ليبرمان يهدد بتفكيك حكومة نتنياهو في أكتوبر المقبل

تحسبا لإمكانية توجيه لائحة اتهام بالفساد

TT

نقل كثير من أصدقاء وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تصريحات على لسانه أنه ينوي الاستقالة من الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لأنه غير راض عن أدائها السياسي، وأن شكوكا تساوره بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، سيرضخ للضغوط الأميركية والغربية فيما يتعلق بمفاوضات السلام مع الفلسطينيين والسوريين.

وذكر المقربون من ليبرمان، أن الحكومة تنحرف عن مبادئ اليمين، التي انتخبت فقط على أساسها من غالبية الجمهور الإسرائيلي. وأنه غير راض عن كثير من خطواتها، مثل: إدارة العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة وكثير من الدول الغربية بقناة اتصال مباشرة من مكتب رئيس الحكومة، نتنياهو، ومع مصر وتركيا والأردن عن طريق وزير الدفاع، ايهود باراك، ووزير التجارة والصناعة، بنيامين بن اليعازر. وهذه كلها من مهمات وزير الخارجية وحده. كما أن ليبرمان يحتج على عدد من قرارات الحكومة السياسية، مثل القبول بتجميد البناء الاستيطاني لعشرة شهور، من دون الحصول على مقابل من الفلسطينيين واللهاث وراء تركيا لإرضائها، وهي التي توجه الإهانة تلو الأخرى لإسرائيل، وتشجيع سفير إسرائيل في أنقرة على انتقاداته للسياسة الخارجية. ولكن ليبرمان لا يسارع إلى الخروج من الائتلاف الحكومي لأنه يريد تحقيق المزيد من الإنجازات الحزبية، قبل أن يغادر. فبموجب اتفاق الائتلاف الحكومي، هناك عدد من القوانين الجديدة التي بُدأ بسنها وينبغي استكمالها خلال الشهور القادمة. كما أن هناك حملة إعلام يريد ترتيبها لمرافقة قرار الانسحاب. وهناك سبب آخر مرتبط بقرار الاستقالة، حيث إن النيابة ما زالت تبحث في قضايا فساد تتعلق به. ومن المتوقع أن ينتهي البحث فيها خلال شهور. فإذا انتهت بقرار تقديم لائحة اتهام ضده، فإنه سيضطر إلى الاستقالة من الحكومة. وليس من المستبعد أنه يتحدث من الآن عن هذه الاستقالة لكي يظهر أنه خطط للاستقالة من دون علاقة بلائحة الاتهام.

يذكر أن لدى ليبرمان تقليدا طويلا في هذه الاستقالات. فمنذ بدأ حياته السياسية سنة 1996، وهو يتصرف على هذا النحو. في سنة 1996، عينه نتنياهو مديرا لديوان رئيس الوزراء. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 1997 استقال، بدعوى أنه غير راض عن توقيع اتفاقية الانسحاب من الخليل. وفي سنة 2001 انضم ليبرمان إلى حكومة أرييل شارون الأولى، وبعد سنة بالضبط استقال منها. ومرت سنة أخرى، فخاض شارون انتخابات جديدة فانضم ليبرمان إلى حكومته من جديد، ثم استقال مرة أخرى بعد أقل من سنة. وانضم إلى حكومة نتنياهو في السنة الماضية، وها هو يفكر في الاستقالة.

ويرى المراقبون أن الجهود التي يبذلها نتنياهو لتقسيم حزب كاديما المعارض، وضم قسما من قادتها إلى ائتلافه الحكومي، تعود إلى قناعته بأن عمر ليبرمان في الحكومة قصير. وهو، أي نتنياهو، يسمي ليبرمان في الحلقات الضيقة: الإنسان المزاجي. ويتوقع أن يتركه في كل لحظة وبلا سابق إنذار. فلكي لا تسقط حكومته بين ليلة وضحاها، يمهد الطريق أمام قوة حزبية أخرى تكون بديلة. وحسب مصادر مقربة من حزب كديما، فإن نتنياهو عرض على شاؤول موفاز أن يبدأ العمل على سحب 15 نائبا من كتلته البرلمانية، بحيث تصبح بيده الأكثرية (28 نائبا)، ووعده إذا نجح بمنحه 15 مسؤولية كبيرة، بينها 6 مناصب وزارية، بينها وزير الخارجية، وثلاثة نواب وزراء، وستة مناصب برلمانية رفيعة (رئيس لجنة برلمانية أو رئيس لوبي برلماني معين). وكما هو معروف، فإن موفاز يبذل جهدا كبيرا في هذا الاتجاه. ويصرح بأنه يريد لحزبه أن يكون ذا تأثير على القرار في إسرائيل، وهذا لا يكون إلا في الانضمام للحكومة.

من جهة ثانية، توقعت مصادر سياسية حزبية في إسرائيل أن يواجه نتنياهو مشاكل في حكومته من طرف آخر غير متوقع. فقد كشف النقاب، أول من أمس، عن أن مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي ميخائيل لندنشتراوس، يجري تحقيقا سريا في قضيتين تتعلقان بوزير الدفاع ايهود باراك. الأولى تتعلق بقيام باراك بدعوة 6000 شخص إلى احتفال بالاستقلال في الوزارة، بينهم 2000 نشيط حزبي من رفاقه في حزب العمل. ويشتبه بأن دعوة هؤلاء هي نوع من الرشوة. وأما القضية الثانية فأكثر خطورة، إذ إن باراك كان قبل تعيينه وزيرا للدفاع يدير شركة خاصة تحصل على عمولات من بيع الأسلحة إلى عدة جهات في العالم. وكان من المفترض أن يكف عن الحصول على العمولة وهو وزير، خصوصا في موقعه المؤثر كوزير دفاع. ولكن يتبين أن باراك باع حصته في الشركة إلى بناته الثلاث. ويفحص المراقب إذا ما كان تصرف باراك قانونيا أم لا. فإذا لم يكن كذلك، فمن المتوقع أن يدخل في إشكاليات قانونية وأخلاقية على الصعيد الجماهيري.