مقرب من رئيس «الموساد» يصف الداعين لاستقالته على خلفية اغتيال المبحوح بأنهم أصوات مشبوهة وحاقدة

الإسرائيليون مقتنعون بأن الضجة ستهدأ

TT

وصف مصدر مقرب من رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية «الموساد»، الجنرال مئير دغان، الأصوات المطالبة باستقالته، بسبب الإخفاقات في عملية اغتيال محمود المبحوح في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي في دبي، بأنها «مشبوهة ونابعة من الغيرة والحسد والأحقاد الشخصية وليس من مصلحة إسرائيلية بتاتا». وأضاف المصدر أن «استقالة دغان ستكون ببساطة بمثابة اعتراف إسرائيلي بأننا نقف وراء اغتيال المبحوح، وبرهان لكل أعداء إسرائيل على تبني العملية.. وهذا أمر لا يريده أحد في إسرائيل».

وازداد أمس عدد الأصوات المطالبة باستقالة دغان، وانضم إليها عدد من كبار الصحافيين الإسرائيليين المعروفين بقربهم من مصادر المعلومات في القيادة السياسية والأمنية. فقال أمنون أبراموفتش، المعلق السياسي الكبير في «القناة الثانية» في التلفزيون الإسرائيلي، وهي أهم قناة تلفزيونية إسرائيلية مستقلة، إن «دغان تحول إلى أسطورة في إسرائيل من غير وجه حق. وعلى الرغم من رصيد الإنجازات الكبير الذي يحمله، فإنه بات واثقا من نفسه أكثر من اللازم. وتمديد فترة خدمته سنة بعد أخرى، طيلة سبع سنوات، والحديث عن النية لتمديدها لسنة ثامنة، عماه عن رؤية الأرض. وقد استغل هذه الثقة وما رافقها من تبجيل ليتصرف في جهاز الموساد وكأنه حانوت أبيه.. يطرد من يشاء ويقمع من يشاء. وليس صدفة أن جميع نوابه قد استقالوا. وليس غريبا أن تؤدي غطرسته إلى ارتكاب أخطاء وحماقات في عمله المهني».

وقال المحرر السياسي في «هآرتس»، ألوف بن، إن «دغان قائد ناجح لجهاز الموساد. لكنه بالتالي إنسان ويرتكب أخطاء. وفي دولة ديمقراطية، لا يجوز أن تخطئ وتحصل على جوائز. لذلك، فلا بد أن يدفع ثمن أخطائه».

وكان خبير الشؤون الأمنية في «هآرتس»، أمير أورن، أول من قاد حملة المطالبة باستقالة دغان. وقال صراحة إن أداءه في عملية دبي يستدعي استقالته.

وقال أبراموفتش إنه يسمع هذه الدعوة للاستقالة من عدة أطراف في القيادة الإسرائيلية الأمنية وحتى من قيادات سياسية. لكنه لم يستبعد أن تكون وراءها حسابات ذاتية وليست موضوعية. وأضاف «هناك عدة شخصيات تناصب دغان العداء على خلفية خلافاته الشخصية معهم». ولفت أحد المصادر النظر إلى أن نجاحات دغان الكبيرة جعلت الكثير يفكر في طرح اسمه كمرشح لقيادة إسرائيل في المستقبل، في مقابل ترشيح رئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي.

والنجاحات الكبيرة التي يتحدثون عنها تتمثل في إعادة القوة إلى جهاز الموساد وإعادة الروح القتالية والعمليات التنفيذية إليه بعد عدة سنوات من الاكتفاء بجمع المعلومات.

يذكر أن النشاطات الميدانية لجهاز الموساد توقفت تقريبا منذ فشله في اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في عمان سنة 1997. ولكن دغان قاد عدة عمليات ناجحة، عرف منها، اعتمادا على ما ينشر خارج إسرائيل، عملية اغتيال عماد مغنية في دمشق، واغتيال عدد من العلماء النوويين الإيرانيين والسوريين، وتدمير ما قيل إنه مفاعل نووي تبنيه كوريا الشمالية وإيران في دير الزور في سورية، وغيرها من العمليات غير المعروفة.

ويقول المؤيدون لدغان إن الفشل في عملية واحدة من مجموع عمليات كثيرة ناجحة، لا يستوجب استقالة. ومن يطالب بمعاقبة دغان بسببها، إنما هو جاحد ولا يعرف الحد الأدنى من شروط بناء القيادات الوطنية.

من جهة ثانية، تواصل الحكومة الإسرائيلية على الصعيد الرسمي صمتها إزاء ما ينشر حول اغتيال المبحوح. وهي تترك الساحة مرتعا للتحليلات والتقديرات الخارجية والداخلية. وكل ما تفعله هو تسريب مواقف مجهولة المصدر إلى وسائل الإعلام. وتؤكد من خلال هذه المصادر أن الضجة في العالم حول هذه القضية ستهدأ في القريب العاجل. وأن كل ما يقال عن غضب من إسرائيل في الغرب وفي دول الشرق الأوسط هو للاستهلاك الإعلامي فحسب، و«الحقيقة هي أن هناك موافقة صامتة بل وفرحة أيضا على اغتيال المبحوح». وتضيف هذه المصادر أن هناك مصلحة مشتركة لكل دول الغرب وللكثير من دول المنطقة في التخلص من قادة الإرهاب «فهؤلاء بلغوا من الصلف والممارسات الإرهابية العربيدية درجة جعلت الجميع يكرههم ويريد لهم الشر».