ضحايا مسجد مكناس يرتفعون إلى 41 شخصا.. وصومعته انهارت بعد صعود الإمام إلى المنبر

ملك المغرب يطلب إجراء معاينة لجميع المساجد العتيقة.. ويأمر ببناء المسجد المنهار فورا

TT

قالت مصادر رسمية مغربية إن ضحايا حادث انهيار مسجد في مكناس (وسط المغرب) أول من أمس ارتفع إلى 41 قتيلا و75 جريحا لا يزال 17 منهم يتلقون العلاج في مستشفيات مكناس وفاس المجاورة لها، وقالت المصادر إن عمليات الإنقاذ انتهت منتصف نهار أمس، بيد أن مصادر محلية عبرت عن خشيتها من وجود مزيد من الضحايا تحت الأنقاض. وفي غضون ذلك طلب العاهل المغربي الملك محمد السادس إجراء معاينة عاجلة لجميع المساجد العتيقة في كل أنحاء المغرب وإعادة بنائها إذا تطلب الأمر. وقال مصدر في وزارة الداخلية إن لجانا تشكلت في جميع الأقاليم تضم ممثلين عن السلطات المحلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومهندسين وخبراء أنيط بها إعداد تقارير عاجلة حول الحالة المعمارية لجميع المساجد.

وفي التفاصيل قالت مصادر محلية في مكناس إن ضحايا حادث «باب البردعيين» في المدينة العتيقة نقلوا إلى المستشفى العسكري، بعد أن قرر العاهل المغربي التكفل بجميع مصاريف إقامة مراسم الدفن والعزاء للضحايا ومعالجة الجرحى، وإعادة البناء الفوري للمسجد. كما أن بعض الجرحى نقلوا إلى مستشفى محمد الخامس في مكناس، ونقل آخرون إلى المستشفى الجامعي في فاس. وأفادت المصادر نفسها بأن فشل إنقاذ طفل تهدمت فوقه بناية مجاورة أثار حزنا كبيرا في المدينة، خاصة أن الطفل ظل يستغيث وحاول رجال الإنقاذ الوصول إليه، لكنه كان فارق الحياة عندما انتشل من بين الأنقاض. وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الحادث وقع في الساعة 12 و58 دقيقة ظهر الجمعة، مباشرة بعد الانتهاء من الأذان الثاني لصلاة الجمعة وصعود الإمام إلى المنبر. وأضاف المصدر أن «مسجد البردعيين» التاريخي معروف بتأخيره لصلاة الجمعة مقارنة بباقي مساجد مكناس، وبذلك فإنه يشكل وجهة للمصلين المتأخرين عن صلاة الجمعة. وأحاطت قوات أمن كثيفة بالمنطقة التي يوجد بها المسجد، وفرضت طوقا أمنيا حول مكان الحادث. وقال شهود عيان إن المعدات التي استعملت في بداية عمليات الإنقاذ كانت بدائية، وإلا لكان ارتفع عدد الناجين. وتشكلت لجنة للتحقيق في الحادث، وتقول معلومات أولية إن صومعة المسجد انهارت بسبب الأمطار، وهو ما أدى إلى انهيار سقف وجدران المسجد فوق رؤوس المصلين الذين كانوا يستعدون في تلك اللحظة لأداء صلاة الجمعة ويعتزمون بعدها الصلاة على جنازة ميت. وعندما تم التكبير للصلاة لفت المؤذن انتباه إمام المسجد إلى أن جدارا تحت الصومعة بدأ يتهاوى، إلا أن إمام المسجد اقترح معاينته عقب أداء الصلاة وصلاة الجنازة، وقالت المصادر إن الإمام والمؤذن لم يصابا في الحادث، وأشارت المصادر نفسها إلى أن الجهة التي انهارت فوقها الصومعة تتسع لنحو 500 مصل، كما أنها انهارت فوق بعض الدكاكين، من بينها دكان نجارة سبق أن شب فيه حريق، ويعتقد أن المياه التي استعملت خلال عملية الإطفاء أثرت على جدران المسجد. وعلى الرغم من أن الرياح والأمطار القوية التي عرفتها المدينة تشكل السبب المباشر في انهيار الصومعة فإن العديد من الأصابع تشير إلى أسباب أخرى أسهمت في وقوع هذا الحادث، منها أن الصومعة التاريخية كانت مالت قليلا وبدأت تظهر على جدرانها شروخ وشقوق في الآونة الأخيرة.

وقال النائب البرلماني عبد الله بووانو لـ«الشرق الأوسط» إنه من المحتمل أن يكون للحريق الذي اندلع في محل النجارة في يوليو (تموز) الماضي أثر على جدران المسجد وتساءل قائلا «ما الذي جرى منذ يوليو (تموز)، هل تم إنجاز معاينة أو دراسة لتقييم أثر الحريق على الصومعة التاريخية ومعالجة الأضرار الناتجة عنها؟» وزاد «لا شيء حدث من هذا القبيل؛ ولذلك أعتقد أنه يجب تحديد المسؤوليات» وقال بووانو «إن الأمطار كانت قوية بشكل غير مألوف للسنة الثانية على التوالي، كان لها تأثير، لكن يجب البحث فيما إذا كانت هناك شكايات وتحذيرات سابقة». وكان الطيب الشرقاوي وزير الداخلية وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية زارا موقع الحادث وأشرفا على عمليات الإنقاذ. كما زارا الجرحى في المستشفيات. ويعود بناء «مسجد البردعيين» إلى عام 1720، في عهد السلطان مولاي إسماعيل العلوي، والذي اتخذ من مكناس عاصمة له. وتعتبر صومعته التي يصل علوها إلى نحو 45 مترا من أجمل مآثر المدينة العتيقة لمكناس ومعلمتها البارزة؛ لكونها تعلو كل بنايات المدينة العتيقة، وتزين الصور التي يأخذها السياح لمدينة مكناس من فوق الربوة المقابلة لها، المعروفة بربوة الفخارين، والموجودة بمحاذاة المدينة الجديدة.