شرطة دبي: قتلة المبحوح 11 بينهم امرأة وشكلوا 4 فرق للمراقبة والخامسة اغتالته

عرضت صورهم وقالت إنهم حسب جوازات سفرهم: 3 أيرلنديين و6 بريطانيين وألماني وفرنسي

مجموعة صور نشرتها شرطة دبي أمس لـ11 شخصا مشتبها فيهم في الضلوع باغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح الشهر الماضي (أ.ف.ب) و الفريق ضاحي خلفان تميم يعرض صور المتهمين أمس
TT

كشفت شرطة دبي، أمس، عن معلومات مهمة في قضية اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، محمود عبد الرؤوف محمد حسن، المشهور باسم محمود المبحوح، وقالت إن ذلك ينهي جميع جوانب الغموض التي لفت العملية منذ وقوعها، وأبرز هذه المعلومات جنسيات المتهمين في العملية وأسماؤهم وصورهم وطريقة تنفيذ العملية بالتسجيل المصور.

ووفقا لشرطة دبي فإن قائمة المتهمين تضم أحد عشر فردا، هم ثلاثة يحملون جوازات سفر أيرلندية وستة بريطانيين وفرنسي وألماني ومنهم امرأة.

ووفقا لما أعلنته الشرطة، يوم أمس، وباختصار لمجريات حادثة الاغتيال، كان المبحوح مراقبا منذ وصوله إلى دبي من قبل مجموعة عددها أحد عشر عنصرا، جميعهم أوروبيو الجنسية، حسب جوازات سفرهم، هم ستة بريطانيين وثلاثة أيرلنديين وفرنسي وألماني، وصلوا إلى دبي في نفس وقت وصول المبحوح تقريبا، وشكّل المتهمون أربعة فرق للمراقبة، حيث تكون كل فريق من شخصين، بينما تركزت مهمة المجموعة الخامسة - والتي ضمت أربعة أشخاص - على تنفيذ الجريمة، بحيث حجز المتهم الفرنسي الجنسية، الذي لعب دور مسؤول التنسيق اللوجيستي للفريق، في غرفة رقم 237 المقابلة لغرفة المبحوح (رقم 230)، وعلى مرمى حجر منها دخلت المجموعة إلى غرفة المبحوح في تمام الساعة الثامنة مساء يوم 19 يناير (كانون الأول)، ليلة الاغتيال وانتظرته ليصل إلى غرفته في تمام الساعة الثامنة وخمسة وعشرين دقيقة تقريبا، لتتم الجريمة بنجاح، فيما غادرت المجموعة دبي في أقل من 24 ساعة، قبيل اكتشاف جثة القتيل بعد أن تمت العملية في أقل من 20 دقيقة، استخدمت خلالها المجموعة عدة طرق للتنكر.

وأوضحت مصادر الشرطة أن قائمة المتهمين تضم كلا من: بيتر إيليفنجر ويحمل جواز سفر فرنسيا، وثلاثة متهمين يحملون جوازات سفر أيرلندية وهم: كيفين دافرون، جايل فوليارد (المرأة الوحيدة في المجموعة)، إيفان دينينغز، إضافة إلى ستة متهمين يحملون جوازات سفر بريطانية وهم: بول جون كييلي، ميلفين آدم ميلداينر، ستيفين دانيل هودز، مايكل لورانس بارني، جيمس ليونارد كلارك، جوناثان لويس غراهام، والمتهم مايكل بودنهايمر، الذي يحمل جواز سفر ألمانيا. وفي التفاصيل تقول شرطة دبي إن التفاصيل التنفيذية للمخطط الإجرامي بدأت مع تعاقب وصول المتهمين إلى دبي مساء اليوم السابق ليوم جريمة القتل، حيث نزلت عناصر الفرق الخمسة المتورطة في الجريمة في فنادق متفرقة ضمن مواقع مختلفة في دبي، ولكنها متقاربة نسبيا، بما يضمن سهولة التنقل منها وإليها وفقا للتحركات المتفق عليها فيما بينهم. ونوّه القائد العام لشرطة دبي بأنه على الرغم من اتباع المتهمين لمجموعة من «وسائل المراوغة والتضليل والتنكر المختلفة، مثل استخدام الشعر المستعار وأغطية الرأس (الكابات) والتخفي في أزياء متنوعة ما بين رسمية ورياضية لإخفاء وتغيير هيئتهم الأصلية، فإن تلك الأساليب لم تفلح في خداع الحس الأمني المرهف والكفاءة المهنية العالية التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية في دبي». وقالت شرطة دبي إن كاميرات المراقبة الأمنية أبرزت أن المتهم الأول بيتر إيليفنجر، لعب دور مسؤول التنسيق اللوجيستي للفريق، حيث نزل في أحد الفنادق الفخمة في دبي، ثم قام بحجز غرفة في فندق البستان روتانا - موقع الجريمة - وطلب حجز غرفة محددة، وهي الغرفة رقم 237 المقابلة لغرفة المبحوح (رقم 230) وعلى مرمى حجر منها، حيث قام المتهمون باستخدام الغرفة (237) قبيل تنفيذ مخططهم، في حين لم يحل إيليفنجر في تلك الغرفة التي حجزها بل هم بمغادرة البلاد قبيل إتمام رفقائه للجريمة بوقت وجيز. وأظهرت كاميرات المراقبة الأمنية في مطار دبي تعقّب أحد أعضاء فريق المراقبة من المتهمين، لمحمود المبحوح منذ وصوله إلى أرض المطار، بما يؤكد تتبعهم له ومعرفتهم لموعد وصوله، في الساعة 3:20 من بعد ظهر يوم 19 يناير (كانون الأول) الماضي، قبيل توجهه مباشرة إلى فندق البستان روتانا، بينما كان يتتبعه اثنان من المتهمين ضمن أحد فرقهم المعنية بالمراقبة، حيث استقل المتهمان معه المصعد نفسه في الفندق، ونزلا منه أيضا في الطابق ذاته وتبع أحدهما المبحوح للتأكد من رقم الغرفة التي ينزل فيها. وأظهرت تسجيلات المراقبة التلفزيونية في فندق البستان، تتبع فرق المراقبة التي شكلها المتهمون لكل تحركات المبحوح داخل الفندق، كما أظهرت وصول فريقهم المعني بالتنفيذ إلى الفندق وصعود أفراده على دفعتين (صعد اثنان في كل مرة) وبفارق عدة دقائق - ودخلوا جميعا إلى الغرفة التي استأجرها بيتر (غرفة رقم 237). ووفقا لشرطة دبي فإن المتهمين قاموا بمحاولة دخول غرفة المبحوح في الساعة الثامنة مساء، وعقب انتهاء عمال النظافة من مناوبتهم في الطابق نفسه، بينما أظهرت أشرطة المراقبة الأمنية في الفندق اثنين من المتهمين وهما يتوليان عملية المراقبة والاعتراض بعد مغادرة عامل النظافة لتسهيل مهمة فريق التنفيذ، ومن بين أعضائه العنصر التقني، الذي يُعتقد أنه استخدم الجهاز الإلكتروني لفك شفرة مفتاح غرفة القتيل للتمكن من الدخول إليها قبيل وصول المبحوح مستخدمين جهازا إلكترونيا لفتح باب الغرفة، للدخول إلى الغرفة.

ووفقا لما جاء في الشريط المسجل من كاميرات أمن الفندق - وأيضا القراءة المنسوخة من مفتاح الغرفة - فقد وصل المبحوح إلى غرفته في تمام الساعة 8:25 مساء يوم 19 يناير، حيث يُرجح أن جريمة القتل قد تمت خلال فترة لم تتجاوز 10 دقائق اعتبارا من دخول المبحوح إلى غرفته. وأظهرت التحقيقات، وفقا لشرطة دبي، أن الجناة حرصوا على ترتيب كل مقتنيات الغرفة لكي تبدو في صورة طبيعية، بهدف إزالة جميع الآثار التي قد تدل على وقوع مقاومة من قِبل القتيل، ولتضليل الجهات الأمنية وتحويل انتباههم عن أي شبهة جنائية وراء وفاة محمود المبحوح، حيث عمد الجناة أيضا إلى إغلاق سلسلة الأمان الخاصة بباب الغرفة من الداخل، إمعانا في الإيحاء بأن الوفاة تمت بصورة طبيعية. وقد سارع جميع المتهمين بالفرار من الفندق عقب إتمام الجريمة مباشرة، حيث لم يستغرقوا أكثر من 10 دقائق للمغادرة، بينما توجهوا على الفور إلى مطار دبي واستقلوا رحلات طيران، مختلفة متوجهين إلى عدد من المدن الأوروبية والآسيوية، وفقا لما أظهرته تسجيلات المراقبة التلفزيونية الخاصة بالمطار.

وترى شرطة دبي أنه وبالرغم من السرعة الخاطفة التي نُفذت بها الجريمة، والتي لم تستغرق أكثر من 20 دقيقة منذ لحظة دخول المجني عليه (المبحوح) إلى الفندق حتى مغادرة الجناة موقع الجريمة قبل توجههم مباشرة إلى المطار، فإن شرطة دبي نجحت في جمع قرائن مهمة، في مقدمتها أشرطة المراقبة التلفزيونية التي تم من خلالها رصد تحركات المتهمين منذ لحظة وصولهم إلى دبي لحين مغادرتهم البلاد، بما في ذلك تحركاتهم داخل الفندق الذي وقعت فيه جريمة القتل، وكذلك كل المواقع الأخرى التي تنقّل بينها المتهمون، وضمت عددا من الأماكن التي نزلوا عليها أو اجتمعوا فيها إمعانا في التضليل والتخفي خلال فترة تواجدهم في دبي والتي لم تتجاوز 24 ساعة. وذكر الفريق ضاحي خلفان تميم قائد شرطة دبي مجددا أن المبحوح قُتل «بكتم الأنفاس» وأنه يمكن أن يكون تعرض لصعقة كهربائية.

ولم يستخدم المشتبه بهم أي أدوات اتصال محلية في ما بينهم بل استخدموا «وسائل اتصال متطورة» و«مشفرة» لا تمر عبر قنوات الاتصال الإماراتية. كما لم يستخدموا بطاقات ائتمانية بل دفعوا نقدا للفنادق وسيارات الأجرة. وذكر خلفان أن حماس طلبت المشاركة في التحقيق و«قلنا لهم لا، إطلاقا»، مرجحا أن يكون أمن المبحوح مخترَقا «اختراقا كبيرا» قبل وصوله إلى دبي لأن أعضاء المجموعة الأوروبية الذين يفترض أنهم اغتالوه وصلوا إلى دبي قبله.

وقال: «نعرفهم واحدا واحدا ونعرف أين مسكنهم»، لكن ملاحقتهم ستتم عبر الوسائل الدولية المعروفة وستنشر صورهم وأسماؤهم. وذكر خلفان أن ما حُكي عن أن زيارة المبحوح إلى دبي كانت بغرض التقاء أطراف إيرانية لإتمام صفقات سلاح لحماس، هو «كلام فاضي». واعتبر أن اغتيال المبحوح الذي كان وحيدا أعزل «من قِبل أكثر من عشرة أشخاص عمل جبان وليس عملا بطوليا». وفي تلميح إلى إمكانية ضلوع دولة في اغتيال المبحوح قال: «إذ كان قادة بعض الدول يصدرون الأوامر إلى أجهزتهم الاستخبارية والأمنية من أجل القتل، فهذا بغيض ومرفوض».

لكن خلفان وفي سياق تناوله لتاريخ المبحوح وضلوعه المفترض في قتل جنديين إسرائيليين أُسرا خلال الانتفاضة الأولى، قال: «إذا كان أسر جندي من قِبل فرد يعد عملا بطوليا، وهو كذلك، فإن قتل أسير ليس بعمل بطولي». وقال خلفان للصحافيين إن شرطة دبي لا تستبعد أن يكون الموساد وراء ذلك ولكن حينما يجري اعتقال هؤلاء فستعرف من يقفون وراء الحادثة. وأضاف أن أوامر الاعتقال لم تصدر بعد ولكنها ستصدر قريبا. وتابع أن الشرطة اعتقلت اثنين من الفلسطينيين يشتبه في أنهما وفرا دعما إمداديا في قتل محمود المبحوح في فندق في دبي الشهر الماضي.