العملية العسكرية الأفغانية .. نموذج حرب جديدة نموذج لحرب جديدة

قوات التحالف الدولي: سندخل «معقل طالبان» لنبقى فيه

TT

ما من شك في أن المعارك التي ستقع في غضون الأيام القليلة المقبلة، خلال تدفق القوات الأفغانية والأميركية صوب مارجا، معقل حركة طالبان، ستؤدي في نهاية المطاف إلى إخلائها من المتمردين.

وهو ما سيبدأ عنده الاختبار الحقيقي. فخلال الأعوام الثمانية الماضية، دأبت القوات الأميركية وقوات الناتو على شن عمليات عسكرية واسعة لإخلاء المدن من متمردي طالبان. وقد نجحت القوات في كل هذه العمليات تقريبا، في إخلاء هذه المدن، لكنهم لم يخلفوا وراءهم مطلقا العدد الكافي من الجنود أو ضباط الشرطة للسيطرة على المكان. لذا، كان متمردو طالبان يعودون إلى هذه الأماكن في أغلب الأحيان، وبعد فترة تعود القوات الأميركية وقوات الناتو لإخلائها مرة أخرى.

هذه المرة في مارجا، أكبر معقل لحركة طالبان، يقول القادة العسكريون الأميركيون والأفغان إنهم سيفعلون شيئا جديدا لم يفعلوه من قبل، وهو أنهم سيخلفون حكومة أفغانية وقوة شرطية في المكان. وستظل القوات الأميركية والبريطانية على أهبة الاستعداد لدعمهم.

من الواضح أن القوات الأميركية ترغب في أن تكون مارجا بمثابة نموذج لنوع جديد من العمليات العسكرية، استنادا إلى فكر مكافحة التمرد الذي طرحه الجنرال ستانلي إيه ماكريستال، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، تمهيدا لقرار الرئيس الأميركي باراك أوباما لزيادة عدد القوات الأميركية في البلاد إلى ما يقرب من 100 ألف جندي.

وستركز القوات الأميركية وقوات الناتو، أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2001، على تفادي سقوط أي ضحايا بين المدنيين الأفغان وعلى بناء الدولة الأفغانية أكثر من قتل المتمردين.

وقال البريجادير جنرال لاري نيكولسون، قائد قوات المارينز في جنوب أفغانستان، لمجموعة من القوات الأسبوع الحالي، «السكان ليسوا أعداء لنا. بل هم الجائزة، فمن أجلهم جئنا إلى هنا».

ولتحقيق هذه الأهداف، يريد الأميركيون وحلفاؤهم السيطرة على المنطقة بأقل قدر من العنف. ويقول القادة العسكريون الأميركيون إن الهجوم على مارجا لا ينوي القادة أن يكون بحجم الهجوم الذي وقع على مدينة الفالوجة العراقية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2004 في الحجم، والذي أحدث تدميرا كبيرا خلال الهجوم على المدينة، التي كانت تخضع لسيطرة مئات المتمردين، وقتل الأميركيون الكثير من المتمردين أثناء الهجوم.

وقال ماكريستال في مقابلة الأسبوع الحالي «إننا لا نريد فالوجة أخرى. الفالوجة ليست هي النموذج».

وقد لا يكون تفادي سقوط ضحايا بين المدنيين شيئا سهلا، خاصة في عمليات القتال عن قرب التي تنتظرنا، حيث يعتقد أن المئات من مقاتلي طالبان متواجدون في المنطقة. وأن تقدم القوات الأميركية قد يكون بطيئا للغاية نتيجة لشبكة قنوات الري، التي أنشأتها الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي، أو مئات القنابل البدائية التي زرعها مقاتلو طالبان على الطرق والممرات.

وأكبر مصادر القلق الرئيسي لدى القادة الأميركيين والأفغان هو أنه في حال مقتل عدد كبير من المدنيين، فمن الممكن أن تقرر الحكومة الأفغانية وقف دعم العملية. ويأمل الأميركيون أيضا أن يعطي المكون الأفغاني الكبير في القوة المشاركة، نحو 60 في المائة من إجمالي القوة، الحكومة الأفغانية الغطاء الكافي إذا حدثت أي مشكلة. لكن عند نقطة معينة ستنتهي العملية، وعندما يحدث ذلك، فقد وضع الجنرال ماكريستال للأميركيين والأفغان أهدافا أقل مأساوية، لكنها أكثر طموحا، من القتال.

وللمرة الأولى من نوعها، جمع مسؤولون أفغان ومسؤولون في الناتو فريقا كبيرا من الإداريين الأفغان وحاكما أفغانيا ليتحركوا إلى مارجا بمجرد وقف إطلاق النار. ويقف أكثر من 1900 شرطي على أهبة الاستعداد.

تشكيل حكومة في هذا البلد الفقير ليست بالمهمة الهينة. فالحكومة الأفغانية تواجه الانتقادات في أنحاء البلاد بعدم كفاءتها وانتشار الفساد.

وقال الجنرال محمود كريمي، نائب رئيس الأركان في الجيش الأفغاني، «نريد أن نظهر للناس أننا نستطيع توفير الأمن والخدمات والتنمية. نريد إقناع الأفغان بأن الحكومة موجودة من أجلهم».

وعلى مستوى أوسع، يعد الهجوم على مارجا التحرك الأول في محاولة طموحة تهدف إلى القضاء على طالبان في عقر دارها. وعلى مدار الشهور القليلة القادمة، يأمل الأميركيون تحقيق الأمن في سلسلة من المدن بطول 200 ميل وعلى شكل حدوة حصان تمتد على طول نهر هلمند وتتخلل قندهار وتمتد إلى الحدود الباكستانية، حيث يعيش في هذا الشريط من المدن 85 في المائة من السكان في إقليمي قندهار وهلمند، واللذين يمثلان قاعدة الدعم لطالبان. كما يعتزم الأميركيون والأفغان نقل آلاف القوات إلى هذه المنطقة خلال الشهور القليلة المقبلة أيضا.

وقال الجنرال ماكريستال «نحاول الآن إقصاء أي أمل في النصر لطالبان».

ومن شأن ذلك تمهيد الساحة لتسوية سياسية يعتقد ماكريستال أنها هي السبيل الوحيد لإنهاء الحرب.

والمخاطر في هذه الاستراتيجية واضحة على نحو كاف. فبعد ثمانية أعوام من طرد طالبان من كابل، لا يزالون يقاتلون بنشاط أكبر، ويعملون في مزيد من المناطق أكثر من أي وقت مضى منذ بداية الحرب الأميركية في البلاد عام 2001. لدى طالبان «حكام ظل» في كل إقليم ما عدا كابل. وبلغ عدد الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم العام الماضي ضعف عدد الجنود الذين قتلوا العام الأسبق.

*شارك في هذا التقرير من إقليم هلمند سي جيه تشيفرز خدمة «نيويورك تايمز»