النيجر هادئة بعد الانقلاب.. والاتحاد الأفريقي يعلق عضويتها

مصادر عربية في نيامي لـالشرق الأوسط»: الجالية بخير.. والانقلاب جاء بسبب مساعي تانجا للبقاء في السلطة

TT

وصفت مصادر عربية رفيعة المستوى في نيامي الأوضاع في النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح أول من أمس بنظام حكم الرئيس مامادوا تانجا بأنها هادئة على نحو لا يعطى لزائرها أي انطباع بأن انقلابا عسكريا قد وقع للتو هناك. وقال سفير دولة عربية، طلب عدم تعريفه، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من نيامي «لا إجراءات استثنائية في شوارع العاصمة، أدينا صلاة الجمعة كالمعتاد، فقط جزء صغير من الشارع الرئيسي وليس كل الشارع تم إغلاقه». وأوضح أن الناس ليست قلقة، مؤكدا أن الجالية العربية في النيجر بخير، والوضع هادئ إلى درجة أنك لو زرت هذه المدينة الآن لم تكن لتلاحظ أي شيء لافت للانتباه. وأضاف أن «الوضع يتسم بالهدوء، والسوق مفتوحة، وكذلك المحال التجارية والمساجد بشكل طبيعي. لم يتأثر الشعب بالانقلاب وهذا شيء عادى في الدول الأفريقية من واقع خبرتي».

في غضون ذلك، علق الاتحاد الأفريقي أمس عضوية النيجر إثر الانقلاب. وقال السفير الأوغندي لدى الاتحاد الأفريقي مول سيبوجا كاتيندي الذي يترأس مجلس السلم والأمن: «اعتبارا من اليوم، لن يشارك النيجر في أنشطتنا. لقد نددنا بالانقلاب وفرضنا عقوبة على النيجر: علقت عضوية النيجر من كل أنشطة الاتحاد الأفريقي».

ودعا زعيم الانقلاب أمس إلى الهدوء، وأغلق حدود البلد المنتج لليورانيوم. وقال العقيد عبد الكريم جوكوي، المتحدث باسم المجلس الأعلى لاستعادة الديمقراطية، إن المجلس «قرر تعليق العمل بالدستور، وحل كل مؤسساته». وتردد أن رئيس المجلس هو سالو دجيبو. ومن بين قادة الانقلاب الآخرين الكولونيل أدامو هارونا الذي تقول مصادر عسكرية إنه يقود قوة من النيجر تابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والعقيد جبريل حميدو الموجود في نيامي، وهو متحدث سابق باسم المجلس العسكري الذي نفذ انقلابا عام 1999.

وأكد المصدر العربي أن الانقلاب العسكري وقع بعد توصل الحكومة والمعارضة إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية برعاية وسيط تجمع «الايكوس» الرئيس الأسبق عبد السلام أبو بكر. وأوضح أن الوضع أصلا كان متوترا منذ نحو عشرة شهور نتيجة الأزمة السياسية حول الدستور القديم الصادر عام 1999 والذي تم نسخه بدستور جديد في أغسطس (آب) الماضي، حيث وافق عليه الشعب، ويعطي صلاحيات لاستمرار رئيس الجمهورية في منصبه دون مدة محددة.

وقال المصدر العربي «الدستور كان مفتوحا فيما يتعلق بمدة الرئاسة، ودون تحديد، فيما لم تكن المعارضة راضية عن هذا الوضع كما أعلنت المؤسسة العسكرية أيضا عن رفضها لتمديد رئاسة تانجا»، لافتا إلى أن الانقلابيين سموا أنفسهم «المجلس الأعلى لاستعادة الديمقراطية»، في إشارة إلى عدم موافقتهم على الوضع السابق. وكشف أن منفذي الانقلاب هم على صلة قبلية وعائلية مع الرئيس المخلوع البالغ من العمر 75 عاما، لكنه أكد في المقابل أن تانجا يلقى معاملة لا بأس بها من الانقلابيين. وتابع «هو (تانجا) حاليا رهن الاعتقال وبصحة جيدة، وهم يحترمونه، ولا توجد مشكلة»، مشيرا إلى أن التفاصيل حول كيفية وملابسات وقوع الانقلاب قليلة لأن الانقلابيين حجبوا نشر أي معلومات. وقال إن الانقلابيين غيروا مكان احتجاز وزراء الحكومة المعتقلين مرتين حتى الآن، بينما يقبع الرئيس المخلوع تحت الحراسة المشددة في ثكنة عسكرية تقع على الطريق الرئيسي للعاصمة نيامي. وأضاف «حتى البيان المقتضب الصادر عنهم خرج للعلن نحو الساعة الحادية عشرة إلا الربع من مساء الخميس بتوقيت العاصمة نيامي، حيث تم إعلان حل مختلف المؤسسات ووقف العمل بالدستور».

وطبقا لما رواه المسؤول العربي، فإن الانقلاب وقع بشكل مفاجئ نحو الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر الخميس، حيث سمع سكان المدينة والمجاورون لمقر الحكومة صوت إطلاق النار، وسرت إشاعات حول وقوع عملية عسكرية في مجلس الوزراء. وأضاف «يبدو أن منفذي الانقلاب العسكري اقتحموا اجتماعا للحكومة كان يترأسه الرئيس المخلوع تانجا وسيطروا على المكان قبل أن يعزلوا الرئيس في مكان آخر». وتابع «العملية كلها لم تستغرق أكثر من ساعتين». وتحدث المصدر عن خروج مظاهرات مؤيدة للانقلاب أمس، مشيرين إلى أن «كثيرين يعتقدون أن الرئيس المخلوع لم يكن يحظى بشعبية كبيرة رغم اهتمامه بالقيام بمشروعات قومية وتنموية، لكن سعيه للاستمرار والبقاء في السلطة أدى إلى هذه النتيجة».

من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية البلغارية أن عشرة من مواطنيها محتجزون في نيامي إثر انقلاب الخميس. وقالت إن عشرة شرطيين بلغاريين و16 شرطيا بلجيكيا مكلفين بترحيل الأجانب الذين دخلوا إلى الاتحاد الأوروبي بصورة غير شرعية محتجزون في أحد فنادق نيامي.

ويعتبر انقلاب أول من أمس المحاولة الانقلابية الثالثة منذ بدء العملية الديمقراطية في البلاد في 1990، علما بأنه وقع انقلاب عسكري في يناير (كانون الثاني) 1996 أدى إلى الإطاحة بالرئيس مهماني عثماني المنتخب ديمقراطيا. وقتل الجنرال باري مايناسارا الذي أطاح بالرئيس عثماني على أيدي حرسه في 9 أبريل (نيسان) 1999.