اشتباكات في مدن جنوبية ومقتل مسؤول أمني بارز بالضالع قبل يوم من نداء بانتفاضة

رصد خروقات في صعدة وسفيان.. ومصدر يمني لـ «الشرق الأوسط»: ترتكب من قبل 3 أطراف

وزير الدفاع اليمني محمد ناصر أحمد (الثالث من اليمين) يتفقد قواته في منطقة بمحافظة صعدة (إ.ب.أ)
TT

ساد التوتر في عدد من المدن الجنوبية التي شهدت اشتباكات، وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية، أمس، مقتل مدير وحدة التحقيقات الجنائية بمديرية الضالع وجندي في جنوب اليمن، في كمين نصب لسيارته من قبل «عناصر انفصالية تخريبية».

وقال موقع «سبتمبر نت الإلكتروني» التابع للوزارة، إن علي أحمد الحالمي «استشهد» وأصيب 3 آخرون «في كمين نصبته لهم عناصر انفصالية تخريبية في مفرق الأزارق أثناء عودتهم من الأزارق بعد صلاة الجمعة إلى مدينة الضالع»، وأضاف المصدر ذاته، «أفادت مصادر طبية بأن محمد محسن جوهر توفي متأثرا بجراحه في مستشفى التضامن»، وتقع الضالع على بعد أكثر من 100 كلم شمال عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: إن المسلحين أطلقوا النار على الحالمي، في منطقة تسمى «حبيل جباري» في أطراف مدينة الضالع، عاصمة محافظة الضالع، ما أدى إلى مقتله على الفور، وإصابة 3 مواطنين، توفي أحدهم، ويدعى محمد حسن جوهر، في وقت لاحق متأثرا بجراحه، واتهمت مصادر رسمية «عناصر انفصالية وتخريبية خارجة على القانون» بارتكاب «العمل الإجرامي الجبان»، مشيرة إلى توجيهات صدرت بـ«البحث عن مرتكبي الحادث والقبض عليهم وتقديمهم إلى أجهزة العدالة لينالوا جزاءهم الرادع».

ويأتي هذا الهجوم بعد إطلاق نداء لبدء انتفاضة اعتبارا من السبت من أجل «فك الارتباط» بشمال اليمن، وأطلق هذا النداء الأربعاء قيادي في «الحراك الجنوبي» هو الإسلامي طارق الفضلي، في الوقت الذي يشهد فيه جنوب اليمن مظاهرات تطالب بانفصال الجنوب الذي كان يشكل قبل 1990 دولة مستقلة، ويرى قسم من سكان جنوب اليمن أنهم يتعرضون لتمييز من جانب الشماليين، وأنهم لا يحصلون على مساعدة اقتصادية كافية.

وفي مدينة الضالع، أيضا، ألغيت عصر أمس، مباراة كان مقررا أن تجمع بين فريقي النصر والصمود في المدينة في إطار البطولة المقامة على كأس رئيس الجمهورية، وذلك بعد أن قام مسلحون باقتحام الملعب الذي كان مقررا أن تقام المباراة على أرضه، ومنعوا إقامتها بالقوة، واعتقلت أجهزة الأمن اليمنية، أمس، العشرات من النشطاء السياسيين، بينهم صحافيون، في مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج اليمنية الجنوبية، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: إن طواقم عسكرية طافت شوارع المدينة وقامت باعتقال الشبان الذين اتهموا من جانب السلطات المحلية بالقيام بـ«أعمال الشغب» و«الأعمال التخريبية» في المدينة منذ عدة أسابيع، وأكدت مصادر محلية أن قوات الأمن قامت بمداهمة بعض المنتديات الثقافية التي يرتادها النشطاء، فيما بات يعرف بـ«الحراك الجنوبي»، وقامت باعتقال العشرات، إضافة إلى مداهمة عدد من منازل قيادات في فرع الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة لحج.

إلى ذلك، تجري الترتيبات من أجل نشر الجيش اليمني على الحدود اليمنية - السعودية اليوم، على الرغم من أنه لم يعلن رسميا، حتى اللحظة، عن الانتهاء من عمليات نزع الألغام على الشريط الحدودي، التي زرعها الحوثيون خلال الأشهر الماضية للحرب.

وكشف مصدر في لجنة الإشراف على تنفيذ النقاط الست التي وضعتها الحكومة اليمنية والتزم الحوثيون بها، وبموجب ذلك جرى وقف إطلاق النار، عن «خروقات متبادلة» من قبل طرفي النزاع لقرار وقف إطلاق النار، وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: إن الخروقات ترتكب من جانب الحوثيين، ومن جانب الجيش اليمني أيضا، وكذلك من جانب رجال القبائل، أو ما يسمى «الجيش الشعبي»، وانتقد المصدر بشدة ارتكاب الخروقات، على الرغم من أنه أكد أنها ليست كبيرة.

وإلى جانب انتشار الجيش المتوقع اليوم، قالت مصادر خاصة، إن اللجنة الخاصة بمحور منطقة الملاحيط، ستبدأ اليوم في الإشراف على تسلم المسؤولين المحليين لأعمالهم في أجهزة السلطة المحلية، دون أن تتوفر معلومات حول بقية المحاور وما إذا كانت نفس الخطوة ستتم فيها.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن «توجيهات عليا» صدرت أمس، بسحب القوات الشعبية (الجيش الشعبي) الذي يضم آلاف المقاتلين من رجال القبائل الذين التحقوا بجبهات الحرب للقتال إلى جانب القوات الحكومية ضد الحوثيين، وأكدت المصادر الخاصة أن هذا القرار اتخذ بعد ارتكاب بعض المقاتلين القبليين لخروقات، أدت إلى «تأزيم» الموقف مع جماعة الحوثي، إضافة إلى أن وجود هؤلاء المقاتلين في تلك المناطق، بعد إيقاف الحرب، يعد «استفزازا للحوثيين» بحسب اعتقاد المصادر.

ورصدت اللجنة الرئاسية المعنية بتطبيق قرار وقف إطلاق النار عددا من الخروقات، التي قالت إن الحوثيين ارتكبوها في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان من محافظة عمران، وقالت مصادر اللجنة، إن الحوثيين استحدثوا خنادق ومواقع جديدة بعد قرار وقف إطلاق النار الذي يدخل يومه العاشر.

وحسب اللجنة، فإن الحوثيين رفضوا الخروج من منطقة المقاش، إذ لا تزال مجاميع من المسلحين في هذه المنطقة، وكذلك غرب المطار بصعدة، وعلى جوانب الطرق، وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين لم يلتزموا بقرار وقف إطلاق النار، وأطلقوا الرصاص من الأسلحة بمختلف أنواعها على مواقع القوات المسلحة وقوات الأمن في منطقة تبة غراز، ورفضوا تسليم الألغام التي يتم نزعها من الطرقات وإخلاء المناطق والطرقات من المسلحين، وهو ما يعيق عودة المواطنين إلى قراهم ومساكنهم، وقالت إن المتمردين يقومون بأعمال الخطف والاعتداء على المواطنين لنهب ممتلكاتهم وتفتيشهم، ويمارسون اختصاصات السلطة المحلية في المديريات.

وذكرت المصادر أن الحوثيين اقترفوا 12 خرقا بقرار وقف إطلاق النار، ورفضوا النزول من الجبال في محور الملاحيط، ولا تزال منطقة غافر تحت سيطرة المتمردين، وقال شهود عيان من المواطنين إن الوجود المسلح للحوثيين مستمر في مفرق ذويب وعلى جانبي الطرق وفي الملاحيط، كما ارتكب المسلحون، حسب اللجنة، خروقات بمهاجمة المواقع التي توجد فيها قوات الجيش في موقع الشقراء، وأصيب من جراء هذه الخروقات فرد من قوات الجيش، وأطلقوا النيران على المرابطين في هذا الموقع من أماكن لم يكن للحوثيين وجود فيها قبل قرار وقف إطلاق النار.

واتهمت المصادر أتباع الحوثي بالقيام بعمليات النهب للمضخات الخاصة بالمواطنين، وتدمير الكثير من آبار المياه في مديريتي باقم ومجز، وقام المسلحون في حرف سفيان بتفتيش السيارات في الخط الرئيسي لمنطقة الزعلاء، وأقاموا 7 نقاط للتفتيش، بدءا من بوابة مدينة سفيان وحتى منطقة العشرة ببلاد ابن عزيز، وأطلقوا الرصاص على مواقع القوات المسلحة في مواقع تبة البركة، وقالت المصادر، إن مسلحين من الحوثيين يقومون بعمليات قنص باستخدام الرشاشات في هذه العمليات.

وقالت المصادر، إن أعضاء اللجنة الرئاسية شاهدوا في محور صعدة عمليات قام بها الحوثيون بوجود مسلحين في أل عقاب والمقاش، واستحدث الحوثيون خنادق ومواقع جديدة في هاتين المنطقتين القريبتين من مدينة صعدة، وأكدت المصادر أن اللجنة أقرت الإعداد لخطة ميدانية لإنشاء حزام أمني لمدينة صعدة، وتم تشكيل لجان منبثقة عن اللجنة الرئاسية لتحديد آلية لتنفيذ الخطة، وأكد محافظ صعدة الجديد الذي تم تعيينه قبيل الإعلان عن قرار وقف الحرب في صعدة بنحو يومين، أن صعدة ستنعم بالأمن والاستقرار إذا توفرت الإرادة الجادة لدى الجميع، بتنفيذ البنود الستة التي وضعتها الدولة، وقال طه عبد الله هاجر أمام المجلس المحلي لمحافظة صعدة أمس، إن قرار وقف إطلاق النار بوقف العمليات العسكرية كان حكيما، ويؤكد حرص القيادة السياسية على إرساء الأمن والاستقرار وفتح آفاق التنمية في كل محافظة صعدة، وشدد على أهمية تفعيل الدور للمجالس المحلية في القيام بمهامها خلال الفترة القادمة في حل مشكلات المواطنين الذين تضررت ممتلكاتهم جراء أعمال الإرهاب والتخريب.