عاصفة سياسية جديدة تهدد بانهيار الائتلاف الحاكم في كينيا

خلاف بسبب إقالة وزيرين.. ودعوة كوفي أنان للتدخل مجددا

TT

برزت أزمة سياسية جديدة بين شركاء الائتلاف الحاكم في كينيا، وذلك بعد قرار اتخذه رئيس الوزراء رايلا أودينغا، قبل يومين، بوقف وزيرين في حكومته عن العمل لمدة ثلاثة أشهر على خلفية فضائح تتعلق بالفساد. وذكر أودينغا، الذي يتزعم الحركة الديمقراطية البرتقالية، أنه اتخذ هذا القرار لإفساح المجال بإجراء تحقيقات مستقلة في وزارتيهما بشأن مزاعم الفساد. إلا أن الرئيس الكيني مواي كيباكي أبطل قرار وقف الوزرين، قائلا إنه لم يتم التشاور معه بشأن هذا الموضوع، وإن رئيس الوزراء أودينغا تصرف بمفرده، ولا يملك صلاحيات دستورية لوقف الوزيرين عن عملهما.

ويقول خبراء قانونيون في كينيا إن المشكلة تكمن في أن الرئيس ورئيس الوزراء لا يملك أي منهما سلطة على الآخر، وفقا لنص الوفاق الذي تم بينهما خلال تشكيل الائتلاف الحاكم عام 2007. وأظهر القرار الذي اتخذه الرئيس كيباكي بإبطال قرار وقف وزير الزراعة ويليام روتو، من حزب الحركة الديمقراطية البرتقالية، ووزير التعليم سام أونجيري، من حزب الرئيس «PN»، مدى الانقسام داخل الائتلاف الحاكم في البلاد. وأثرت هذه الخلافات على جهود الحكومة في محاربة الفساد، وحذرت منظمة الشفافية الدولية أمس من تحول كينيا إلى دولة فاشلة بسبب الفساد، وقالت المنظمة في بيان لها: «إن الصراع السياسي بين الأطراف الرئيسية في الحكومة الائتلافية يبعث برسالة خطيرة للغاية، مفادها أن الصراع من أجل السلطة في كينيا أهم من الحرب على الفساد، مما سيكون له عواقب وخيمة في الانتخابات العامة» المقررة عام 2012.

ويهدد هذا الخلاف بانهيار الائتلاف الحاكم الذي اتفقت الأطراف بموجبه على اقتسام السلطة. وقال، موساليا مودافادي، أحد نواب رئيس الوزراء، أمس إن رايلا أودينغا يرغب في تدخل كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة لحل هذه الأزمة مجددا، وسط مخاوف من تجدد الأحداث الدامية التي وقعت عقب الانتخابات الرئاسية في عام 2008، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 شخص وتشريد نحو 300 ألف آخرين. وأضاف مودافادي: «في ضوء ما حدث أعلن رئيس الوزراء أودينغا عن وجود نزاع جديد بين شركاء الائتلاف وطالب بتدخل فوري من الاتحاد الأفريقي ومن مكتب الشخصيات الأفريقية المرموقة الذي يرأسه كوفي أنان». وكان كوفي أنان قد نجح عام 2008 في تجنيب كينيا الانزلاق إلى حرب أهلية، حيث ساهم في التوصل إلى وفاق وطني بين الأطراف الرئيسية في الصراع، واتفق طرفا النزاع حينها على اقتسام السلطة بالتساوي بعد أعمال العنف دامت شهورا. وفي حال نقض أحد الحزبين الحاكمين الائتلاف القائم بينهما، فإن ذلك يلزم الجميع إجراء انتخابات مبكرة تسبق موعد الانتخابات القادمة المقررة عام 2012.

وكان أودينغا الذي كان يقود المعارضة قد تقلد منصب رئيس الوزراء في إطار اتفاق لاقتسام السلطة بينه وبين الرئيس كيباكي. وينص الاتفاق بين الطرفين على حق كلا الحزبين في فض التحالف وإبلاغ الطرف الآخر بذلك قبل 3 أشهر من الخروج من الائتلاف.

وقد هيمنت أخبار الفساد والفضائح المالية والرشوة على المشهد السياسي والإعلامي في كينيا منذ سنوات طويلة، حيث تعد كينيا من أكثر الدول الأفريقية فسادا، ويعتقد على نطاق واسع أن محاربة الفساد في كينيا مهمة شاقة، بل وربما مستحيلة، بسبب أن الغالبية العظمى من السياسيين الذين يمسكون بزمام السلطة متورطون بالفساد، وهناك ثقافة سائدة في البلاد، هي الاستخفاف بالقانون. ويشعر غالبية الكينيين أن الحكومة الائتلافية لم تحقق شيئا يذكر من الإصلاحات التي وعدت بتحقيقها، خصوصا في ما يتعلق بمحاربة الفساد وتقديم مرتكبي أعمال العنف إلى المحاكمة، حيث اتهم الكثير من السياسيين بالتحريض على العنف عقب الانتخابات الرئاسية.