله الخاص، وأقسم على «إسقاط آخر آل كنيدي».

ولاحظ مراقبون وصحافيون في واشنطن شيئين:

أولا: لم يعلن باتريك قراره بعد وفاة والده في السنة الماضية، على الرغم من أنه يقول الآن إن وفاة والده جعلته «يتأمل» و«يفكر» في مستقبله.

ثانيا: أعلن باتريك قراره بعد فوز جمهوري في دائرة والده في الشهر الماضي. كانت دائرة ماساجوستس تسمى «دائرة آل كنيدي»، لأنها الدائرة التي فاز فيها جون سنة 1946، ثم خلفه شقيقه إدوارد فيها.

أمس، بعد أن أعلن باتريك أنه لن يترشح مرة أخرى، سارع جمهوري آخر، جون براين، وأعلن أنه سيترشح في دائرته. وردد شعار «إسقاط آخر آل كنيدي»، غير أنه، طبعا، لن يسقطه، لأن الرجل سيستقيل طواعية. لكن، في هذا الجو السياسي المكفهر، وخلال هذه المنافسة الساخنة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يرى صحافيون ومراقبون في واشنطن أن الحزب الجمهوري لا يريد فقط التخلص من كل من اسمه كنيدي، ولكن، أيضا، من كل من اسمه أوباما.