لبنان يتمثل في القمة العربية بوفد يرأسه وزير مسيحي لتجنب تبعات «المشاركة الكاملة»

البحث يتركز على «المستوى» وموسى يقول: «لبنان سيشارك.. ما فيش كلام»

TT

بدأ الأمين العام لجامعة الدول العربية «مهمة مستحيلة» في لبنان يهدف من خلالها إلى إقناع المسؤولين برفع مستوى تمثيل الدولة في القمة العربية المقبلة التي ستنعقد في ليبيا، في ظل الرفض القاطع الذي تبديه القوى الشيعية اللبنانية لهذه المشاركة، بسبب قضية «تغييب» مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السيد موسى الصدر خلال قيامه بزيارة رسمية إلى ليبيا عام 1978، واتهام النظام الليبي باختطافه. وأكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن موسى «يدرك تماما استحالة مشاركة لبنان بوفد رفيع المستوى»، وأنه يسعى لرفع مستوى التمثيل إلى أقصى حد ممكن، وإذا كان السقف الأقل الذي ارتضى به رئيس مجلس النواب نبيه بري للمشاركة هو تمثيل لبنان بالقائم بأعمال سفارة لبنان في طرابلس الغرب، فإن المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط» تشير إلى إمكانية رفع مستوى التمثيل إلى رتبة وزير، على أن يكون الوزير من الطائفة المسيحية تجنبا لإرباك القيادات الإسلامية. ويواجه لبنان ومن خلفه الجامعة العربية مأزقا حقيقيا في هذا المجال، فبين ضرورات المشاركة في القمة التي لم يغِب عنها لبنان يوما، بصفته ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن، تبدو المشاركة محفوفة بانفجار أزمة داخلية شديدة بسبب قضية الصدر، علما أن القضاء اللبناني أصدر مذكرة توقيف بحق الرئيس الليبي معمر القذافي ومسؤولين ليبيين آخرين بتهمة «اختطافه». وفيما خرج موسى للإعلاميين بمقولة، إن لبنان سيشارك في القمة «ما فيش كلام»، إلا أنه أبقى مستوى التمثيل عنوانا للمرحلة المقبلة من اللقاءات والاتصالات التي سيجريها في بيروت، وقالت مصادر مواكبة للاتصالات مع موسى لـ«الشرق الأوسط»، إن البحث يتركز الآن على «كيفية استيعاب الأزمة وتجاوزها من دون اهتزازات تمس بأجواء الوفاق السائدة في لبنان، وتجنيب لبنان خضة من هذا النوع»، دون أن تفوت هذه المصادر الإشارة إلى أن «أجواء الوحدة الداخلية لا تزال برعما ويجب عنايتها لتنمو»، مشيرة إلى أنه لهذه الأسباب امتنع أي فريق لبناني، حتى المناوئين للثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) عن التصريح بالرغبة في مستوى تمثيل رفيع».

ووضع موسى رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان في أجواء جدول أعمال القمة العربية المقبلة، المقرر عقدها في ليبيا نهاية مارس (آذار) المقبل، وبعد اللقاء سئل موسى عما إذا كان بحث مع سليمان عن مخرج يؤمن تمثيل لبنان في القمة، ويراعي في الوقت نفسه موقف فئة كبرى من اللبنانيين، فأجاب: «الحديث تطرق إلى موضوع المشاركة اللبنانية في القمة، ولبنان سيشارك في هذه القمة ولا نزاع على هذا الأمر، أما كيف ومستوى التمثيل وغيرهما من الأمور، فمسألة متوقفة على الوضع اللبناني، ولدينا الوقت الكافي لهذا الأمر»، وسئل: لكن لبنان عضو غير دائم في مجلس الأمن ويتحدث باسم المجموعة العربية، ألا ترى أنه يجب أن يكون تمثيله رفيع المستوى بعض الشيء في حال عدم ترؤس رئيس الجمهورية وفد لبنان إلى القمة؟ فأجاب: «أعتقد أن مشاركة لبنان مسألة ضرورية بالمستوى الرفيع أو بالمستوى المسؤول، لأن الأوضاع جادة وخطيرة في المنطقة، ومنها مواضيع تتعلق بلبنان ذاته، إضافة إلى العنصر المهم الذي طرأ على الموقف، وهو أن لبنان عضو في مجلس الأمن وعليه مسؤوليات كبيرة في تمثيل المجموعة العربية والجامعة العربية في مجلس الأمن الذي قد نضطر إلى الذهاب إليه بناء على العناصر والاجتماعات العربية على المستويات كافة، ومنها مستوى القمة وما سوف تقرره»، وسئل: هل أبلغكم الرئيس من سيمثل لبنان؟ فأجاب: «في هذه المسألة أتوقف هنا عند هذا الموضوع».

وهل ستبذل الجامعة العربية جهودا مع القيادة الليبية لكشف مصير الإمام المغيب السيد موسى الصدر؟ قال موسى: «أنا أستمع وأفهم الموقف والحساسيات القائمة وموقف فئة مهمة من الشعب اللبناني، وأن هذه مسألة يجب أن تؤخذ في الاعتبار، أما مناقشة هذا الأمر عبر وضعه على أجندة النقاش الإعلامي فقد لا يكون مفيدا». وزار موسى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقال ردا على سؤال عن طلب الرئيس بري مقاطعة القمة العربية في ليبيا: «ما أستطيع أن أقوله: إن لبنان على وعي كبير بالواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، باعتباره عضوا فاعلا في الجامعة العربية وفي مجلس الأمن، ومن منطلق هذه المسؤولية نناقش الأمور، أما التفاصيل أو الذهاب إلى أبعد من ذلك، فإنني لا أرى داعيا للخوض فيها إعلاميا، ونترك للحكومة اللبنانية أن تتخذ قرارها في هذا الشأن».