سوداني وإيراني ويمني ضمن ضحايا عملية إرهابية في مدينة بون الهندية

لاعب الكرة أنيس بقي على قيد الحياة لكنه لن يتمكن من إحراز أهداف بعد أن فقد ساقيه

TT

عندما يتعلق الأمر بالتأثير الذي تسفر عنه الهجمات الإرهابية، فإننا ننظر إلى الديانة وعمر الضحية، وتلك هي الحقيقة القاسية للإرهاب. ويعد الوجه الجديد للإرهاب الذي ضرب مدينة بون، التي تقع غرب الهند، في 13 فبراير (شباط)، مؤشرا واضحا على تلك الحقيقة، فعلى الأقل قتل 10 أشخاص، بينهم إيراني مسلم، فيما أصيب مسلمون من السودان وإيران واليمن بإصابات بالغة.

كان سعيد عبد الخاني، الإيراني الذي يبلغ 26 عاما، قد أتم للتو ستة أسابيع من برنامج دراسة اللغة الإنجليزية في جامعة سيمبيوسيس ببون، وفي يوم بائس كان يجلس بصحبة بعض الأصدقاء في مقهى جيرمان بيكري بالمدينة، فوقع الانفجار الذي أودى بحياته. ولمدة تقرب من 18 ساعة، أخذت مجموعة من الطلاب الإيرانيين يتنقلون من مستشفى إلى آخر بحثا عنه، بعدما لم يجدوه في أعقاب الانفجار.

كان سعيد عبد الخاني يقطن في شقة مستأجرة تقع على بعد مسافة قصيرة من المطعم. وقبل الانفجار بعدة دقائق كان سعيد قد دخل «جيرمان بيكري» لتناول فنجان من القهوة. وكان عادل كاب، طالب إيراني آخر وأحد زملاء سعيد، يبحث بهلع عن صديقه ولكنه لم يتمكن من العثور عليه. فيقول وهو يرتجف: «لقد حاولت الاتصال به على هاتفه الجوال ولكنه كان غير متاح». وكان يبحث عن سعيد في المستشفيات المختلفة وهو يحمل صورته في يده حتى وجد جثته في مشرحة مستشفى «ساسون». ولكن هناك بعض من تمكنوا من النجاة لكي يخبرونا بقصة مكافحة الموت بين غرف المستشفيات، فقد كان هناك سودانيان مصابان بإصابات بالغة في العشرينات من عمرهما، يقول الأطباء إن الموت بالنسبة لهما قد يكون أفضل من الحياة دون أوصالهما.

وقد يكون أنيس الفاتح، 23 عاما، محظوظا لأنه بقي على قيد الحياة، ولكن لاعب الكرة الماهر لن يتمكن من إحراز أية أهداف أخرى، حيث إنه فقد ساقيه إثر الانفجار، فقد كان على الأطباء بتر ساقيه بعدما وجدوا أن حياته معرضة للخطر. وقد أخبر أنيس الدكتور فيلاس غونديشا بمستشفى «إنلاكس وبودهراني» ببون أنه يدرك بالطبع أن بقاءه على قيد الحياة أكثر أهمية من الاحتفاظ بأطرافه، ولكن لن يعود كما كان بعد عملية البتر. وما زال يصارع من أجل البقاء، حيث إنه يعاني من حروق بنسبة 78%.

وبالمثل كانت حالة أمجد أحمد، 22 عاما، وهو من لاعبي كرة الطائرة الماهرين الذين مثلوا جامعة بون خلال العام الماضي، حيث قد لا يستطيع ممارسة تلك الرياضة مرة أخرى لأنه تم بتر كلتا ساقيه نظرا لخطورة الحروق التي أصيب بها. كما كان كل من الفاتح وأحمد في «جيرمان بيكري» مساء يوم السبت مع صديقهم الإثيوبي كيكي، الذي كان محظوظا ببقائه على قيد الحياة مع إصابات طفيفة.

ومن جهة أخرى يقول هاغرا علي، زميل أحمد في الدراسة، والذي يذكر أنه كان شخصا مقبلا على الحياة سواء داخل ملعب كرة الطائرة أو خارجه: «لقد هرعت إلى مستشفى (إنلاكس وبودهراني) بعدما عرفت أن أحمد أصيب، وكانوا قد بتروا ساقيه، وقد أخبرونا أنه في غيبوبة. أنا وجميع أصدقائه ندعو له».

يعد «جيرمان بيكري» متنزها معتادا للجالية السودانية التي يقارب عددها 400 فرد، وكان أحمد قد جاء إلى بون قبل عامين، فيما جاء أنيس قبل عام واحد. وكان أنيس يسعى للتخرج من جامعة بونا، فيما كان أحمد يدرس الكيمياء في جامعة واديا ببون، كما يعيش والدا أحمد في عمان، فيما يعيش والدا الفاتح في قطر.

وكان أنيس الذي يتم الترحيب به كنجوم كرة القدم قد أحرز هدفا رائعا في آخر بطولات كرة القدم السنوية بين الطلاب الأجانب بالمدينة، فيتذكر محمد النور، كابتن فريق كرة القدم السوداني في بون، أن الفاتح كان اللاعب الذي ساعد فريقه على الفوز بالبطولة السنوية لكرة القدم التي يعقدها الطلاب من الجنسيات المختلفة في عام 2009. فيقول: «يرجع له الفضل في أني حملت الكأس. كما أنه حصل على أفضل لاعب».

ومن جهة أخرى يقول الدكتور براتشي ساثي: «نتجت الحروق في ذلك الانفجار إما عن الحرارة الهائلة وإما عن الشظايا التي ارتطمت بالضحايا بقوة هائلة، مطيحة ببعض أجزاء الجسم، أو باترة للأوصال أو مشوهة لها. وذلك هو السبب الذي دفعنا لبتر أعضاء الكثير منهم. ولسوء الحظ، فإن معظم الأشخاص الذين تعرضوا للبتر كانوا في العشرينات من أعمارهم».

يذكر أن مدينة بون يقطن بها نحو 500 ألف طالب بينهم 18 ألفا من الطلاب الأجانب، ومعظم هؤلاء الطلاب الأجانب ببون يأتون من أفريقيا والشرق الأوسط. وليس التعليم الراقي هو فقط ما يجذب الطلاب إلى هذه المدينة، فبالنسبة إلى الكثير منهم، تتميز بون بقدرتها على قبول الثقافات المختلفة. ومع ذلك يقول محمد أحمد، الطالب السوداني الذي يسعى للحصول على درجة علمية في دراسة القانون، إنه أصبح يشعر بالخوف بعد تلك الانفجارات، ولكنه يقول إن بون تلائم توقعاته إلى حد بعيد، مضيفا: «إن المجتمع هنا يماثل مجتمعي الأصلي، فإذا ذهبت إلى بريطانيا سوف أواجه صعوبات أكبر، كما أننا إذا قارنا بين دراسة القانون هنا وفي بريطانيا فسنجد المستوى متطابقا تماما». ويضيف أحمد: «لقد كنا حتى أمس نطلق على تلك المدينة (بونا الحنونة)، وعلى الرغم من أن حبنا لبون لن يتغير، فقد يحتاج ذلك اللقب إلى إعادة النظر».