الشعارات الانتخابية تذكي المشاعر الطائفية في العراق

فقط تلك المرفوعة عند نقاط التفتيش تقدمه موحدا

ملصق دعائي لرئيس البرلمان السابق محمود المشهداني يحمل عبارة «لن أغفر لمن ظلمكم» («الشرق الأوسط») وعراقي يمر بملصق انتخابي لرئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري
TT

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق في 7 مارس (آذار) المقبل لا تبدو بغداد مختلفة كثيرا عما كانت عليه عندما كان العراق على شفير حرب أهلية عام 2006، عندما كانت البلاد في ذلك الوقت مقسمة يلفها الخوف بفعل الجدران الخراسانية، التي تم تشييدها لمنع التفجيرات.

وفي تقرير لوكالة (أسوشييتد برس) لا تفعل الحملات الانتخابية شيئا إلا إذكاء التوترات، حيث تلعب آلاف الملصقات واللافتات المنتشرة حول بغداد على حالة الغضب الطائفي المحتملة، وتظهر الملصقات الخاصة بالشيعة السنة على أنهم موالون لصدام حسين أو «القاعدة»، فيما يصور السنة الشيعة على أنهم مضطهِدون لهم.

وعلى الرغم من تراجع العنف نسبيا، فإن بغداد لا تقدم اليوم إلا القليل من الطمأنينة بشأن المستقبل، ويقول علي محسن، وهو موظف شيعي يقطن شرق بغداد: «تسير الأوضاع من سيئ إلى أسوأ داخل الأجهزة الأمنية والخدمات، لأن المسؤولين منشغلون بالانتخابات ومصالحهم الخاصة»، وفي حي الأعظمية حيث تعيش غالبية سنية، يعرب الطالب الجامعي سالم خطاب محمد عن أسفه قائلا: «لا أشعر بالأمان في أي مكان في بغداد في ظل احتمال وقوع انفجارات أو إطلاق نار في أي لحظة».

وحتى يومنا هذا، لا تزال أحياء كاملة كانت في الماضي بؤر توتر محاطة بأسوار واقية من التفجيرات يصل ارتفاعها إلى 6 أقدام، ولا يوجد لها إلا مدخل واحد تقريبا تسيطر عليه قوات الأمن، ويعاني السائقون لفترات طويلة من الانتظار والطرق المتعرجة للدخول إلى هذه الأحياء، وفي بعض الحالات يجب عليهم إظهار أوراق الهوية، وحول مسجد الإمام أبو حنيفة شمال بغداد، جرى في الفترة الأخيرة تشييد أسوار واقية من التفجيرات مكتوب عليها آيات قرآنية منها: «قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا»، وأعرب صالح عمران، سني متقاعد عن العمل من حي المنصور في بغداد، عن حزنه قائلا: «حتى متى يجب علينا تحمل هذا المأساة؟» وأضاف عمران، الذي قال إنه يظل بعيدا عن المناطق الشيعية عندما يحل الظلام، «لقد فقدنا إنسانيتنا».

ومن المفارقات العجيبة، أن نقاط التفتيش من بين أقوى رموز بغداد منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، هي التي تقدم رؤية لدولة متوحدة خالية من الفساد والطائفية، وتعلن الشعارات التي أعلنها الجنود ورجال الشرطة «الولاء للوطن والشعب فقط» أو «لا محسوبية على حساب الواجب».

وعلى النقيض من ذلك، تبعث الرسالة الآتية من الملصقات الانتخابية على الفرقة، وفي بعض الحالات ترقى إلى التحريض، وكل طرف يصور نفسه على أنه مضطهد من الطرف الآخر.

ويقول ملصق خاص برئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري: «وا حسيناه.. جئنا لنجدتك»، في إشارة إلى الإمام الحسين، ويطلق ملصق آخر تابع للجعفري تحذيرا قائلا: «لا مكان للبعث».

وتعرض ملصقات أخرى مرشحا من تكتل رئيس الوزراء نوري المالكي يشير بإصبعه بالتهديد، ويحذر «على الذين يرغبون في رؤية الطغاة مذلولين التصويت لصالح القاضي محمد صالح حسن».

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابق) منعت أكثر من 440 مرشحا سنيا تقريبا، بمن فيهم السياسي البارز صالح المطلك، من خوض الانتخابات نظرا للاشتباه في صلتهم بحزب البعث، وقد أدى الخلاف الناجم عن هذا الاستبعاد إلى المزيد من التوتر الطائفي، وفي انتقاد مبطن ضد المرشحين الشيعة، قال المطلك ساخرا الاثنين الماضي، إن عدد الملصقات الانتخابية الخاصة «باللصوص» أكبر من تلك الخاصة «بالشرفاء»، وفي وقت لاحق في اليوم ذاته، انتقد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ، الذي يخوض الانتخابات أيضا، السياسيين السنة، حيث قال في مؤتمر انتخابي، إن بعض المشرعين في البرلمان السابق يتعاونون مع تنظيم القاعدة.

وتوجد الملصقات الانتخابية الخاصة بكل من السنة أو الشيعة في الأحياء التي تكون الأكثرية فيها لإحداهما، وذلك في إشارة إلى أن العراقيين لا يزالون يصوتون طائفيا.

وفيما يتعلق بالملصقات الخاصة بالمرشحين السنة، لا يختلف الأمر كثيرا، حيث يتوعد محمود المشهداني، الرئيس الأسبق للبرلمان، «لن أغفر لمن ظلمكم»، وهو الشعار الذي يفهم منه أنصاره من السنة أنه يقصد الشيعة.