الصومال: اتفاق مبدئي بين الحكومة وجماعات الطرق الصوفية حول اقتسام السلطة

نص على دمج قوات الجماعة في القوات الحكومية ومنحها 5 وزارات بينها حقيبة سيادية و5 نواب وزراء

قوات تابعة للحكومة الصومالية تجوب أنحاء من العاصمة مقديشو (أ.ب)
TT

أفادت مصادر متطابقة في الحكومة الصومالية ومنظمة أهل السنة والجماعة (الطرق الصوفية) بتوصل الطرفين إلى اتفاق مبدئي حول عدد من القضايا السياسية العالقة في إطار المفاوضات السرية التي تعقد بين الجانبين منذ أسبوعين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الطرفين اتفقا على اقتسام السلطة ودمج ميليشيات الطرق الصوفية في قوات الحكومة الصومالية. وبناء على هذه الاتفاقية وافقت جماعة أهل السنة والجماعة على المشاركة في الحكومة الصومالية الحالية ودمج ميليشياتها في القوات الحكومية، شريطة أن يكون من حق الحكومة تعيين قائد هذه القوات. وتحصل منظمة أهل السنة والجماعة بموجب الاتفاق على 5 وزارات في الحكومة، على أن تكون من بينها حقيبة واحدة من الوزارات المرموقة (الخارجية والداخلية والدفاع والمالية) إضافة إلى خمسة من نواب الوزراء ووزير دولة واحد. ويتم ترشيح ممثلي أهل السنة والجماعة في الحكومة وأجهزتها المختلفة وفقا لمبدأ المحاصصة القبلية التي بنيت عليه الحكومة الحالية.

وينص الاتفاق إلى جانب ذلك على تعيين 3 مرشحين من أهل السنة والجماعة في مناصب نائب قائد الجيش والشرطة وكذلك المخابرات. وتحصل «أهل السنة والجماعة» أيضا على 3 سفراء وثلاث قنصليات و6 مناصب دبلوماسية في السفارات الصومالية في الخارج. وتنازلت جماعة أهل السنة والجماعة بعد مفاوضات شاقة عن المطالبة بأي من مناصب الدولة الرئيسية (رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، رئاسة البرلمان). ويمثل الجانب الحكومي في هذه المفاوضات فريق حكومي يقوده نائب رئيس الوزراء ووزير المالية شريف حسن شيخ آدم، فيما يقود جانب أهل السنة الشيخ محمود معلم حسن رئيس الجماعة. ومن المتوقع أن يجري التوقيع النهائي على هذه الاتفاقية نهاية الشهر الحالي أو بداية مارس (آذار) القادم بعد استكمال التفاصيل والآليات التي من خلالها يتم تنفيذ الاتفاقية.

وأفادت مصادر مطلعة على سير المفاوضات بين الطرفين لـ«الشرق الأوسط» بأن مبادرة الحوار بين الحكومة الصومالية وجماعة أهل السنة والجماعة طرحها رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي في اللقاء الأخير الذي جمع بين زيناوي والرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا نهاية الشهر الماضي. وتدعم إثيوبيا كلا من الحكومة الصومالية وجماعة أهل السنة والجماعة في حربهما ضد حركة الشباب المجاهدين المعارضة التي تراها إثيوبيا أيضا تهديدا مباشرا لأمنها، وأقنعت الحكومة الإثيوبية جماعة أهل السنة والجماعة بالانضمام إلى الحكومة الصومالية الحالية التي يقودها الرئيس شريف شيخ أحمد.

وتعتبر حركة أهل السنة من حيث ظهورها كتنظيم سياسي مسلح، أحدث الحركات الإسلامية المسلحة في الصومال، ويرجع تاريخ إنشاء الحركة، أو اتحاد الطرق الصوفية في الصومال إلى عام 2003 كتنظيم غير سياسي في بداية الأمر، يهتم فقط بتطوير الطرق الصوفية والتنسيق في مجالات الدعوة والتعليم والفتوى. ولم يكن لهذه الجماعة دور سياسي أو عسكري حتى منتصف عام 2008 عندما ثار أتباع الطرق الصوفية على قيام حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي، وهما محسوبان في التيار السلفي الجهادي بهدم عدد من الأضرحة والمزارات التي تعود لقادة الطرق الصوفية ومؤسسيها في الصومال.

وفي حال توقيع الاتفاقية المذكورة بين الحكومة وجماعة أهل السنة والجماعة تكون الأخيرة أكبر فصيل ينضم إلى الحكومة الصومالية التي حققت نجاحا محدودا حتى الآن في استقطاب مجموعة من ميليشيات وقادة الحزب الإسلامي المعارض. وتسيطر أهل السنة والجماعة على مناطق واسعة من وسط الصومال، ولها وجود عسكري في المناطق الحدودية مع إثيوبيا في جنوب البلاد. وكانت هناك حالة من الانقسام داخل صفوف قادة جماعة أهل السنة والجماعة فيما يخص التفاوض مع الحكومة الانتقالية التي يقودها الرئيس شريف، ففي الوقت الذي يؤيد فيه جناح من الحركة الحكومة الصومالية ويرى التعاون معها بشكل كبير، فإن جناحا آخر يهيمن عليه قادة الطرق الصوفية في المحافظات الوسطى من الصومال، يرى الحكومة غير جادة في التعاون معهم فيما يخص الحرب ضد حركة الشباب والحزب الإسلامي.

وقد انضم عدد من أمراء الحرب السابقين وجنرالات متقاعدين من الجيش الصومالي إلى الطرق الصوفية، ويقاتل بعضهم حاليا تحت لواء أهل السنة والجماعة بدعم من إثيوبيا الأمر الذي أثار شكوكا حول بروز تيار الصوفية كطرف عسكري في النزاع الصومالي يحظى بدعم من دول الجوار ومن الولايات المتحدة أيضا. وقد أعرب بعض قادة الطرق الصوفية في الأقاليم الوسطى من الصومال في وقت سابق من العام الماضي عن أنهم يسعون إلى الحصول على مكاسب سياسية من خلال حربهم ضد الفصائل المعارضة للحكومة الصومالي. ويرى المراقبون أنه في حالة نجاح جماعات الطرق الصوفية في توحيد صفوفها فإن بإمكانها أن تطرح نفسها كطرف لا يمكن تجاوزه في لعبة التوازنات السياسية والقبلية وكذلك الآيديولوجية الحاضرة بقوة في الصراع السياسي الحالي في الصومالي. على صعيد آخر، اندلعت معارك جديدة بين مقاتلي حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي المعارضين للحكومة الصومالية بالقرب من الحدود الكينية. واندلع القتال صبح أمس الجمعة في مدينة «دوبلي» الواقعة بالقرب من الحدود الكينية - الصومالية. وأفاد شهود عيان بأن ميليشيات تابعة للشيخ أحمد اسلان، القيادي البارز في الحزب الإسلامي الذي يقوده الشيخ حسن طاهر أويس، شنت غارة على مدينة دوبلي التي كانت تحت سيطرة حركة الشباب، ونجحت ميليشيات الحزب الإسلامي في استعادة المدينة، لكن مقاتلي الشباب عادوا إليها مجددا، فيما انسحبت ميليشيات الحزب الإسلامي منها.

وتأتي هذه المعارك في إطار سلسلة من المعارك الدموية بين الفصيلين، حيث كان الجانبان يتنازعان من أجل السيطرة على المدن الاستراتيجية بجنوب البلاد، وفي مقدمتها مدينة كيسمايو الساحلية (500 كم جنوب مقديشو) التي كانت تمثل نقطة الصراع بينهما لأهميتها الاقتصادية والعسكرية. وأدت المعارك بين حركة الشباب والحزب الإسلامي بجنوب البلاد إلى سقوط المئات من الميليشيات المتقاتلة من كلا الجانبين، ومن المدنيين أيضا منذ اندلاعها قبل عدة أشهر. وحاول الطرفان أكثر من مرة حل الخلافات بينهما، إلا أنهما فشلا في التوصل إلى اتفاق ولو لوقف إطلاق النار.

من جهة أخرى، أعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية والعسكرية توم كاونتريمان أن نسبة الهجمات الناجحة من قبل القراصنة قبالة شواطئ الصومال قد تراجعت حتى وإن كان عدد الهجمات قد زاد. وقال إن نسبة نجاح الهجمات من قبل القراصنة في المنطقة تدنت من 60% في 2007 إلى 25% حاليا. وحسب أرقام وزارة الخارجية الأميركية فإن ما مجموعه 19 هجوما سجلت في عام 2007، نجح منها 12، مقابل 122 هجوما نجح منها 42 في 2008، و198 هجوما نجح منها 50 في 2009.

وأضاف كاونتريمان أن «نسبة نجاح هجمات القراصنة في خليج عدن، بين سواحل الصومال واليمن، تراجعت تقريبا إلى الصفر. نجح هجوم واحد في الصيف الماضي». وأوضح أن القراصنة تمركزوا في حوض الصومال، مضيفا أن هذه المساحة الأوسع من خليج عدن تصعب كثيرا على القوات الدولية مراقبتها. وأشاد بعمل مجموعة الاتصال حول القرصنة قبالة الصومال التي تشكلت مطلع 2009. وتضم المجموعة حاليا 47 بلدا. وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أنه لا يزال هناك حتى الآن سبع سفن بين أيدي القراصنة مع 160 عنصرا من طواقمها. واعتقلت الولايات المتحدة الأميركية 25 قرصانا، وسلمت 24 إلى القضاء الكيني. وسلم واحد فقط إلى القضاء الأميركي وسيحاكم في نيويورك.