نجاد يتحدث عن حرب تستعد إسرائيل لشنها في الربيع أو الصيف.. ورسالة «ثلاثية» تحذر من نواياه

طهران ترد على اتهامات كلينتون: أنتم أنفسكم ضالعون في دكتاتورية عسكرية

محمود أحمدي نجاد خلال مؤتمره الصحافي في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

هاجمت إيران الولايات المتحدة بشدة أمس بعدما قالت وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون إن إيران تتحرك صوب «دكتاتورية عسكرية»، واتهمت طهران على لسان وزير خارجيتها منوشهر متقي واشنطن بانتهاج سياسات خاطئة بالشرق الأوسط، قائلا إن حروب أميركا في العراق وأفغانستان أدت إلى تشريد الآلاف وإن إيران هي من قامت باستقبال هؤلاء اللاجئين على أراضيها و«إنهم هم أنفسهم (الأميركيين) ضالعون في نوع من الدكتاتورية العسكرية ويتجاهلون فعليا الواقع والحقائق في المنطقة»، إلى ذلك وفيما قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن إسرائيل تستعد لشن حرب «في الربيع أو الصيف» من دون أن يوضح ضد مَن، أكدت أميركا وفرنسا وروسيا في رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إقدام طهران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% «يثير القلق حيال نواياها النووية».

وجاء في رسالة أرسلتها الدول الثلاث إلى المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو، وتلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منها إنه «إذا مضت إيران قدما في هذا التصعيد، فإن هذا الأمر سيثير القلق حيال نواياها النووية، علما أن إيران لا يمكنها إنتاج الوقود النووي اللازم في الوقت المحدد لتأمين الإنتاج غير المنقطع للنظائر الطبية في مفاعل الأبحاث في طهران»، وأوضح مصدر قريب من الوكالة الدولية أن هذه الرسالة وجهت إلى النظام الإيراني الأسبوع الماضي وسلمت أمس إلى أمانو.

وفي طهران، أوضح أحمدي نجاد في مؤتمر صحافي أمس أن إسرائيل تتجه لحرب في المنطقة، قائلا: «بحسب معلوماتنا إنهم (الإسرائيليين) يستعدون لشن حرب في الربيع أو الصيف إلا أن قرارهم لم يحسم»، وأضاف: «لكن المقاومة ودول المنطقة ستسحقهم إن أقدم هذا النظام الغاصب على أي شيء».

كما أعلن الرئيس الإيراني أن رد طهران «سيجعل الدول الكبرى تندم» إذا فرضت عقوبات جديدة بشأن برنامجها النووي، معربا في المقابل عن استعداده لتبادل اليورانيوم معها للحصول على وقود، وقال أحمدي نجاد: «إذا حاول أحد إثارة المشكلات لإيران فلن يكون ردنا كما في الماضي، هذا الرد.. سيجعلها تندم» في حال فرضت عقوبات على إيران، وأوضح أن بلاده مستعدة لوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% إذا حصلت على الوقود النووي اللازم لمفاعل الأبحاث في طهران.

وأمر أحمدي نجاد في السابع من فبراير (شباط) بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% بعد أن رفضت بلاده اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تبادل اليورانيوم المدعوم من الدول الكبرى.

وينص الاقتراح على أن تسلم إيران 70% من اليورانيوم الضعيف التخصيب (3.5%) لروسيا التي ستكلف التخصيب بنسبة 20% قبل تحويله في فرنسا إلى وقود لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران، وأكد أحمدي نجاد أن «ملف تبادل الوقود لم يغلق بعد، قلنا إننا سنجري عملية التبادل في إطار منصف».

وأضاف: «إننا مستعدون لتبادل اليورانيوم حتى مع الولايات المتحدة، يمكن للولايات المتحدة أن تعطينا وقودها المخصب بنسبة 20% وسندفع لهم إذا أرادوا أو سنعطيها وقودنا المخصب بنسبة 3.5%»، وتابع: «لكن هذا التبادل يجب أن يكون متزامنا وسنضع وقودنا تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران» من دون أن يقول ما إذا كانت عملية التبادل ستتم داخل إيران كما يطالب مسؤولون إيرانيون منذ أشهر.

كما قال الرئيس الإيراني إن بلاده غير قلقة بشأن أي عقوبات تستهدف وارداتها من البنزين إذ أنها تستطيع أن تصبح مصدرا للوقود في المستقبل، وتابع: «نحن قادرون على إنتاج نفس الكمية التي تستوردها البلاد داخل إيران»، وأضاف دون أن يحدد متى سيحدث ذلك «هناك عدة مصاف تحت الإنشاء.. وبمجرد بدء تشغيلها نستطيع أن نصدر البنزين».

كما أكد الرئيس الإيراني أنه لا يأخذ على محمل الجد تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي اتهمت فيها إيران بأنها ستصبح «دكتاتورية عسكرية»، وقال: «إننا فقط نتساءل عما إذا كان هذا هو موقف الإدارة (الأميركية للرئيس أوباما) أم فقط موقف أجنحة سياسية معينة في الولايات المتحدة»، وتابع: «يجب عليها (كلينتون) أن تعرف أن لدينا شعبا يبلغ تعداده 75 مليون نسمة وجميعهم يدافعون عن الثورة الإسلامية واستقلالهم وهويتهم الإيرانية».

وقال: «إنهم نفذوا عمليات غزو عسكري لتغيير حكومات وهذه حقيقة تاريخية، ونشروا حاليا أكثر من 300 ألف جندي في منطقتنا وهم متورطون في ثلاث حروب»، وأضاف: «لذلك ما تقوله هذه السيدة (كلينتون) بشأن الدكتاتورية العسكرية هو أمر لا نأخذه على محمل الجد».

كما أعرب متقي عن أسفه لتصريحات كلينتون، وقال وزير الخارجية الإيراني في بيان وزع على وسائل الإعلام الأجنبية في طهران أمس: «نأسف لمحاولة السيدة كلينتون التستر على حقائق السياسات الأميركية باستخدام مثل هذه الألفاظ غير الحقيقية، ونعتبر هذا نوعا جديدا من الخداع»، وأكد متقي أن السياسات العسكرية التي تتبعها الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق ولبنان وقتل المدنيين الأبرياء «إنما هي رموز حقيقية للدكتاتورية العسكرية». وقال: «متأكدون أن دول المنطقة لن تخدعها على الإطلاق هذه التضليلات السياسية»، موضحا أن إيران هي من استقبلت آلاف اللاجئين من العراق وأفغانستان على أراضيها بسبب الحرب في البلدين.

إلى ذلك قال متقي بعد اجتماعه بنظيره التركي أحمد داود أوغلو في طهران، إن بلاده ستبحث أي أفكار جديدة بشأن اتفاق مقترح لمبادلة وقود نووي مع قوى كبرى، لكن لم ترد إشارة فورية على أن زيارة داود أوغلو لطهران أسفرت عن أي انفراجة في خلاف إيران النووي المستمر مع الغرب.

ومن المقرر أن يلتقي داود أوغلو الرئيس الإيراني خلال مباحثاته في طهران، وكان وزير الخارجية التركي قد وصل إلى طهران أول من أمس في محاولة لإنقاذ اتفاق رعته الأمم المتحدة لمبادلة اليورانيوم مع تزايد المطالب بفرض عقوبات على إيران.

ووصف متقي المحادثات مع داود أوغلو بأنها مشاورات وليست أي وساطة بين طهران وقوى عالمية تبذل جهودا لحل النزاع النووي بطرق دبلوماسية، وقال متقي في مؤتمر صحافي مشترك مع داود أوغلو: «أبلغنا أصدقاءنا الأتراك بشأن آخر التطورات حول قضية إيران النووية السلمية».

وعرضت تركيا أن تكون طرفا ثالثا يمكن تبادل اليورانيوم من خلالها، لكن داود أوغلو لم يتطرق إلى القضية النووية على وجه التحديد في المؤتمر الصحافي أمس، وقال: «إمكانات العلاقة بين تركيا وإيران كبيرة، نريد الاستفادة من هذه الإمكانات، ونهدف إلى زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 30 مليار دولار».