مصدر أفغاني: الملا برادار كان من مؤيدي المصالحة.. و«خديعة باكستانية» أدت إلى اعتقاله

مسؤول «الجماعة الإسلامية» الباكستانية لـ «الشرق الأوسط»: 1.5 مليون أفغاني يعيشون بيننا وقيادات طالبان يسهل عليها الاختباء في مدننا

TT

كشف مصدر أفغاني مطلع على ملف المصالحة الأفغانية أن الملا عبد الغني برادار، الرجل الثاني في حركة طالبان، الذي ألقي القبض عليه في باكستان الأسبوع الماضي، كان من مؤيدي المصالحة والسلام في أفغانستان قبل وبعد مؤتمر لندن الذي عقد في العاصمة البريطانية نهاية الشهر الماضي، وأوضح في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من العاصمة كابل أن الملا برادار، رغم أنه من جناح الملا محمد عمر زعيم الحركة وهو من قبيلة بوبالزي البشتونية من أورزجان وهي القبيلة نفسها التي ينحدر منها الرئيس حميد كرزاي، فإنه حدث خلاف بينهما في الأسابيع الأخيرة بسبب تشجيعه للمفاوضات واستقطابه لعدد من القادة الميدانيين في هلمند.

وأكد حدوث «خديعة باكستانية» أدت إلى اعتقال الملا برادار في كراتشي، بعد أن تكشف لإسلام آباد أن السلطات الأميركية تريد إبعاد باكستان عن ملف المصالحة الأفغانية، فقد أرادوا أن يثبتوا للأميركيين والأفغان دورهم الحاسم في ملف طالبان، وأشار إلى أن أي قائد تمرد على المخابرات الباكستانية من قبل اعتقل وسلم إلى الولايات المتحدة. إلا أنه أشار إلى أن الملا برادار كان كاريزما خاصة لدى الأفغان، وواضع استراتيجيات عسكرية ساعد في إعادة بناء الجماعة لتصبح قوة قتالية قوية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان. وحذر خبراء في الشأن الأفغاني من ردود فعل متوقعة لطالبان أفغانستان على الأراضي الباكستانية مما قد يزيد من تدهور الوضع الأمني في البلاد. وقالوا إن طالبان رغم ذلك قد تصعد في الأيام المقبلة من وتيرة عملياتها العسكرية في أفغانستان لإظهار عدم تأثرها باعتقال برادار. يذكر أن اعتقال القائد العسكري لحركة طالبان الأفغانية على الأراضي الباكستانية يشير بوجه أو بآخر لصحة الادعاءات الأميركية والأفغانية التي تقول إن قيادة الحركة تدير المعارك داخل أفغانستان من باكستان، حتى إن واشنطن أشارت مرارا إلى وجود زعيم حركة طالبان الملا عمر في مدينة كويتا الباكستانية.

وبرادار هو الذي كان يدير شؤون طالبان اليومية من خارج أفغانستان، حيث يؤمن التمويل ويخطط للحملات العسكرية ويدرس أحدث تصريحات السياسة الأميركية بشأن خطط إضعاف مقاتليه وتحقيق الاستقرار لأفغانستان. إلى ذلك قال عبد الغفار عزيز مسؤول العلاقات الخارجية للجماعة الإسلامية الباكستاني، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس أن هناك نحو مليون ونصف المليون من المهاجرين الأفغان يعيشون داخل المدن الباكستانية ، وفي مدينة كراتشي يوجد نحو 22 مليون نسمة، والأفغان يتحدثون البشتو والأوردو ويسهل عليهم الاندماج في المجتمع ولا يمكن طردهم لأنهم شعب مسلم مجاور عانى من ويلات الحروب، وهم موجودون في بلادنا منذ سنوات القتال ضد السوفيات، ويسهل كذلك على عناصر طالبان الاختباء في أغلب المدن الباكستانية، لأنهم يندمجون في نسيج المجتمع، وهم يدخلون الحدود الأفغانية ويعودون أيضا.

وقال إن العملية الأمنية المشتركة التي أدت إلى الإيقاع بالرجل الثاني في حركة طالبان تكشف أيضا أن تعاون الاستخبارات الباكستانية مع «سي.آي.إيه» لم يتوقف منذ سقوط حركة طالبان في نهاية عام 2001.

وتحدث عن انهيار أمني في مدينة كراتشي، وهناك حالات قتل ترتكب كل يوم وفوضى أمنية بسبب سيطرة عناصر «قومية متحدة» التي يترأسها المعارض الباكستاني ألطاف حسين المقيم في بريطانيا. وتحدث عن غضب شعبي عارم لا يتوقف ضد الضربات الأميركية بطائرات من دون طيار في الشريط القبلي. وحمل الحكومة الباكستانية مسؤولية هذه الهجمات بسبب ما سماه سياسات الحكومة الخرقاء والحرب التي تشنها في وزيرستان على مسلحي طالبان.

ويوصف الملا برادار ،الذي ألقي القبض عليه بكراتشي في عملية مشتركة للقوات الأميركية والباكستانية، بأنه أكبر واضع استراتيجيات لطالبان ورائد في الغارات التي تنفذ بأسلوب القوات الخاصة ومدافع عن التفجيرات الانتحارية.

وهو على الأرجح الرجل الذي حرض المتشددين على مواجهة واحدة من أكبر عمليات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان التي تجري حاليا بإقليم هلمند. ولد برادار عام 1968 وكان الساعد الأيمن للملا عمر الذي أطلق عليه اسم برادار «الأخ» وهي خطوة منحته نفوذا ومكانة كبيرة في دوائر طالبان.