رئيس الحكومة الفرنسية في سورية.. سعيا وراء شراكة كاملة معها

سيحث الأسد على توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

TT

«البحث عن شراكة شاملة» هكذا اختصرت مصادر رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون الذي يبدأ اليوم زيارة إلى سورية تستمر 24 ساعة هي الأولى لرئيس حكومة فرنسي إلى دمشق منذ عام 1977، أي منذ زيارة رئيس الوزراء الأسبق ريمون بار.

وتأتي زيارة فيون الذي يصطحب 3 وزراء ومجموعة من النواب والشيوخ ووفدا من رؤساء الشركات الفرنسية (30 شخصا) المهتمة بالسوق السورية في سياق «الدينامية السياسية» الجديدة الناشئة بين باريس ودمشق منذ خريف عام 2007، التي توجت بأربع زيارات رئاسية متبادلة فرنسية - سورية، كانت آخرها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لباريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويبدو واضحا أن الطرفين قررا «تجاوز» اختلاف نظرتهما إلى بعض الملفات الساخنة في المنطقة، مثل الملف النووي الإيراني، والتركيز على نقاط التلاقي والتعاون الشامل.

واختصرت المصادر الفرنسية هدف باريس بتأكيدها أن فرنسا «تريد مواكبة سورية في عملية تطوير وتحديث اقتصادها» ما يعني عمليا السعي لتحسين موقع فرنسا في السوق السورية من جهة الاستثمارات والمبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي، والفوز بعدد من العقود الكبرى التي تعول عليها سورية، وبحسب هذه المصادر، فإن باريس «مؤهلة» و«مسلحة» بكل الأدوات المالية التي من شأنها «تعظيم» حصة الشركات الفرنسية، علما أن فرنسا تأتي في الموقع الـ15 بين الدول المصدرة لسورية، وفي الموقع الـ14 بين البلدان المستثمرة فيها.

ولن تغيب الملفات السياسية عن محادثات فيون الذي يلتقي الرئيس الأسد مباشرة عقب وصوله إلى دمشق، ويقيم الرئيس السوري ليلا مأدبة عشاء على شرفه، ما يشكل لفتة صداقة إزاءه وإزاء فرنسا، باعتبار أن البروتوكول لا ينص على ذلك، وسيجري فيون محادثات مع نظيره ناجي العطري سوف تتركز على الجوانب الاقتصادية وتطوير التعاون بين الجانبين.

وقالت المصادر الفرنسية، إن فيون «سيحث» المسؤولين السوريين على التعجيل في التوقيع على اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي، التي رفضت دمشق حتى الآن التوقيع عليها متحججة برغبتها في دراسة تأثيراتها على الاقتصاد والمالية السورية، غير أن هذه المصادر لا تستبعد أن يكون هناك «سجال سوري - سوري» حول التوقيع بين جهات تؤيد وأخرى تمانع، وأكدت سورية أكثر من مرة أنها «ترفض أي شروط سياسية» يمكن أن تنص عليها المعاهدة وتفرض عليها، وتقول باريس إن التوقيع سيساعد سورية على الحصول على تمويل أوروبي لمشاريعها الاقتصادية.

وأكدت المصادر الفرنسية أن باريس ستؤكد، في معرض البحث عما آلت إليه مساعي السلام في المنطقة، أنها ما زالت «جاهزة» للمساعدة على معاودة إطلاق المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي تولتها تركيا طيلة عام 2008، والتي توقفت بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، وتعتبر باريس أنها «مؤهلة» لذلك بفضل «علاقاتها الجيدة» مع الطرفين، غير أن دمشق لا تريد أن «تحل» فرنسا محل تركيا بل تدعو باريس إلى «دعم» الجهود التركية. وسيكون الملف الإيراني والعلاقات اللبنانية - السورية والوضع الفلسطيني الداخلي والدور الأميركي على جدول محادثات فيون مع الأسد، وأكدت المصادر الفرنسية أن فيون «سينقل رسائل» إلى الأسد بخصوص هذه الملفات، وبما يتوافق مع التوجهات الفرنسية الأساسية تجاهها، غير أن الجانب السوري سيكون مهتما بشكل خاص بما توصلت إليه باريس في جهودها لرفع الفيتو الأميركي على بيع 14 طائرة إيرباص إلى دمشق بموجب مذكرة تفاهم وقعت عام 2008، وفي هذا الخصوص، أفادت المصادر الفرنسية بأن باريس «تأمل خيرا» في تطور الحوار السوري - الأميركي، وفي التصريحات الإيجابية التي أطلقها مساعد وزيرة الخارجية وليام بيرنز هذا الأسبوع في دمشق «لحلحلة» عقدة الفيتو الأميركي.

وبانتظار ذلك، سيتم تمديد مذكرة التفاهم وسيبحث الطرفان عن حل بديل، مثل استئجار هذه الطائرات بموجب عقد «إيجار - بيع». وستكون زيارة فيون مناسبة لتوقيع مجموعة اتفاقات ثقافية واقتصادية، ويريد الطرفان الاستفادة من علاقاتهما المستجدة للدخول إلى السوق العراقية عبر مشاريع مشتركة.

وبعد دمشق، سيزور فيون الأردن حيث يلتقي الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء سمير الرفاعي، ونوهت المصادر الفرنسية بما يمثله الأردن من «قطب اعتدال» في المنطقة، ومن حرص على المساعدة في تسهيل عودة مفاوضات السلام بين إسرائيل والأطراف العربية.