الصومال: الحكومة تستعد لهجوم وشيك على المتمردين الإسلاميين

وسط توقعات بمجازر بشرية جديدة

TT

أبلغ «الشرق الأوسط» مسؤول صومالي رفيع المستوى بأن القوات الموالية للرئيس الصومالي الانتقالي، شريف أحمد، أنهت الاستعدادات لشن ما وصفه بهجوم واسع النطاق وحاسم لاستعادة السيطرة على أحياء العاصمة الصومالية مقديشو كافة، متعهدا بدحر المتمردين الإسلاميين المناوئين للشيخ شريف، وطردهم خارج المدينة.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» من العاصمة مقديشو «أنهينا بالفعل الاستعدادات كافة. الرئيس أعطى أوامره بقتال المتمردين، والمعركة باتت وشيكة للغاية، ونتوقع أن تنتهي لصالحنا».

لكن المسؤول نفسه رفض الكشف عن أية معلومات تتعلق بنوعية هذه القوات أو عددها، مكتفيا بالإشارة إلى أن الهجوم المرتقب سيتم بالتنسيق مع قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، التي تتكون من أربعة آلاف مقاتل من بوروندي وأوغندا.

وقال السفير إبراهيم الشويمي، مبعوث الجامعة العربية لدى الصومال، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التقارير عن تحركات من جانب القوات الحكومية والمتمردين استعدادا لهذه المعركة، تثير حالة من الرعب والفزع لدى رجل الشارع الصومالي»، واعتبر أن أي قتال جديد بين الأطراف المتناحرة في الصومال سيدفع ثمنه غاليا المدنيين العزل، مشيرا إلى أن الحكومة الانتقالية تسيطر حاليا على ستة أو سبعة أحياء من أصل 16 حيا تضمها العاصمة مقديشو.

وأضاف: «إذا كانت لديهم (القوات الحكومية) القدرة الكافية، سيكون الأمر صعبا لحسم الأمور من جولة واحدة. القتال هنا يومي، والناس تموت وتجرح يوميا».

وأعرب عن اعتقاده أن عدد القتلى والجرحى سيتزايد بشكل غير عادي نتيجة هذه المعركة المرتقبة في حال وقوعها، مشيرا إلى أن القتال مستمر بشكل يومي، وبكثافة تصل لمدة ساعتين أو أكثر.

وقال وزير في الحكومة الصومالية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه شخصيا يتوقع وقوع ما وصفه بالمجازر البشرية الجديدة نتيجة حالة التأهب السارية بين القوات الحكومية وميليشيات المتمردين.

واعتبر الوزير أن القتال في هذه المعركة سيكون داميا على نحو يعيد إلى الأذهان سلسلة المعارك الطاحنة التي وقعت خلال الغزو الإثيوبي للبلاد نهاية عام 2006.

من جهته، أعلن جون بينغ، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، أن قوات الحكومة الصومالية تستعد لشن هجوم كبير، فيما تصر بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال على الحصول على تفويض لمهاجمة المتمردين الإسلاميين.

وقال بينغ: «ومع ذلك، فإن الاتحاد الأفريقي يحتاج الآن إلى دعم مالي وفني من جانب الغرب لتحسين قدرات قواته لحفظ السلام، بالإضافة إلى تقوية القوات الحكومية». واعتبر أن عدم وجود عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في الصومال يرقى إلى مستوى فشل تحالف دول العالم على ممارسة مسؤولياته كاملة في حفظ السلام، وضمان الأمن في الدول الأفريقية الأعضاء.

وأضاف بينغ أن «مسؤولية ضمان السلام والأمن في الدول الأعضاء يقع أساسا على كاهل الأمم المتحدة، ولذلك فإنه يتعين على المنظمة الأممية أن تدخل في النزاعات في الدول الأفريقية».

وبعدما اتهم الأمم المتحدة بأنها لا تراعي التزاماتها نحو الدول الأعضاء التي تقوم بالتزامات عضويتها، قال بينغ: «إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي تقوم بتسديد مستحقات عضويتها، وأنه من الملزم للأمم المتحدة أن تتدخل متى ما كانت هناك مشكلة في هذه الدول». وأضاف: «الاتحاد الأفريقي نشر بعثة (أميصوم) في الصومال لأن الأفارقة لا يمكنهم ترك إخوانهم وأخواتهم الصوماليين مثلما فعل بقية العالم».

ولاحظ تقرير أفريقي أن الاتحاد الأفريقي لم يتمكن من زيادة عدد قواته لحفظ السلام إلى 8 آلاف جندي، لأن الدول الأعضاء التي تعهدت بالإسهام بقوات ظلت تتلكأ نتيجة للنقص في المعدات اللوغيستية أو نتيجة للخوف من هجمات المتمردين.

وبدأ الاتحاد الأفريقي، في ضوء هذا التطور، في التركيز على بناء القدرات القتالية لقوات الحكومة الصومالية، لتمكينها من التصدي للمتمردين. وظلت بعثة (أميصوم)، المفوضة فقط بالدفاع عن نفسها وحماية مؤسسات ومسؤولي الحكومة الانتقالية، هدفا لهجمات مستمرة بالقنابل المزروعة على جانبي الطريق، التي حصدت أرواح جنود حفظ السلام، وبخاصة الجنود الأوغنديون.

وطالبت بعثة حفظ السلام الأفريقية، في المقابل، باستمرار بمنحها تفويضا لمهاجمة المتمردين الذين تعهدوا بمواجهة أي هجوم قد يتعرضون له من أي جهة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أشار إلى إمكان نشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في الصومال، بينما إسهامات الغرب في عملية حفظ السلام في الصومال، ومن ضمنها التدخل من جانب الأمم المتحدة، ظلت غامضة منذ إعلان الاتحاد الأفريقي عن فرصة لإعادة الاستقرار للصومال في ضوء التدخل الإثيوبي في شهر ديسمبر ( كانون الأول) عام 2006.