العراقيات يجدن في انتخابات مارس فرصة للمزيد من النفوذ السياسي

12 امرأة يشكلن حزبا يتركز برنامجه على الدفاع عن حقوق المرأة

TT

بالنسبة للنساء في العراق، تقدم الانتخابات المقبلة وعدا وتذكرة بصعوبة التغيير في تلك الثقافة الذكورية. فبالرغم من أن الدستور يفرض حصول المرأة على 25% من المقاعد البرلمانية على الأقل، لم يكن للنساء اللاتي انتخبن في عام 2005 تأثير يذكر، وفقا لما يقوله المحللون وبعض العضوات في البرلمان.

والآن وفي ظل بداية الحملة الانتخابية لثاني انتخابات برلمانية في العراق ما بعد الغزو، والتي من المقرر أن تبدأ في 7 مارس (آذار)، تؤكد بعض السيدات أن هناك طبقة سياسية جديدة من النساء سوف تبدأ في الظهور. وفي إحدى دلائل ذلك التطور، شكلت 12 امرأة من خارج النظام السياسي حزبا خاصا بهن، يتمركز برنامجه على الدفاع عن حقوق المرأة، والبرامج التي تستهدف توفير فرص عمل لأكثر من 700 ألف امرأة عراقية.

من جهتها، تقول جنان مبارك، التي نظمت تلك القائمة نظرا لإحساسها بأن النساء يتعرضن للتهميش داخل الأحزاب: «يستطيع الناس ملاحظة أننا مستقلات وأننا لا نعمل لصالح أي حزب في العراق. كما أنهم يستطيعون ملاحظة أننا نسعى فقط لتمكين المرأة في قطاعات التعليم والاقتصاد. ربما يكون ذلك نطاقا واسعا من الأهداف ولكنني أعتقد أن العراقيات يحتجن ذلك».

يذكر أن معدلات الفقر والبطالة وتدني مستويات التعليم أكثر ارتفاعا بين السيدات عن الرجال.

تدير جنان مبارك شركة مقاولات، كما تدير المركز العراقي لإعادة تأهيل المرأة وتشغيلها، وهي مؤسسة غير حكومية تقول جنان إنها وفرت لها قاعدة من المؤيدين من النساء والرجال على حد سواء. ووصفت جنان من مكتبها الذي يقع بوسط بغداد أجندتها بلغة أصبحت مألوفة في الحملات العالمية حول العالم، فتقول: «تلك هي الخطوة الأولى للتغيير في بلادنا».

من جهة أخرى، طال العنف في العملية الانتخابية النساء كذلك. فخلال الأسبوع الماضي، قتل مسلحون الطبيبة البيطرية، سها عبد الله، والمرشحة عن قائمة إياد علاوي على مقربة من الموصل. وتقول صفية طالب السهيل، عضو البرلمان والتي قتل أبوها بعدما شارك في مخطط لانقلاب ضد صدام حسين، والتي تسعى حاليا للترشح مرة أخرى: «كل شيء جائز، ولكنني أعتقد أن فرصة النساء تزايدت عن قبل أربع سنوات، بالإضافة إلى قدرتهن على التنقل من مكان إلى آخر».

وبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، كانت النساء اللاتي كن يطالبن بالحصول على كوتة في البرلمان - يطالبن بالحصول على 40% من المقاعد - يتوقعن الحصول على مساندة الولايات المتحدة، وفقا لصفية السهيل. وتضيف: «لقد التقطت لنا صور بصحبة الرئيس ووزير الخارجية، ولكن ذلك ليس دعما، فالدعم هو أن يعرف القادة أن هناك قادة من النساء أيضا».

من جهة أخرى، يقول مسؤولون أميركيون إنهم ساندوا مشاركة المرأة في الحكومة الجديدة.

وعلى غرار قائمة جنان مبارك، ترشح السيدة صفية السهيل نفسها وفقا لبرنامج معتدل وديمقراطي. وكلتاهما تعارض إحدى مواد الدستور التي تطالب بوضع تشريع يمنح الزعماء الدينيين سلطات جزئية في القضايا المحلية التي تشمل الزواج، والطلاق، والميراث. وهو التشريع الذي تم وقفه بعد احتجاجات الجماعات النشطة في مجال حقوق المرأة ولكن الأحزاب الدينية تتمنى أن تتمكن من تمريره.

وبالنسبة لصفية السهيل، يمثل وقف ذلك التشريع نجاحا عظيما، كما مثل الحصول على كوتة للنساء في البرلمان. ولكنها قالت في الوقت نفسه إن تأثير النساء في مجالات أخرى، كان محبطا للغاية فتقول: «نحن لا نرى النساء إلا في الوزارات البعيدة عن التعقيدات. وحتى هؤلاء النساء اللاتي ترشحهن أحزابهن السياسية، لا يستطعن إدارة مواقعهن باستقلالية فعليهن إتباع قادتهن. ولكننا نريد للمرأة أن تصبح هي القائد». وتضيف «ولكن ذلك لا يعني أن أوضاعنا لم تتحسن. فقد تحسنت الأوضاع، وأصبحت المرأة تشارك في العملية السياسية. وقد تعلمنا الكثير خلال السنوات الأربع الماضية. وأصبحت العديد من النساء اللاتي كن لا يعرفن أي شيء عن الخطاب السياسي خبيرات به».

من جهة أخرى، أكدت تانيا غيلي عضو البرلمان عن المنطقة الشمالية التي تقطنها أغلبية كردية أنها لن تشارك في الانتخابات القادمة. فقد قررت ألا تسعى للانتخابات مرة أخرى ولكنها أرجعت ذلك إلى رغبتها في قضاء المزيد من الوقت مع أولادها. وتقول إن العديد من أقرانها، الذكور والنساء، اتهموها بمحاولة فرض القيم الغربية على المجتمع العراقي. قائلة: «هناك سوء فهم، فهم يعتقدون أننا نريد نوعا من الحركات الليبرالية للمرأة». وأضافت أنها تعرضت ذات مرة لتهديد بالقتل من إحدى العضوات الأخريات بالبرلمان. وتضيف تانيا غيلي المتزوجة: «لقد أخبروني حرفيا: «لماذا لا تجلسين في المنزل لتعلم الطهي وتبحثين لنفسك عن زوج. وهم زملاء وأعضاء في نفس الحزب، أي إنهم يفترض أن تكون لديهم نفس منظومة القيم التي يتبناها الحزب». وقالت إن النساء الشابات يتجنبن في الغالب السياسة خوفا من تعرض سمعتهن للضرر. وأضافت «كامرأة تعمل بالسياسة، يجب ألا تكون لدي مشكلة في حضور اجتماع جميع حاضريه من الرجال، أو في حضور اجتماع مع رجل واحد فقط. ولكن بعض الناس يعتقدون أن ذلك أمر خاطئ».

من جهتها، تقول شذى الموسوي، العضو المستقل بالبرلمان، إنها لن ترشح نفسها مرة أخرى نظرا للنفوذ الذي يمارسه قادة الحزب على العضوات وهو ما يعني في معظم الأحوال إقصاء المرأة من جلسات صناعة القرار. وتضيف «لست مستعدة للكذب على شعبي بادعاء أننا لدينا ديمقراطية. فالنساء في البرلمان أكثر جدية وإخلاصا وتواجدا ونشاطا من الرجال فيما يتعلق بالقضايا العامة». ولكنها في الوقت نفسه أعربت عن رفضها لفكرة تشكيل حزب من النساء، قائلة: «إن السياسة تتعلق بالأفكار والمبادئ والنظريات. وهذه القضايا لا يمكن التعامل معها من خلال مقاربة تعتمد على الجنس فقط». وأضافت: «لا أعتقد أن ذلك هو الوقت الملائم للتركيز على قضايا المرأة».

يذكر أنه يوجد في الانتخابات الحالية أكثر من 6500 مرشح للحصول على 325 مقعدا. وفي حملة تؤججها الطائفية، انضمت جنان مبارك إلى تحالف الوحدة الوطنية، وهو تحالف علماني متجاوز الطائفية. فتقول جنان إن الأحزاب في ذلك التحالف ملتزمة بمساندتها فيما يتعلق بقضايا المرأة.

ولكن مع ذلك فإن تأثير نساء مثل جنان مبارك ما زال محدودا، وفقا لما قاله حيدر الموسوي المحلل السياسي الذي قال: «بالمقارنة بالدول الأخرى على المستوى الإقليمي، يعد العراق متقدما على المستوى الرسمي حيث هناك العديد من النساء في البرلمان والوزارات. ولكن تلك الصورة وهمية. ففي الحقيقة، يأتي العراق بعد العديد من البلدان الأخرى».

لكن صفية السهيل تقول إن ذلك الوضع بدأ في التغير ويرجع ذلك جزئيا إلى زلات الرجال الموجودين حاليا. فتقول: «عندما يتعلق الأمر بالعنف، والميليشيات، والفساد، وغيرها، ستجد أن الرجال هم المسؤولون عن تلك الأخطاء. ومن ثم فإننا نعتقد أننا استطعنا رفع استعداد شعبنا لتقبلنا في المستقبل».

وأشارت إلى مجموعة من التغيرات التي حدثت للنساء العراقيات؛ حيث قالت: «استطاع العديد من السيدات اللاتي كن يرتدين الحجاب لأسباب أمنية أن يخلعنه الآن، كما تمكن العديد من النساء اللاتي لم يكنّ يستطعن قيادة السيارات أن يقدن سياراتهن الآن. فبلا شك، يشهد مجتمعنا في الوقت الراهن تغيرا».

* خدمة «نيويورك تايمز»