اغتيال المبحوح: لندن ودبلن تؤكدان أن جوازات المتهمين مزورة

نشوة في إسرائيل بالعملية.. وزير الإعلام الأردني سلمنا شخصين طالبت بهما شرطة دبي

TT

على الرغم من عدم اعتراف إسرائيل بوقوف جهاز مخابراتها الخارجي «الموساد» وراء عملية اغتيال محمود المبحوح أحد أبرز قادة حركة حماس في فندق بدبي في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، فإن الصحف الإسرائيلية تنقل عن مصادر لم تسمها إشادتها بالطريقة التي تمت بها هذه العملية وبنجاح المشاركين في دخول دبي والخروج منها بأقنعة وجوازات سفر مزورة. ورجحت وزارة الخارجية البريطانية أن تكون جوازات السفر البريطانية التي حملها 6 من المشاركين في العملية وعددهم 11 وليس 7 كما ذكر بداية، الذين تسعى شرطة دبي لاستجوابهم، أن تكون مزورة. وأعلنت وزارة الخارجية الأيرلندية أن الجوازات الأيرلندية الثلاثة مزورة. وأعلنت نيابة دبي أمس أنها أصدرت أوامر اعتقال دولية بحق جميع قتلة المبحوح، وذلك «لارتكابهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد على أرض إمارة دبي». وقال المستشار عصام عيسى الحميدان النائب العام، إن «أوامر النيابة صدرت استنادا إلى القوانين السارية في الإمارات، بما فيها قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية والاتفاقيات التي ترتبط بها دولة الإمارات والدول التي ينتمي إليها المتهمون». وأضاف الحميدان أن نيابة دبي تولت التحقيق في القضية فور وقوع الحادث، ويجري استكمال التحقيق على ضوء ما تسفر عنه الإجراءات والأحداث في الأيام المقبلة. وأشار إلى أن «الإمارات ترتبط بأوجه تعاون قضائي دولي مع معظم بلدان العالم ، تتيح لها طلب تسليم المتهمين أينما تم القبض عليهم».

ووفقا للمحامي في القانون الدولي عبد الله درويش من «مكتب الخليج للمحاماة» فإن معظم دول العالم ترفض تسليم مواطنيها وتعمل على محاكمتهم أمام قضائها في الجرائم التي قد يرتكبونها خارج بلادهم، من خلال طلب ملف كامل عن الجريمة في الدولة التي تمت فيها الجريمة. وأضاف أنه يمكن اعتقال المتهمين في حال كانوا في دول غير دولهم من خلال اتفاقية تسليم المطلوبين الثنائية، لكنه يشير في نفس الوقت إلى أن دولة الإمارات «لديها مصداقية كبيرة لدى دول العالم، وهناك ثقة بقضائها، حتى إن بعض الدول سلمت مطلوبين من مواطنيها للإمارات».

وفي إسرائيل، أثار نشر صور الـ11 شخصا الذين يعتقد أنهم متورطون في عملية اغتيال المبحوح في دبي اهتماما بالغا، اتسم بالزهو. فقد اعتبروا الصور دليلا على أن اغتيال المبحوح تم بمهنية عالية جدا وراحوا يمجدون منفذي العملية ويشيرون إلى أن أداءهم المتقن مناسب لأسلوب «الموساد». وخرج الإسرائيليون بأربعة استنتاجات أساسية، هي، أولا: أن الصور برأت الوزير الإسرائيلي، عوزي لاندو، الذي اتهم بإحضار منفذي الاغتيال في حاشيته. وظهر بوضوح أن منفذي العملية وصلوا إلى دبي لوحدهم وفرادى ومن دون الحاجة إلى الوزير وحاشيته ومن عواصم وبلدان مختلفة.

ثانيا: أن العملية تدل على مهنية غير عادية، حيث إن منفذيها تمكنوا من إنجازها والمغادرة من دون أي عائق. والمهنية ظهرت، حسب الإسرائيليين، في الأسلوب الذي اتبعه منفذو العملية خطوة خطوة. فقد ارتدوا جميعا الأقنعة، والصور التي ظهروا فيها هي ليست صورهم الحقيقية، والملابس التي ارتدوها اتخذت طابع التضليل، حيث إنها مهملة وغير ملفتة للنظر، وأنهم تابعوا المبحوح منذ وصوله إلى دبي لحظة بلحظة فشاهدوه يدخل غرفته، ولاحقوه عندما خرج، وتتبعوا أثره في الاجتماعات التي عقدها خارج الفندق، في حين دخل اثنان منهم إلى الغرفة في غيابه. وحسب المصادر الإسرائيلية فإن الاغتيال نفذ بطريقة تسميم محكمة لا تترك أثرا سريعا ونثروا عدة أدوية في الغرفة لتضليل المحققين والأطباء وإطالة التحقيق، حيث إن عنصر الوقت مهم جدا في هذه الحالة، وتصرفوا بأعصاب باردة ومن دون توتر، كما ظهر من الصور، وغير ذلك.

ثالثا: زرع دبي بالكاميرات في كل زاوية وحي، كان مفاجئا. فالمعروف أن لندن هي المدينة الوحيدة في العالم التي تغطيها كاميرات المخابرات في كل ناحية. وما ظهر من الصور التي عرضها قائد شرطة دبي، أن كل ما يجري في هذه المدينة موثق. وشرطتها استطاعت في وقت قصير نسبيا تحليل الصور القادمة إليها من جميع أنحاء المدينة وإنجاز التحقيق والوصول إلى الاستنتاجات. ومع أن هذه الكاميرات لم تمنع الاغتيال، فإنها ستصعب على من يريد تكرار المحاولة في المستقبل أن ينفذ بجلده. رابعا: على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين بغالبيتهم، يريدون أن تلصق بهم تهمة الاغتيال ويلمحون بذلك بكثير من الاعتزاز، فإنهم في الوقت نفسه سعداء بأن شرطة دبي لا تستطيع اتهامهم مباشرة حتى الآن. فالأشخاص الأحد عشر، الذين ظهروا في الصور على أنهم منفذو الاغتيال، لم يحملوا أي جواز سفر إسرائيلي. ولا يعرف بعد ما الذي سيدلي به في التحقيق، الفلسطينيان اللذان اعتقلا في الأردن وسلمتهما السلطات الأردنية إلى دبي. فإذا كانا شريكين ويعرفان شيئا عن المنفذين ويعترفان بما يعرفان، تتغير الصورة. ونشرت في إسرائيل، أمس، عدة مقالات تمجد هذه العملية. فكتب أساف شنايدر في صحيفة «معاريف»: «تفرست الصور، ورأيت الوجوه الظاهرة فيها. إنها من عندنا. ليس حسبما ينشر في الخارج، بل حسب التجربة الحياتية وحسب الإحساس الداخلي وحسب نبضات قلوبنا. في الواقع ليس مهما من أين جاء هؤلاء الشباب، المهم أنهم نفذوا عملا مهنيا متقنا يستحقون عليه التقدير. يستحقون أعظم سلام. عندما شاهدنا كوين، هذا الذي أشار إليه قائد شرطة دبي على أنه قائد العملية، قفز أكثر من رجل إسرائيلي من مكانه وهو يشاهد التلفزيون وصاح أمام زوجته وأولاده: أنا أعرفه. خدمت معه في لبنان فقط قبل ثلاث سنوات». وكتب المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، أمير أورين: «دبي تستطيع الآن حل مشكلتها الاقتصادية. فالفيلم الذي بثته الشرطة عن عملية اغتيال المبحوح، هو بضاعة ثمينة للغاية. كل كلية أمن محترمة تحتاج إليه لتدرس لتلاميذها كيف ينفذون عملية اغتيال نظيفة ومتقنة إلى هذا الحد». وفي لندن، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أمس أنها «تعتقد» أن جوازات السفر البريطانية التي استخدمها ستة أشخاص من أصل 11 شخصا متهمين بالضلوع في عملية الاغتيال مزورة. وكذلك أفاد متحدث باسم وزارة الخارجية الأيرلندية بأن تفاصيل جوازات السفر الأيرلندية التي استخدمها ثلاثة من المشتبه بهم تبين أنها مزورة. وقال المتحدث: «مررنا على أرقام الجوازات والأسماء عبر قاعدة البيانات ولم نعثر على جوازات سفر بهذه الأسماء أو الأرقام». وفي عمان، أكد وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام الأردني نبيل الشريف أن بلاده سلمت شخصين من حملة الجنسية الفلسطينية لسلطات الأمن في دبي، وقال الشريف للصحافيين أمس: «قمنا خلال الأيام القليلة الماضية بتسليم السلطات الإماراتية شخصين يحملان الجنسية الفلسطينية، طلبت شرطة دبي من الأردن تسليمهما، وقد تمت عملية التسليم وفق الإجراءات المتبعة في مثل هذه الظروف».