إسرائيل تبدأ مراجعة «أخطاء» جريمة اغتيال المبحوح في دبي

المواطنون الذين انتحل منفذو العملية أسماءهم قلقون من توقيفهم في المطارات

TT

بعد بضعة أسابيع من الزهو بسبب نجاح عملية اغتيال محمود المبحوح، المسؤول العسكري في حركة حماس، في دبي في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأت تسمع في إسرائيل انتقادات لاذعة لهذه العملية وتبعاتها السياسية السلبية. وتجرأ أحد الصحافيين على إطلاق دعوة لرئيس «الموساد»، مائير دجان، بأن يستقيل من منصبه نتيجة لذلك.

ومع أن كل المنتقدين أشادوا بقتل المبحوح، باعتباره «أحد كبار المسؤولين عن تغذية النشاط الإرهابي ضد إسرائيل» على حد زعمهم، وأن تصفيته «مكسب في مسلسل إنجازات لجهاز الموساد في السنوات الأخيرة»، فإنهم انتقدوا عددا من سلوكيات وحدة التصفيات التي نفذت الاغتيال في عدة اتجاهات، منها:

أولا: أن منفذي العملية أخذوا الحذر من احتمال وجود كاميرات في الفندق الذي نفذ فيه الاغتيال وهو فندق «البستان روتانا»، ولكنهم لم يأخذوا الحذر من احتمال وجود كاميرات أخرى في شوارع وأحياء دبي. وفوجئوا عندما علموا في مطلع هذا الأسبوع فقط أن دبي كلها مكشوفة للكاميرات، على طريقة لندن. وأن هذه الكاميرات وثقت كل تحركاتهم منذ نزولهم إلى أرض مطار دبي يوم 19 يناير وحتى مغادرتهم، وأن المحققين في شرطة دبي استطاعوا في غضون وقت قصير جدا تحليل الصور وتركيب فيلم يبين كل تحركاتهم. ومع أن المنفذين تمكنوا من مغادرة دبي بسلام، فإنهم تركوا وراءهم علامات كثيرة.

ثانيا: استخدم منفذو العملية جوازات سفر لدول صديقة، ستة جوازات بريطانية وثلاثة أيرلندية وألمانيًا وفرنسيًا، وفي جميعها تم استغلال المعلومات عن أصحاب الجوازات كما دونت لدى شرطة الحدود وتم تزييفها. مثل هذا التصرف يمس بالعلاقات مع هذه الدول. وقالوا إنه على الرغم من أن هناك تعاطفا أوروبيا مع إسرائيل ضد حماس ونشاطها، فإن هناك حساسية شديدة في بريطانيا إزاء مثل هذه التصرفات. وقد سبق وغضب البريطانيون من استخدام أراضيهم ساحة لعمليات الموساد.

ثالثا: تبين أن غالبية الأسماء التي استخدمها منفذو العملية هي أسماء حقيقية لمواطنين إسرائيليين يحملون جوازات سفر مزدوجة. وقد صدم بعضهم من استخدام أسمائهم وراح يساورهم القلق من خطر اعتقالهم في أي مطار يحطون، حيث إنهم مطلوبون من الإنتربول لشرطة دبي. وبعضهم قرر الانطواء في البيت وعدم المغادرة حتى إلى السوق، لأن حماس نشرت أسماءهم من طرفها تحت لائحة «مطلوب حيا أو ميتا»، مما يهدد حياتهم مباشرة. ويقولون إن منفذي العملية استغلوا أسماءهم بشكل منحط ومن دون رحمة، غير آبهين بتبعات ذلك عليهم.

وقال ستيفن هودس، وهو مواطن في الثالثة والخمسين من العمر ويسكن بلدة بيت شيمش القريبة من القدس المحتلة، ويعمل معالجا طبيعيا «فيزو ثرابيست» في مستشفى عين كارم القريب، إنه لا يحسن التفكير في أخطار استخدام اسمه. وأضاف «أنا ما زلت مذهولا. لا أصدق أن أمرا كهذا يمكن أن يحصل لي». وقالت زوجته إنها ستخاف من زيارة أهلها في بريطانيا بعد هذه الحادثة.

أما مراسل «هآرتس» لشؤون التعليم، أوار كاشتي، فقال إن صورة أحد المتهمين، وهو كافين دافيرون، تشبهه إلى أبعد الحدود، لدرجة أن والدته سألته إن زار دبي أخيرا. وأضاف أن امرأة شاهدته في محل سوبرماركت، وهنأته على عمله الذي «علّم هؤلاء العرب درسا». وتلقى كاشتي مكالمة هاتفية تهنئه على الغطاء الذي اختاره لهويته الصحيحة، كمراسل لشؤون التعليم في «هآرتس».. وقال إن أصحاب المكالمات الهاتفية مزحوا معه قائلين لماذا لم يحضر لهم سجائر رخيصة من دبي.

وحرص الإسرائيليون على القول بحذر إن هذا خطأ فاحش «إذا كان صحيحا أن جهاز الموساد الإسرائيلي يقف وراء العملية».

ولكن الكاتب الصحافي البريطاني، غوردن توماس، الذي كان قد ألف كتابا عن الموساد، كتب في صحيفة «ديلي تلغراف»، أمس، يؤكد أن عملية الاغتيال تمت بأيدي الموساد. وأن هناك اعتقادا بأن منفذيها كانوا 17 شخصا وليس 11 كما ذكرت شرطة دبي، وأن الستة الذين لم يعلن عنهم غير معروفين حتى الآن ويجري البحث عنهم.

وقال توماس إن ما يقوله يستند إلى معلومات يعرفها عن الموساد وتاريخه، حيث إنه كان قد التقى مع أحد رؤساء الموساد السابقين، مائير عميت، الذي أعطاه تفاصيل كثيرة عن الجهاز وأساليب عمله. وأكد أن الخلية التي نفذت العملية في دبي تنتمي إلى وحدة كيدون «سهم»، التابعة للجهاز وتضم 48 عميلا بينهم ست نساء يتدربون على الاغتيالات في قاعدة للموساد في النقب. وأن طرق الاغتيالات تتم بالرصاص أو بالتسميم بمواد كيماوية تم تركيبها في الموساد.