الحوثيون يبدأون الانسحاب وينفون خرق الهدنة.. والإفراج عن أسرى سعوديين ويمنيين

هدوء حذر في صعدة.. ونجاة مسؤول في الجوف من الاغتيال.. والمتمردون يتهمون «تجار الحرب بخرق الاتفاق».. وصدامات في الجنوب

TT

بدأت حركة الحوثيين المتمردة في اليمن، أولى خطوات تنفيذ شروط وقف الحرب، بانسحابها من مواقعها حول مطار صعدة شمالي البلاد، في وقت تستعد فيه للإفراج عن أسرى الحرب السعوديين، واليمنيين، تطبيقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مساء الخميس. ونفت الحركة من جانبها خرقها لاتفاق وقف إطلاق النار، أو استهداف الضابط الكبير في الجيش اليمني محمد عبد الله القوسي أول من أمس، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قائلة إن «تجار الحروب هم من يسعى إلى إثارة مثل تلك الحوادث». وكانت صنعاء أعلنت أول من أمس أن جماعة المتمردين خرقت اتفاق وقف الحرب المبرم الخميس، وقالت إن وكيل أول وزارة الداخلية، قائد العمليات العسكرية في صعدة، محمد عبد الله القوسي تعرض لمحاولة اغتيال في منطقة باب نجران بمدينة صعدة القديمة، قتل فيها أحد حراسه، كما قتل عدد من الجنود الحكوميين في اشتباكات مختلفة. وقال الناطق باسم حركة الحوثيين محمد عبد السلام في بيان أمس: «أتممنا (السبت) الانسحاب من جوار مطار صعدة حيث ينتظر أن تنزل فيه لأول مرة منذ بداية الحرب طائرة تقل لجنة الوساطة». وأضاف أن الحوثيين بدأوا «في رفع التمترس بالشكل النهائي من محاور الطرقات» التي كانوا يسيطرون عليها في شمال البلاد، «ثم العمل على فتح الطرقات» طبقا للآليات المتفق عليها في اتفاق وقف إطلاق النار. وأكد عبد السلام أنه «يجري اتخاذ الإجراءات استعدادا لتسليم الأسرى السعوديين إلى الوسيط علي ناصر قرشة» أحد أعيان قبائل محافظة صعدة من دون أن يحدد عددهم ولا موعد الإفراج عنهم.

وتزامنت هذه التطورات مع زيارة وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر لمحور صعدة الذي تحدث إلى الضباط والجنود من الوحدات العسكرية مؤكدا على مزيد من اليقظة والتحلي بأعلى درجات الانضباط العسكري والأمني وهو ما يسهم في تثبيت الأمن والاستقرار وإحلال السلام في محافظة صعدة. وقال متحدثا إلى الجنود: «نحن دعاة للسلام والاستقرار ولسنا دعاة حرب.. وإن المواقف التي قام بها الجنود والضباط ستسجل في أنصع صفحات التاريخ». وشدد على أهمية تنمية المهارات القتالية والعسكرية والاهتمام بجوانب التأهيل والتدريب التي تعزز من قدراتهم العسكرية والقتالية.

وأعلن 15 من علماء الزيدية أمس، تأييدهم لقرار وقف الحرب في صعدة وقالوا في بيان أصدروه أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنهم يؤيدون ويباركون مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح للسلام ويدعمون بشكل مطلق كل جهوده لمعالجة كل الأزمات بالحوار السلمي والتفاوض المباشر للخروج بالبلاد من أزماتها. ودعوا كل الأطياف المدنية والحزبية وكل العلماء والشيوخ والقادة إلى الوقوف صفا واحدا في دعم كل ما من شأنه إيقاف نزف الدماء. ونفى المتمردون الحوثيون أمس استهداف القوسي. وفي بيان نشر على الإنترنت وصف المكتب الإعلامي لزعيم التمرد عبد المالك الحوثي المعلومات التي حملت مقاتليه مسؤولية محاولة اغتيال القوسي في محافظة صعدة بأنها لا أساس لها. وقال البيان إن «ذلك غير صحيح وتجار الحروب هم من يسعى إلى إثارة مثل ذلك». وأكد المصدر أن «الوضع يسير نحو الهدوء بشكل كبير وملحوظ يلمسه جميع أبناء مدينة صعدة وغيرها من المناطق، وتجار الحروب لا يروق لهم السلام والاستقرار في المنطقة، وهم من يسعى إلى مثل هذه الخروقات وإثارتها والترويج لها». وعما تردد عن وجود خروقات أخرى، أكد مصدر في مكتب الحوثي أن «مثل هذه الأمور تحدث في نهاية كل حرب، ووجود اللجان الميدانية ولجنة الوساطة سينهي مثل هذه الأمور».

ووقع خرق آخر أمس في محافظة الجوف، حيث نجا مدير مديرية المطمة يحيى الدغفي من كمين نصبه مسلحون حوثيون ظهر أمس، على حد قول المسؤول المحلي صالح بن حبلة لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال بن حبلة إن «مسلحين حوثيين هاجموا موكب مدير المديرية وهو في طريقه مع عشرين شخصا لفك حصار يفرضه مسلحون حوثيون على قبيلة آل فقرة». وأكد مدير مكتب الصحة في الجوف حسن طاهر أبو هدرة أن «الحوثيين أطلقوا قذيفة (آر بي جي) باتجاه الموكب مستهدفين سيارة الدغفي لكنها أصابت سيارة أخرى وأصيب اثنان من مرافقيه بجروح خطيرة ونقلا إلى مستشفى بصنعاء». لكن بيان مكتب الحوثي قال إن وقوع حوادث من هذا النوع «في نهاية حرب.. أمر طبيعي».

وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط»، إن 4 من الحوثيين قتلوا وجرح 10 آخرون في هجوم للمتمردين على موقع عسكري لقوات الجيش في محور سفيان أحد المحاور العسكرية. وذكرت المصادر أن قوات الجيش صدت الهجوم من قبل الحوثيين وقتلت 4 من المهاجمين وجرحت 10 آخرين في حين لم يسفر الهجوم عن خسائر في صفوف القوات المسلحة. وقالت المصادر ذاتها إن الحوثيين هاجموا الموقع العسكري في شبارق مساء أول من أمس وهو اليوم الأول من بداية توقف العمليات العسكرية.

وكان قائد العمليات العسكرية في محافظة صعدة قال إنه نجا الجمعة من محاولة اغتيال نفذها حوثيون بعد ساعات من سريان مفعول وقف إطلاق النار. وقال اللواء محمد عبد الله القوسي، إنه نجا «من محاولة اغتيال على أيدي الحوثيين» مؤكدا أن متمردين «رشقوا سيارته بالرصاص». وأضاف المسؤول أن المتمردين «خرقوا وقف النار وشنوا هجمات على موقع للجيش في آل عقاب (في محافظة صعدة) وتسببوا في قتل وجرح عدد من الجنود». كما «هاجموا نقطة العين في جنوب صعدة وقتلوا جنديا فيها».

وساد الهدوء أمس شمال اليمن بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس - الجمعة، بعد معارك طاحنة دامت ستة أشهر، إثر قبول المتمردين ستة شروط وضعتها الحكومة. وعهد بتطبيق هذه الشروط إلى لجان برلمانية قال مصدر رسمي إنها كانت موجودة منذ أول من أمس، في محافظة صعدة «لكن في غياب ممثلين عن التمرد» دعوا إلى المشاركة فيها. وعزا عبد السلام ذلك إلى إجراءات تنظيمية. وكانت اتفاقات عدة أبرمت بين الجانبين لكنها لم تصمد طويلا.

وقال مصدر عسكري إن «الوضع هادئ على كل الجبهات في محافظة صعدة». ومع أن عسكريا آخر رأى أن «هذا الهدوء يبقى حذرا»، أكد محمد عبد السلام الناطق باسم التمرد أن «الهدوء يعم الجبهات كافة بما في ذلك الحدود مع السعودية». كما تحدثت الرياض أمس عن «وضع هادئ جدا الآن» على الحدود. وأكد مسؤول في مكتب زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي طالبا عدم كشف هويته أنه «يجري احترام وقف إطلاق النار والوضع يتطور بصفة إيجابية».

إلى ذلك، قتل شخص واحد وجرح ستة آخرون من ناشطي الحراك الجنوبي في صدامات مع الشرطة قرب أحد مستشفيات مدينة الحوطة في محافظة لحج جنوب اليمن، حسبما ذكر شهود عيان. وقال الشهود إن «المتظاهرين من عناصر الحراك حاولوا اقتحام مستشفى (ابن خلدون) ليأخذوا بالقوة جثة زميل لهم.. من ضحايا اضطرابات سابقة لدفنها». وأضافوا أن «حراسة المستشفى قامت بإطلاق أعيرة نارية في الهواء ما تسبب بجرح سبعة أحدهم فارق الحياة إثر إصابته». ويتظاهر قسم من سكان جنوب اليمن بانتظام ضد الحكومة المركزية ويطالب بعضهم بالانفصال عن الشمال ويقولون إنهم عرضة للتمييز من الشمال ومهمشون اقتصاديا. ويضع وقف إطلاق النار هذا، إذا ما صمد، حدا لما يعرف في اليمن بـ«الحرب السادسة» أو سادس جولة من القتال بين الحكومة والحوثيين منذ اندلاع النزاع في 2004. وانطلقت الحرب السادسة مع شن السلطات اليمنية على الحوثيين هجوما في الحادي عشر من أغسطس (آب) 2009. والنزاع الذي اندلع في 2004 أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص كما أدى إلى نزوح نحو 250 ألف شخص.