أطفال الأفغان يعودون إلى وطنهم بعد تلقي الرعاية الصحية في ألمانيا

إصابات الحروب وكسور العظام لا يمكن علاجها بشكل صحيح في أفغانستان

TT

اسمها الألماني فريدينسدورف وترجمتها «قرية السلام».. مكان يتلقى فيه العلاج الأطفال المصابون بإصابات بالغة في أفغانستان وغيرها من مناطق الصراع. وفي العام الماضي أخذ المكان المسمى «فريدينسدورف إنترناشونال» المسؤولية عن أكثر من 190 طفلا أفغانيا خضعوا لجراحات مجانية في مختلف المستشفيات عبر ألمانيا.

واليوم من المقرر أن تعود الدفعة الأولى المكونة من 58 طفلا إلى كابل بعد استكمال علاجها بنجاح. لكن ينتظرهم لدى العودة مستقبل تحيط به الشكوك، حيث إن القوات التي يقودها الناتو بدأت لتوها هجوما ضخما ضد متمردي طالبان جنوب وطنهم.

نصيرة.. فتاة صغيرة من كابل حيث يعمل أبوها في إعادة تعمير المنازل والمدارس في الإقليم الذي يحيط بالعاصمة الأفغانية.

وهي تقيم في القرية منذ عام وخضعت مرتين لجراحة معقدة لاستعادة الحركة في إصبعين أصابهما الشلل في يدها اليمني. وقد عانت من مشاعر مختلطة عندما جاءت لأول مرة إلى ألمانيا «لأنني لا أعرف ما سيحدث». وعلى غرار جميع الأطفال الآخرين في المعسكر فإنه لم يكن لها أي اتصال بالأسرة بينما كانت هناك. يقول فولفغانغ ميرتينز المتحدث باسم «فريديسندورف إنترناشونال» الذي تمول عملياته بالكامل عن طريق التبرعات «إنه أمر صعب على الآباء أيضا».

وتعمل المنظمة في مناطق الأزمات منذ 43 عاما. ومنذ 1980 يطير أعضاؤه مرتين كل عام إلى أفغانستان حيث نظام الرعاية الصحية فقير للغاية. يقول ميرتينز إن إصابات الحروب وكسور العظام والتشوهات لا يمكن علاجها بشكل صحيح أبدا. وحتى في المدن الكبرى فإن الأوضاع الصحية في المستشفيات سيئة. يختار طبيب من الهلال الأحمر الأفغاني مرضى صغار السن من جميع أنحاء البلاد للذهاب إلى ألمانيا للعلاج. ويقول مرتينز إن أكثر من ثلثي الأطفال الذين يذهبون إلى ألمانيا لديهم آلام مبرحة في العظام.

لكن أعداد مصابي الحروب تضاءلت في الشهور الأخيرة بحسب الطبيب محمد الحريري وهو طبيب سابق من لبنان يعمل بشكل تطوعي في القرية. ويقول «عندما وصل الأطفال في البداية شعروا بالرعب. لكنهم بسرعة أدركوا أن الناس تريد مساعدتهم وبسرعة التقطوا أولى كلماتهم الألمانية».

وفي القرية أمضى الأطفال وقتهم في التدريب وفي تعلم دروس اللغة الألمانية وفي الحياكة والطبخ. الحرب لم تكن تُناقش. يقول مرتينز «بعض الناس يعتقدون أن إبعاد الأطفال عن بيئتهم الطبيعية وإحضارهم إلى عالم يبدو مثل عالم خيالي بالنسبة لهم ليس فكرة طيبة. ولهذا السبب فإن العاملين مع الأطفال يؤثرون خلق مسافة عاطفية بين الأطفال وبينهم. وفي حالات استثنائية فقط يسمح للأطفال بمغادرة القرية. يقول يار محمد، وهو واحد من العائدين إلى وطنهم اليوم الاثنين، «أفغانستان تختلف تماما عن ألمانيا». يقول سليمان المقيم في المركز منذ عامين حيث يعالج من إصابة بالساق والآن يترجم أسئلة يضعها المعالجون للقادمين الجدد «آمل أن تكون أفغانستان مثل ألمانيا يوما ما».

وعندما يستقل محمد ونصيرة وسليمان وغيرهم من الأطفال الطائرة إلى وطنهم فإنه سيكون مع كل منهم حقيبة ممتلئة بما يكفي من أدوية وضمادات لمدة 6 أشهر. وسوف تكون المجموعة التالية في الانتظار حيث تستعد المجموعة المكونة من 85 طفلا لمغادرة أفغانستان متوجهة إلى ألمانيا يوم الجمعة المقبل.