معارك طاحنة في مارجا الأفغانية التي تستعد الشرطة لدخولها

أفغانستان.. تطيح بائتلاف الحكومة الهولندية

مواطن افغاني ونجله على دراجة نارية يتابعان استعدادات الناتو لدخول قرية مارجا (أ.ب)
TT

يقاوم مقاتلو طالبان بشدة، أمس، القوات الدولية والأفغانية في مارجا، أحد معاقل الحركة في جنوب أفغانستان، بينما تستعد الشرطة الأفغانية للانتشار فيها. وقال الكابتن أبراهام سيبي، الناطق باسم مشاة البحرية الأميركية «المارينز» المنتشرين في ولاية هلمند: «نتحدث عن مارجا منذ أشهر، وقلنا إنه ستجري معارك طاحنة». وأضاف أن «هناك جيوب مقاومة في المدينة التي يقاوم فيها مقاتلو طالبان بشراسة، ولا شك أننا سنواجه تهديدا كبيرا بسبب الألغام يدوية الصنع».

ويفترض أن ينتشر 400 شرطي أفغاني، أمس، في وسط مارجا في المرحلة الأولى من فرض وجود حكومي في هذا الموقع، الذي تسيطر عليه طالبان منذ سنتين. وهؤلاء مدربون خصيصا لهذه المهمة، وسيتمركزون في وسط المدينة. ووصلت جرافات وآليات مضادة للألغام إلى مارجا، وحتى شاحنات تنقل معدات بناء، للبدء ببناء قاعدة عسكرية جديدة في البلدة، بحسب ما ذكر مسؤولون عسكريون في المكان. وقتل جندي تابع لحلف شمال الأطلسي في عملية «مشترك»، التي دخلت أمس أسبوعها الثاني، وهو الجندي الثاني عشر الذي يقتل في العملية. وقتل سبعة من جنود القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في أفغانستان، (إيساف)، التابعة للحلف أول من أمس، في معارك مع المتمردين أو في انفجار قنابل يدوية الصنع.

وفي لندن، أكد الجيش البريطاني، أول من أمس، أن المقاومة التي تبديها طالبان «تصاعدت كما كان متوقعا»، لكنها لا تهدد نجاح الهجوم. وقال الجنرال غوردن ميسنجر، الناطق باسم الجيش البريطاني: «كنا نتوقع أن يزيد العدو درجة مقاومته عندما يلتقط أنفاسه، وهذا ما حدث».

وأضاف: «هناك الآن حوادث تلحق بـ«إيساف» والقوات الأفغانية أكثر من تلك التي سجلت في بداية العملية». إلا أنه أشار إلى أن جهود طالبان «تفتقر إلى التنسيق». وأكد داود أحمدي، الناطق باسم حاكم ولاية هلمند، أن جنديا أفغانيا واحدا فقط قتل منذ بداية العملية. و4400 من الجنود الـ15 ألفا الذين نشروا في مارجا ومحيطها من الأفغان، أما غالبية الجنود فهم أميركيون أو بريطانيون، مع أن قادة الحلف الأطلسي يقولون إن الهجوم «تشنه القوات الأفغانية». وقال أحمدي إن 15 مدنيا أيضا قتلوا. وكان الجنرال البريطاني نيك كارتير، المكلف بقيادة قوات الحلف في جنوب البلاد، رأى أول من أمس أن «ما بين 25 وثلاثين يوما ستكون ضرورية للسيطرة على مارجا». ونفى يوسف أحمدي، ناطق باسم طالبان، استخدام مدنيين دروعا بشرية، لكنه اعترف بأن المتمردين زرعوا عددا كبيرا من القنابل يدوية الصنع. وتؤخر هذه القنابل تقدم القوات، وتشكل السبب الأول لسقوط قتلى في صفوف جنود الحلف في أفغانستان. من جهته، قال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، الذي بدا متحفظا جدا منذ بداية الهجوم، إن «المعركة ضد الإرهابيين وضد الذين يمنعون السلام في البلاد يجب أن تستمر».

الى ذلك أُعلن في هولندا أمس عن انهيار الائتلاف الحاكم بسبب خلاف بشأن الموقف من استمرار انتشار نحو 2000 جندي هولندي في أفغانستان. وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكننده إنه سيزور الملكة بياتريس لتقديم استقالة الحكومة.

وأضاف بالكننده بعد محادثات مطولة استمرت 16 ساعة فشلت في إنقاذ الائتلاف الذي يضم 3 أحزاب: «بصفتي رئيسا لهذه الحكومة، اضطررت لأقر بعدم وجود سبيل مثمر لهذه الحكومة يدفعها لمواصلة عملها».

وقال إن طلب حزب العمل لرفض مطالب حلف شمال الأطلسي «ناتو» ببقاء القوات الهولندية نشطة في إقليم أوروزجان الأفغاني «راهن على» تعاون الائتلاف، وعرقل نقاشا متوازنا عن تمديد المهمة. ولم يتضح بعد ما إذا كان بالكننده سيسافر للقاء الملكة التي تقضي إجازة حاليا في النمسا أم ما إذا كانت الملكة ستعود لهولندا.

وأيد حزب بالكننده الديمقراطي المسيحي أكبر الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، وحزب الاتحاد المسيحي أصغر الأحزاب المشاركة، طلب تمديد المهمة العسكرية في أفغانستان والمقرر أن تنتهي في أغسطس (آب) المقبل.

غير أن حزب العمل أصر على أن مجلس الوزراء كان قد قرر في 2007 «عودة كل القوات» في وقت لاحق عام 2010، وهو القرار الذي لا تزال أغلبية النواب في البرلمان تدعمه.

وقال جاك دي فري نائب وزير الدفاع إن حزبه الديمقراطي المسيحي كان على استعداد للتوصل لحل وسط بشأن طبيعة مهمة القوات الهولندية في أفغانستان.

وقال دي فري إن حزب العمل رفض التسوية، وأضاف أن الحزب رفض أيضا الاعتراف بخطأ إعلانه تحذيره على الملا أول من أمس الجمعة.

وقال فاوتر بوس زعيم الحزب في أول بيان له: «لقد أجبر حزب العمل على التوصل إلى نتيجة مفادها أنه ليست هناك طريقة أكثر مصداقية لمواصلة مشاركتنا في الوزارة».

وأضاف: «أيدنا المهمة الهولندية في أوروزجان مرتين». وأشار إلى أن حزب العمل مستعد لمواصلة المشاركة في أفغانستان بسبل أخرى، مع إصراره على رفض تمديد المشاركة العسكرية في أوروزجان. غير أنه أردف: «الأحزاب الأخرى لم ترد النظر في مقترحاتنا».

وقال بوس إنه ليس نادما على الإعراب علانية عن مطالبه قبيل صدور قرار الحكومة بشأن مهمة أفغانستان والمقرر صدوره مطلع الشهر المقبل.

وقال: «عادة ما تمنح الأحزاب مزيدا من الوقت للتعبير عن وجهات نظرها إبان الانتخابات». وتستعد هولندا لإجراء الانتخابات المحلية في الثالث من مارس (آذار) المقبل.

ويقضي القانون الهولندي بجواز إجراء انتخابات عامة جديدة في غضون 89 يوما على أقل تقدير.

يشار إلى أن كلا من الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب العمل سيخسران نسبة تتراوح بين ربع وثلث المقاعد البرلمانية إذا ما أجريت الانتخابات. ويحظى الحزب «الديمقراطي المسيحي» بـ41 مقعدا في البرلمان بينما يحوز «العمل» 33 مقعدا.

وقد يتحول حزب الحرية «بي في في» الذي يعارض أيضا المهمة الأفغانية وله موقف معارض تجاه الإسلام وقضية الهجرة ليصبح ثاني أكبر الأحزاب السياسية في هولندا، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد يحظى بأكثر من ضعف عدد المقاعد التي يحتلها في البرلمان حاليا والتي لا تتجاوز التسعة مقاعد.

وفي حال قبول الملكة استقالة الحكومة، فإن قرار إنهاء مهمة القوات الهولندية في أفغانستان بحلول أغسطس (آب) يصبح قرارا نهائيا، حيث لا يحق لحكومة انتهت فترة ولايتها اتخاذ قرارات مؤثرة.

يشار إلى أن قوام القوات الهولندية العاملة في أفغانستان يبلغ 1880 جنديا، بينهم 1250 يتمركزون في أوروزجان. وكانت القوات الهولندية شاركت في قوات المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) عام 2006 وجرى تمديد مهمتها في 2008، ومن المقرر أن تنهي عملها هناك في أغسطس المقبل. ولقي 21 جنديا هولنديا حتفهم في أفغانستان منذ 2006.