روسيا تؤكد تأجيل تسليم إيران أنظمة صواريخ «إس 300».. وجدل حول المبررات

تقارير حول موافقة إسرائيل على تجميد بيع أسلحة لجورجيا مقابل وقف موسكو صفقة طهران

TT

أرجأت روسيا رسميا تسليم إيران أنظمة «إس 300» المضادة للصواريخ «لأسباب فنية» بحسب ما أعلن مسؤول روسي، أمس. ويأتي إعلان إرجاء تسليم صواريخ «إس 300» الروسية لإيران غداة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو في محاولة للحصول على تأييد روسيا لتحرك أقوى ضد طهران. وأدلى مساعد مدير جهاز التعاون العسكري - الفني الروسي، ألكسندر فومين، الذي يتولى جهازه الإشراف على صادرات الأسلحة الروسية، بهذه التصريحات لوكالة «إنتر فاكس» أثناء حضوره معرضا للدفاع في نيودلهي «ديف - إكسبو إنديا 2010». ولم يوضح طبيعة المشكلات التقنية ولا المدة التي سيستغرقها حلها، كما أفادت «إنتر فاكس».

وبينما قال فومين إن «التأخير سببه مشكلات فنية. وسيتم التسليم بمجرد حلها»، إلا أن الشركة الروسية المنتجة للصواريخ نفت وجود أي خلل فني فيها يحول دون تسليمها لإيران.

ونقلت وكالة «إنتر فاكس» للأنباء نقلا عن فلاديمير كاسبراجانز، رئيس شركة «أليماز أنتي» المنتجة للصواريخ قوله إن الصواريخ تعمل بكفاءة عالية، وإن عدم تسليم الصواريخ لإيران «مسألة سياسية وليست فنية».

وكان عقد روسيا مع إيران لتسليمها صواريخ «إس 300» أثار احتجاج الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تعتبران أنها ستعزز الدفاعات الجوية الإيرانية ضد أي هجوم عسكري محتمل. وهذه الصواريخ ستجعل قصف المنشآت النووية الإيرانية أكثر صعوبة. ولم تستبعد الولايات المتحدة ولا إسرائيل شن ضربات جوية لمنع إيران من اقتناء أسلحة نووية.

وكان نتنياهو قد حث موسكو على وقف هذه الصفقة، وغادر موسكو، أول من أمس، بعد لقاء مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين. وتكهنت وسائل إعلام روسية بأن إسرائيل قد توافق على وقف بيع أسلحة لجورجيا، عدوة روسيا، مقابل موافقة روسيا على وقف صفقة بيع «إس 300» إلى إيران. ولم ينف نتنياهو وجود مثل هذه الصفقة في مقابلة نشرتها، أمس، صحيفة «كوميرسانت» الروسية. وقال نتنياهو ردا على سؤال حول جورجيا «حين يتعلق الأمر ببيع الأسلحة، نأخذ على الدوام بعين الاعتبار قلق كل الأطراف ونتوقع من روسيا أن تقوم بالشيء نفسه، أن تتصرف لصالح الاستقرار في مناطق مضطربة».

وكانت إسرائيل زودت جورجيا بطائرات من دون طيار وساعدت في تدريب الجيش الجورجي قبل الحرب بين روسيا وجورجيا في أغسطس (آب) 2008.

وعادة روسيا تلزم الصمت إزاء عقد الصواريخ مع إيران لكن «إنتر فاكس» أشارت إلى أن العقد يتضمن بيع إيران 5 بطاريات صواريخ «إس 300 بي إم يو 1» لطهران بقيمة نحو 800 مليون دولار. و«إس 300 بي إم يو 1» هو نظام نقال صمم لإسقاط طائرات وصواريخ عابرة.

وكان نتنياهو قد أعلن بعد اجتماعاته في موسكو في مطلع الأسبوع، مع كل من رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، والرئيس ديمتري ميدفيديف، أنه استمع إلى لهجة حازمة ضد إيران لم يستمع إليها من قبل. وأنه يثق في أنهما لن يساعدا إيران على التسلح النووي ولا على تسلم الصواريخ المذكورة. وأضاف مصدر مقرب من نتنياهو في السياق نفسه أن الرئيس الروسي وكذلك رئيس الحكومة أكدا أن هناك قرارا سياسيا في الحكومة الروسية بالامتناع عن تنفيذ صفقة الصواريخ حاليا. وأن ميدفيديف وعد نتنياهو بإخباره عن أي تغيير قد يحدث في هذا القرار.

وعندما شكك أحد مرافقي نتنياهو في هذه الأنباء وقال إنه لم يسمع موقفا حازما لإلغاء أو تجميد صفقة الصواريخ، رد ذلك المصدر بالقول: «إن التشكيك في هذا الإنجاز محاولة غير نظيفة للمساس بمكانة نتنياهو، الذي نجح بينما لم ينجح فيه رئيس وزراء إسرائيلي سابق. فقد حاول شارون إقناع الروس بإلغاء الصفقة ولم ينجح. وكذلك فعل إيهود أولمرت، لكن نتنياهو أقنع زعماء روسيا».

وسبق أن أبدت طهران استياءها للتأخر في تسليم الصواريخ، بينما أعلن قائد عسكري إيراني الأسبوع الماضي أن طهران ستقوم بصنع دفاعات جوية أفضل من «إس 300».

إلى ذلك، أعلنت موسكو رسميا عن اتفاقها مع أبخازيا التي استقلت عن جورجيا في صيف عام 2008 حول إقامة قاعدة عسكرية موحدة هناك، محذرة الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي من ارتكاب أي مغامرة يكون من شأنها زعزعة الاستقرار في المنطقة. وقد وقع الاتفاق وزيرا دفاع البلدين في حضور الرئيسين الروسي ديمتري ميدفيديف والأبخازي سيرغي باغابش الذي يواصل أول زيارة رسمية له بعد انتخابه لفترة ولاية ثانية. وقد جاء توقيع الاتفاقية مواكبا لتحذيرات ميدفيديف من مغبة توجيه ضربة عسكرية إلى إيران من جانب إسرائيل والولايات المتحدة. وإعلان الجنرال نيكولاي ماكاروف رئيس أركان القوات المسلحة أنه لا يستبعد احتمالات توجيه الولايات المتحدة مثل هذه الضربة العسكرية إلى إيران التي قال إنها ستكون بالنسبة للأميركيين بمثابة الصاعقة التي لن تستطيع تحملها.

وذكر أن الولايات المتحدة مشغولة في حربين في كل من العراق وأفغانستان، ومن ثم فإن الحرب الثالثة ستكون فوق طاقتها، مشيرا إلى أن الضربة الموجهة ستسفر عن عواقب وخيمة ليس لإيران وحدها، بل وللمنطقة بأسرها. وحول الصواريخ الأميركية من طراز «باتريوت» التي تعتزم الولايات المتحدة نشرها في بولندا قال ماكاروف إنها لا تستهدف إيران وتعلم روسيا أي أهداف تبتغيها هذه الصواريخ وهو ما جرى إطلاع البولنديين عليه. وأشار إلى رفض روسيا نشر عناصر الدرع الصاروخية في بلدان شرق أوروبا التي سبق وعملت روسيا من أجل مراعاة أمنها بما في ذلك نزع سلاح مقاطعة كالينينغراد غرب الاتحاد الروسي.