أفغانستان: مقتل 12 مدنيا و27 من طالبان في ثاني يوم لأكبر حملة عسكرية منذ 2001

أوباما يتابع سير الحملة العسكرية > «الناتو» يعلن نجاح عملياته العسكرية في هلمند

اطفال افغان يتطلعون الى كاميرا جندي بريطاني يشارك في عملية «مشترك» لطرد فلول طالبان من مدينة مارجا بولاية هلمند امس (ا.ف.ب)
TT

اعتبر الجنرال جيمس جونز مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أن الهجوم ضد حركة طالبان بقيادة أميركية في جنوب أفغانستان يتقدم «بشكل جيد جدا». وقال جونز: «إنها لحظة مهمة لأنها المرة الأولى التي نجمع فيها كل عناصر استراتيجية الرئيس الجديدة». وقد أطلق الهجوم فجر أول من أمس بمشاركة 15 ألف جندي أميركي وبريطاني وأفغاني على معاقل طالبان في مارجا. وأضاف جونز في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية: «أعتقد أننا في المرحلة الأولية لكنها تسير بشكل جيد جدا».

وشدد جونز على أن استراتيجية أوباما الجديدة التي تشمل إرسال 30 ألف جندي إضافي كتعزيزات تتضمن «ليس فقط العمليات العسكرية وإنما مقترحات لتحسين الاقتصاد وإدارة الحكم على المستويين المحلي والإقليمي».

وذكر البيت الأبيض أنه يتم إطلاع الرئيس الأميركي باراك أوباما عل مجريات الهجوم الذي يجري في جنوب أفغانستان منذ ليلة أول من أمس، موضحا أنه أجرى خاصة محادثات مساء أول من أمس مع مستشاره لشؤون الأمن القومي الجنرال جيمس جونز. وذكر الناطق باسم البيت الأبيض توني فييتور أن الجنرال جونز زار مطلع الأسبوع الحالي باكستان وأفغانستان، وأضاف أن وزير الدفاع روبرت غيتس طلب من الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأميركية في أفغانستان إطلاع الرئيس على سير العملية. من جهة أخرى أعلن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس مقتل عشرة مدنيين في الهجوم الكبير الذي تشنه القوات الدولية والأفغانية على أحد معاقل طالبان في مارجا، جنوبي أفغانستان.

وجاء في بيان صادر عن الرئاسة الأفغانية أن «الرئيس حميد كرزاي حزين جدا لمقتل عشرة مدنيين إثر سقوط صاروخ على منزل خلال العملية العسكرية». وأضاف البيان أن «الرئيس أمر بفتح تحقيق» موضحا أن مدنيين آخرين أصيبوا بجروح. واعترفت قوات حلف شمال الأطلسي أمس بمقتل 12 مدنيا جراء صاروخين أخطأ كل منهما هدفه خلال الهجوم الواسع النطاق الذي تشنه على معقل طالبان في مارجا في جنوبي أفغانستان. وقالت القوة الدولية المساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) في بيان إن «صاروخين أطلقا باتجاه متمردين كانوا يطلقون النار على القوات الأفغانية والأطلسية سقطا أمس على بعد نحو 300 متر من هدفهما ما أدى إلى مقتل 12 مدنيا في إقليم ناد علي» حيث تقع مارجا.

وأضاف البيان أن «قائد (إيساف) الجنرال (الأميركي) ستانلي ماكريستال قدم اعتذاراته إلى الرئيس (الأفغاني) حميد كرزاي على هذا الحادث المؤسف». ودخل هجوم قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد معاقل طالبان في إقليم هلمند يومه الثاني أمس حيث يقول المسؤولون إن 27 من مسلحي طالبان لقوا حتفهم حتى الآن.

وقد تم إدخال الآلاف من قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) والقوات الأفغانية والبريطانية عن طريق عشرات الطائرات المروحية والعربات المدرعة إلى منطقتي مارجا وناد علي في الإقليم أول من أمس. وتعد هذه العملية العسكرية الأكبر منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية الذي أدى للإطاحة بنظام طالبان في أواخر عام 2001. وزعم مسؤولو «الناتو» أنهم تمكنوا من تحقيق نصر مبكر في الوقت الذي مشطت فيه القوات 13 موقعا مستهدفا في المنطقتين اللتين تعدان من المعاقل الاستراتيجية في الإقليم الذي يعد الإقليم الرئيسي لإنتاج الأفيون في البلاد.

وقال داود أحمدي المتحدث باسم حاكم إقليم هلمند إن «العملية تسير بنجاح». وأضاف: «لقد قتل سبعة متمردين منذ ليلة (أول من) أمس السبت، ليبلغ بذلك عدد القتلى في صفوف طالبان 27 متمردا». وقال إن القوات المشتركة عثرت أيضا على أكثر من 2500 كيلوغرام من المتفجرات وقامت بتدميرها. وأضاف أحمدي أن اثنين من قوات «الناتو» أحدهما جندي بريطاني والثاني من المارينز الأميركية، لقيا حتفهما أيضا خلال اليوم الأول من العملية. وأكدت وزارة الدفاع البريطانية في بيان على موقعها الإلكتروني أن أحد جنودها لقي حتفه إثر وقوع انفجار في منطقة ناد على. ولم تقع ضحايا في صفوف الجيش الأفغاني. وقال وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وردك في كابل أمس إن هناك بعض الإصابات التي وقعت في صفوف القوات الأفغانية. وأضاف أن المئات من مقاتلي طالبان ما زالوا في المنطقة، في حين أن عددا كبيرا من المتمردين فروا قبل بدء العملية العسكرية التي أعلن عنها قبل أسابيع. وقدر مسؤولو «الناتو» والقوات الأفغانية أن ما يتراوح بين 600 وألف من مسلحي طالبان متمركزون في المنطقتين المستهدفتين.

وقد تم حشد نحو 15 ألف جندي من القوات الأميركية والأفغانية والبريطانية والكندية والدنماركية والإستونية للقيام بهذه العملية.

وتتركز العملية التي تحمل اسم «مشترك» في منطقة مارجا التي يقطن بها 80 ألف نسمة حيث أقام مهربو المخدرات الذين يحظون بحماية طالبان أكبر سوق للمخدرات في البلاد. وفر المئات من السكان المحليين في منطقتي مارجا وناد على إلى لشكرجاه عاصمة الإقليم ولكن بقى آخرون في ضوء تأكيدات مسؤولي «الناتو» بأنهم سوف يتخذون الإجراءات اللازمة لتجنب وقوع خسائر بشرية بين المدنيين. وقال المسؤولون إن القنابل التي تزرع على جانب الطرق أبطأت من تقدم القوات المشتركة نحو بلدة مارجا.

وقال قاري يوسف أحمدي المتحدث باسم طالبان هاتفيا من مكان مجهول أمس إن مقاتلي طالبان لم ينسحبوا. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلن زيادة القوات الأميركية بـ30 ألف جندي إضافي ليبلغ بذلك قوام القوات الأميركية في أفغانستان 98 ألف جندي. ويتمركز نحو 113 ألف جندي من القوات الأميركية وقوات «الناتو» في البلاد حاليا، وقد تعهدت بعض دول «الناتو» بإرسال 7000 جندي بحلول هذا الصيف. وربما تكون قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأفغانية تحرز تقدما في هجومها على مقاتلي طالبان لكن مراسم رفع العلم على أحد المجمعات التي استولت عليها هذه القوات شهدت إطلاق نار أمس مما يشير إلى أن حركة طالبان ما زالت تمثل تحديا.

وكانت قوات مشاة البحرية الأميركية قد قادت واحدة من كبريات عمليات حلف الأطلسي ضد حركة طالبان أول من أمس السبت في اختبار مبكر لسياسة زيادة القوات التي ينتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما في أفغانستان.

وهبطت طائرات هليكوبتر تقل جنودا من مشاة البحرية الأميركية في منطقة مارجا آخر معاقل طالبان الكبرى في إقليم هلمند في الساعات الأولى من حملة حلف شمال الأطلسي لبسط سيطرة الحكومة على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون قبل أن تبدأ القوات الأميركية في انسحاب مقرر عام 2011. وقال الجندي الأفغاني ألماسات خان، 22 عاما، خلال احتفالية رفع العلم على المجمع: «لطالما حلمت برفع العلم الأفغاني فوق مارجا».

لكن مسلحين فتحوا النار على قوات مشاة البحرية التي كانت في الخارج لحراسة الموقع. من جهته، قال الملا عبد الرزاق قائد طالبان في منطقة مارجا في مقابلة نشرت على موقع الحركة على الإنترنت إن قوات حلف الأطلسي تغالي في تصوير الأهمية الاستراتيجية لمارجا كي تغطي إخفاقاتها السابقة. وتعد مارجا منذ فترة طويلة ملاذا للمسلحين ومنطقة مربحة لزراعة الخشخاش التي تقول الدول الغربية إنها تمول التمرد بأفغانستان. وبدا حجم المشكلة صارخا في المجمع الذي استولت عليه قوات مشاة البحرية. وقال تيم كوديري المستشار المدني لمسؤولي مشاة البحرية إنه تم اكتشاف أكياس مخدرات بمئات الآلاف من الدولارات وأجولة مواد كيماوية يمكن استخدامها في صنع 100 رطل من المتفجرات.