التحالف يعلن إحراز تقدم على مسار عملية «مشترك» في مارجا

في ظل مقاومة ضعيفة من حركة طالبان

TT

استولت القوات الأميركية والأفغانية والبريطانية على مواقع حيوية في معقل حركة طالبان بمارجا أول من أمس. وقد واجهت القوات اشتباكات قوية وإن كانت متفرقة، عندما بدأت عملية تفتيش المنازل المحفوفة بالمخاطر. فسرعان ما توغل أكثر من 6000 من القوات الأميركية والأفغانية والبريطانية صباح يوم السبت بعدما تمكنوا من التغلب في جميع المواجهات المباشرة التي تعرضوا لها، فيما تزايدت حدة الاشتباكات مع متمردي حركة طالبان عندما بدأت القوات عمليات تفتيش المنازل.

ويوحي نمط الأحداث بأن المرحلة الأصعب من القتال سوف تأتي خلال الأيام القادمة.

يذكر أنه قتل جندي أميركي وجندي من البحرية البريطانية إثر تعرضهما لإطلاق نيران باستخدام أسلحة خفيفة، ولكن لم تشر التقارير إلى إصابة أي من جنود الجيش الأفغاني الذي يشكل جنوده أغلبية المشاركين في القتال. كما قتل ثلاثة جنود أميركيين وجرح سبعة عندما قام انتحاري كان يستقل دراجة بخارية بتفجير نفسه خلال مرور دورية للمشاة في منطقة قندهار المجاورة. بالإضافة إلى مقتل جندي بريطاني آخر إثر انفجار قنبلة يدوية الصنع جنوب أفغانستان، في عملية ليست لها علاقة بالعملية القائمة في مارجا. وقال المسؤولون بحلف شمال الأطلسي إنه لا توجد إصابات بين صفوف المدنيين حتى الآن. ولكن ذلك الزعم يصعب التحقق منه وسط الفوضى هناك. ومن جهة أخرى، قال مسؤولون أميركيون إن الجنود قد تمكنوا من تحقيق أهدافهم الأولية هناك، والتي كانت تشتمل على التوغل إلى قلب المدينة والاستيلاء على نقاط التقاطع، والمباني الحكومية، وأحد الأسواق التجارية بمركز المدينة.

وقد عقد بعض رجال البحرية اجتماعات مع الأفغان المحللين لطمأنتهم، وطلبوا منهم مساعدتهم في العثور على متمردي حركة طالبان والقنابل المخبأة. ومن جهته، يقول محمد داوود أحمدي، المتحدث الرسمي باسم حاكم هلمند إن قوات حلف شمال الأطلسي بالإضافة إلى القوات الأفغانية أنشأوا 11 مركزا داخل مارجا، بالإضافة إلى اثنين في مدينة «نادي علي» المجاورة. ويضيف «لقد تمكنا من السيطرة على كل النقاط الاستراتيجية في المنطقة». ومن هذه المراكز، ينطلق الجنود وقوات البحرية في دوريات لتفتيش المنازل بحثا عن المقاتلين والأسلحة. وتعد تلك المرحلة من أخطر مراحل العملية ومن المتوقع أن تستمر لخمسة أيام. ولكن أكبر التهديدات التي تواجه القوات هو القنابل والأشراك الملغومة التي يعتقد بأن عددها يصل إلى المئات سواء في الطرق، أو المنازل، أو في ممرات المشاة. وتعد عملية غزو مارجا كبرى العمليات العسكرية منذ بداية الحرب التي تقودها الولايات المتحدة والتي بدأت قبل ثماني سنوات. ويعتقد أن المنطقة التي تبلغ مساحتها 80 مترا مربعا من الأراضي الزراعية، والقرى وقنوات الري، هي أكبر معاقل حركة طالبان داخل أفغانستان. كما يعتقد القادة الأميركيون والأفغان أنه يوجد في تلك المنطقة عدد من مصانع الأفيون التي يسيطر عليها المتمردون لتمويل الحرب. وفي اليوم الأول للعمليات، فشلت معظم عمليات المقاومة المتوقعة في التحول إلى واقع. وبالتأكيد لم يكن هناك أي قتال مباشر مثل تلك المعارك التي صاحبت الاستيلاء على الفلوجة في العراق في عام 2004 والتي كان يقارن بها غزو الفلوجة. ومن جهة أخرى، يقول عبد الرحيم وردك، وزير الدفاع الأفغاني، في مؤتمر صحافي بكابل «فعليا لم تكن هناك مقاومة. فوفقا لتقاريرنا الاستخبارية، غادر بعض أعضاء طالبان المنطقة. ولكننا ما زلنا نتوقع أن يكون هناك المئات منهم بالداخل. فقد تلقينا بعض التقارير التي تشير إلى وصول تعزيزات من المناطق المجاورة».

ومن المرجح أن يكون العشرات إن لم يكن المئات من المتمردين قد فروا من مارجا في الأيام السابقة على الهجوم الهجوم، وفقا لمسؤولين بالجيش وبعض المواطنين المحليين. وكان القادة الأميركيون والأفغان يتمنون حدوث ذلك عندما أعلنوا - في خطوة غير معتادة - عن نيتهم غزو مارجا قبل أيام من بداية العمليات. ولكن من المرجح أن يكون بعض أعضاء حركة طالبان ما زالوا يختبئون في مارجا. فقد قال أحد المواطنين الذي تحدثنا إليه هاتفيا إن هناك الكثير من المتمردين الذين ما زالوا موجودين بمارجا. فيقول بالوان، المزارع بمارجا، والذي لم يذكر سوى اسمه الأول «ليست لدي أي معلومات حول طالبان، فلا أعرف أين هم ولا أين ذهبوا. ولكنني لا أعتقد أنهم يمكنهم الخروج لأن القوات الأفغانية والأجنبية تحيط بمارجا من كل جانب». جدير بالذكر أن عملية مارجا التي تم الترويج لها باعتبارها أكثر التوجهات أهمية وحداثة في التعامل مع مارجا قد بدأت أول من أمس. ومن المقرر أن يتم استجلاب إدارة مدنية أفغانية بالإضافة إلى نحو 2000 من ضباط الشرطة الأفغان للمساعدة على منع متمردي حركة طالبان من العودة بعد إنهاء القوات الأفغانية والأميركية والبريطانية لتلك العملية. ومن المقرر أن تصل الدفعة الأولى من تلك القوات والتي تبلغ نحو ألف من رجال الشرطة شبه العسكرية الأفغانية خلال 24 ساعة. وفي بعض أجزاء المدينة، بدأت القوات الأميركية والأفغانية في عقد لقاءات مع المواطنين في محاولة للحصول على دعم الأفغان. وكانت العمليات السابقة لإخلاء متمردي حركة طالبان من المدن قد أخفقت في كل أنحاء أفغانستان، وهو ما يرجع في جانب منه إلى أن القوات الأميركية والأفغانية كانت لا تترك وراءها حكومة أفغانية أو قوات أمن للحفاظ على تلك المناطق، وهو ما كان يعني أن قوات طالبان لا تبقى بالخارج لمدة طويلة. ولكن يفترض أن تكون الأمور مختلفة هذه المرة. فيقول ورداك «ليس هدفنا من هذه العملية المشتركة هو قتل المتمردين. بل هدفنا الرئيسي هو مد نفوذ الحكومة وحماية السكان المدنيين». وكان الأفغان في مارجا قد ظلوا داخل منازلهم خلال الساعات الأولى من الغزو. فيقول بالوان، أحد المزارعين المحليين «لم يكن يستطيع أحد الخروج من منزله. فقد أخبرتنا الحكومة وحركة طالبان بأن نبقى في منازلها. ولكن القتال كان دائرا في المنطقة طوال الصباح».

* خدمة «نيويورك تايمز»