التيبت: مركز للديانة البوذية يعاني من صراع طويل مع الصين

بكين وقّعت اتفاقية استقلاله عام 1914 ثم عادت واحتلته

TT

يقع إقليم التيبت في آسيا الوسطى ويسمى «سقف العالم» بسبب ارتفاعه بنحو 4900 متر عن سطح الأرض، ويرتكز تاريخه بشكل خاص على تاريخ الديانة البوذية، حيث يركز المؤرخون على الدور المحوري الذي لعبته هذه الديانة في تنمية التيبت.

عدد سكانه يصل إلى 2.8 مليون نسمة وفقا لأحدث تقرير للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وعاصمته لاهاسا، التي تتكون من مقاطعات أمدو، وخامأ، وأوتسانغ. وعلى مدى التاريخ ظل إقليم التيبت يعاني من صراع لا ينتهي مع جمهورية الصين، حيث تصر بكين على أنه جزء من الإمبراطورية الصينية الشعبية. ويرجع تاريخ الصراع بين البلدين إلى فترة الحرب العالمية الأولى.

في عام 1914 وقّعت التيبت مع بريطانيا والصين على اتفاقية تعتبر التيبت دولة مستقلة، إلا أن الصين استعادت المنطقة مرة أخرى عام 1924. وفي عام 1949 هاجمت القوات الصينية إقليم أمدو الواقع في التيبت الشرقية، وهزمت خلالها القوات التيبتية، ثم أجبرت الحكومة الصينية مسؤولي التيبت عام 1951 على توقيع اتفاقية من 17 نقطة لتحرير التيبت سلميا.

وإثر ذلك توالي الاحتجاج والرفض الدولي للاحتلال الصيني للتيبت، كما أعرب شعب التيبت عن رفضه للوجود الصيني، وأعلن انتفاضته عام 1959، قتل فيها نحو 87 ألف تيبتي على أيدي القوات الصينية.

في تلك الفترة برز الدالاي لاما الرابع عشر واسمه تينزين غياتسو، الذي يمثل القيادة الدينية العليا للبوذيين التيبت، مبرزا معارضته الشديدة للاحتلال الصيني ودعوته الشعب إلى الانتفاضة، مما أثار الصين ضده ودفعه لمغادرة البلاد، حيث انتقل عام 1959 لاجئا إلى الهند ومن معه ومنهم أمه وشقيقته. وفي أثناء وجوده في المنفى أنشأ الدالاي لاما برلمانا في التيبت عام 1960، كما أصدر دستورا عام 1963، وقدم خطة للسلام مكونة من خمس نقاط عام 1987، تهدف إلى جعل التيبت منطقة سلام واحترام حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية، وقد قدمها في عدة أماكن مثل الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي، وهو ما أهّله للفوز عام 1989 بجائزة نوبل للسلام. وهو نفس العام الذي أعلنت فيه الحكومة الصينية عن القانون العرفي في التيبت بعد ثلاثة أيام للاحتجاجات في لاهاسا، إلى أن تم إلغاؤه عام 1990.وعلى الرغم من إدراك الإدارة التيبتية المركزية ضرورة إجراء المفاوضات والحوار السلمي مع الحكومة الصينية، فإن هذه الفرصة لم تتَح إلا في أواخر السبعينات حيث أقيمت اتصالات بين الحكومة الصينية والقيادة التيبتية وكلها فشلت، مما أدى إلى وقوع الكثير من الاضطرابات وأعمال عنف في الإقليم.

ففي سبتمبر (أيلول) 1987 قامت ثلاث مظاهرات معادية للصين إثر إعدام مواطنين تيبتيين على أيدي الأمن الصيني، وأسفرت عن سقوط ستة قتلى. كما قتل نحو 15 شخصا في تظاهرات طالبت باستقلال التيبت، في مارس (آذار) 1988. وإثر هذه الاضطرابات وقع الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عام 1991 القرار القانوني بالكونغرس، معلنا أن التيبت دولة محتلة. ومؤخرا وفي مارس 2008 تظاهر الآلاف في شمال التيبت، وتدخلت قوات الأمن وأدى الصدام بين الجانبين إلى سقوط الكثير من القتلى.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»