الفيصل: لمسنا تفهم الأميركيين من تشديد إجراءات السفر على السعوديين

وزيرة الخارجية الأميركية: مبادرة السلام العربية أساس لتحقيق السلام

TT

طالب الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بوضع خطة لمنع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، وأكد أن بلاده تدعم حل الأزمة النووية الإيرانية سلميا، وشدد في المؤتمر الصحافي المشترك، مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، الذي عقد في الرياض مساء أول من أمس، على أن السعودية لا تريد أن تنزلق المنطقة إلى سباق تسلح، داعيا إلى تطبيق معايير حظر أسلحة الدمار الشامل على جميع دول المنطقة من دون استثناء بما في ذلك برنامج إسرائيل النووي.

وأوضح أن المحادثات مع الوزيرة الأميركية تطرقت إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، والأوضاع في العراق واليمن وفلسطين، والعلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في عدد من المجالات.

وأبلغ سعود الفيصل الصحافيين أن واشنطن وعدت السعودية بإعادة النظر في إجراءات سفر السعوديين في مطاراتها على أساس تحقيق التوازن بين التدابير الأمنية وحماية الحرية المدنية وتسهيلها، وقال في هذا الشأن: «لقد أثير في الاجتماعات تشديد إجراءات السفر على المواطنين السعوديين، وقد لمست تفهم الحكومة الأميركية لوجهة نظرنا وقلقنا من هذا الأمر، وتم الوعد بالنظر في هذه الإجراءات على أساس تحقيق التوازن بين التدابير الأمنية وحماية الحريات المدنية والحقوق الأساسية».

في حين أعربت وزير الخارجية الأميركية عن تقديرها لجهود الرياض في محاربة الإرهاب، وأكدت أن بلادها والمملكة تشتركان في هدف السلام الشامل في الشرق الأوسط.

وعدت مبادرة السلام العربية أساسا لتحقيق السلام في المنطقة، وأضافت «إن محادثاتي مع المسؤولين في المملكة تطرقت إلى كيفية السبل لإطلاق مفاوضات ذات مصداقية مثمرة حول السلام في الشرق الأوسط تحقق طموحات الأطراف»، وشددت على أن ما تقوم به إيران «مرفوض وليس في مصلحة أحد»، واعتبرت أن إعلان طهران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم «استفزازي».

وكان الأمير سعود الفيصل أوضح في كلمة افتتاحية، أن خادم الحرمين الشريفين التقى في وقت سابق الوزيرة كلينتون، في جلسة مباحثات مطولة «اتسمت بالعمق والشمولية والصراحة كما هو الحال دائما في لقاءاتنا»، كما تطرق إلى لقائه ونظيرته الأميركية الذي تمحور حول بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في عدد من المجالات إضافة إلى التنسيق والتشاور المستمر حيال القضايا الإقليمية الحيوية والقضايا الدولية المهمة للبلدين، وقال: «لا بد لي أن أشير هنا إلى أنه يصادف هذا الأسبوع مرور 65 عاما على أول لقاء بين قيادتي البلدين؛ حيث اجتمع في الرابع عشر من فبراير (شباط) لعام 1945 م جلالة مؤسس المملكة الحديثة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وفخامة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، اللقاء الذي وضع أسس العلاقات على مبادئ الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة لبلدينا وشعبينا، والعمل معا نحو خدمة مقاصد الأمم المتحدة في تحقيق الأمن والسلام الدوليين».

وقال: «لعل من أبرز نتائج التعاون ازدياد عدد الطلبة السعوديين في الولايات المتحدة الأميركية من نحو ثلاثة آلاف طالب في السنوات القليلة الماضية إلى نحو خمسة وعشرين ألف طالب حاليا، وأيضا زيادة حجم التجارة والاستثمارات والزيارات المتبادلة على المستويين الرسمي والشعبي وبين رجال الأعمال الذي خلق استنفارا لدى قنصليات بلدينا لمواجهة حجم التأشيرات التي تمنحها بل وتعرضها - بين حين وآخر - لانتقادات إعلامية لتسريع الإجراءات وتسهيلها».

وأضاف «وفي هذا الشأن أثير في الاجتماعات تشديد إجراءات السفر على المواطنين السعوديين وقد لمست تفهم الحكومة الأميركية لوجهة نظرنا وقلقنا من هذا الأمر، وتم الوعد بالنظر في هذه الإجراءات على أساس تحقيق التوازن بين التدابير الأمنية وحماية الحريات المدنية والحقوق الأساسية». وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن الملف النووي الإيراني كان من بين الموضوعات التي بحثت، مشددا على أن بلاده تجدد تأييدها لجهود مجموعة «5+1» لحل الأزمة سلميا وعبر الحوار، وندعو إلى استمرار هذه الجهود، كما أننا ندعو إيران إلى الاستجابة لها، لإزالة الشكوك الإقليمية والدولية حيال برنامجها النووي، خاصة أن جهود المجموعة تضمن حق إيران ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها.

مضمنا تأكيد بلاده على أهمية أن ترتكز الجهود الإقليمية والدولية، على ضمان خلو منطقة الشرق الأوسط والخليج من كل أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية خصوصا، وأن تُطبق المعايير على جميع دول المنطقة دون استثناء، بما في ذلك برنامج إسرائيل النووي، وقال: «التاريخ يشهد أنه لم يدخل سلاح في المنطقة إلا واستخدم».

وأشار إلى أنه بحث ونظيرته الأميركية مستجدات الوضع في اليمن، وقال: «نرحب بقرار الحكومة اليمنية وقف إطلاق النار في شمال اليمن، ونأمل أن تلتزم بقية الأطراف بهذا القرار، لإحلال الأمن والاستقرار في ربوع اليمن الشقيق، وتوجيه الجهود نحو تعزيز وحدة اليمن الوطنية، وتحقيق نمائه وازدهاره»، وأضاف «بحثنا أيضا الوضع في أفغانستان على ضوء مؤتمر لندن الأخير، بما في ذلك ضرورة مواكبة الجهود العسكرية لجهود مدنية موازية تهدف إلى مساعدة أفغانستان في تطوير بنيته التحتية، وتحقيق تنميته الاجتماعية والاقتصادية، ودعم المصالحة الوطنية بين كل أبنائه، وهو الأمر الذي من شأنه انتشال الشعب الأفغاني من حالة البؤس والإحباط والتردي الأمني الذي تستغله التنظيمات الإرهابية لتحقيق مآربها»، وقال: «بدون شك فإن جهودنا الأمنية المشتركة ساهمت بشكل كبير في مكافحة الإرهاب، وينبغي استمرارها وتكثيفها حتى يقضى على هذه الظاهرة العالمية البغيضة واقتلاعها من جذورها». وأكد وزير الخارجية السعودي على أن الرياض من جانبها «مستمرة في سياستها الحازمة لمحاربة الإرهاب من كافة جوانبه الأمنية والفكرية والتمويلية، وحققت نجاحات كبيرة تمكنت خلالها من إجهاض عمليات إرهابية داخليا وأيضا منع عمليات إرهابية من أن تنطلق من أراضيها، وهذه الإنجازات تمت بفضل الله ثم وقوف الشعب السعودي كافة ضد هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع وثقافته». وأشار أيضا إلى أن الوضع في العراق كان من بين الموضوعات التي بحثت، وقال: «نأمل أن تحقق الانتخابات المقبلة ما يصبو إليه الشعب العراقي الشقيق، من تحقيق أمنه واستقراره وتعزيز سلامته الإقليمية، وتكريس وحدته الوطنية على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع العراقيين بمختلف معتقداتهم وفئاتهم وأطيافهم، والنأي بالعراق عن أي تدخل خارجي في شؤونه».

من جهتها أكدت هيلاري كلينتون أن علاقات بلادها مع السعودية قائمة على الشراكة الدائمة والحيوية والمبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأشارت إلى أن مباحثاتها في الرياض تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين «الصديقين»، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وعملية السلام والأوضاع في أفغانستان وباكستان. وفي الشأن الإيراني، أكدت كلينتون أن بلادها قادت في العام الماضي جهدا لا سابق له لإطلاق علاقة جديدة مع إيران وسعت مع شركائها أن يلتقوا مع إيران، وأن ينتهجوا نهجا للسماح ببرنامج نووي سلمي مع إجراءات وقائية دولية «لكن إيران رفضت المبادرة»، وقالت: «إن إيران منذ أكتوبر (تشرين الأول) رفضت كل المبادرات في أن تلتقي مع (5+1) بالنسبة للبرنامج النووي، والآن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها ستبدأ بإنتاج اليورانيوم المخصب بشكل أعلى»، معتبرة تلك الخطوة استفزازية وتحديا لقرارات مجلس الأمن.

وحول إمكانية أن تقدم المملكة للصين ضمانات لدفعها إلى التصويت في مجلس الأمن الدولي ضد إيران بشأن ملفها النووي، قال الأمير سعود الفيصل: «إن الصينيين يتحملون بجدية مسؤولياتهم في مجموعة (5+1) وليسوا في حاجة لاقتراحات المملكة حول ما يجب عليهم أن يفعلوا»، مؤكدا أن بلاده تجدد تأييدها لجهود مجموعة «5 +1» لحل الأزمة النووية الإيرانية سلميا وعبر الحوار، داعيا إيران إلى الاستجابة لتلك الجهود لإزالة الشكوك الإقليمية والدولية حيال برنامجها النووي.