أوساط سياسية جزائرية: حديث كوشنير عن «جيل الاستقلال» هجوم على بوتفليقة شخصيا

استبعدت قيام وزير الخارجية الفرنسي بزيارة مرتقبة للبلاد الشهر المقبل

TT

استبعدت مصادر قريبة إلى الحكومة الجزائرية، قيام برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي، بزيارة للجزائر مرتقبة الشهر المقبل، بسبب تصريحات مرشحة لتصعيد التوتر الذي تعرفه العلاقات الثنائية. وقال كوشنير إن العلاقات بين البلدين «ستكون ربما أقل تعقيدا حين يغادر جيل الاستقلال السلطة في الجزائر».

نشرت صحيفة «جورنال دوديمانش» الفرنسية، أمس، حوارا أجرته مع وزير الخارجية كوشنير، تناول فيه قضايا دولية عدة، من بينها «منطقة الإعصار»، التي تمر بها العلاقات الجزائرية الفرنسية. وقال كوشنير في الموضوع: «إن جيل الاستقلال الجزائري لا يزال في السلطة، وبعده سيكون الأمر ربما أقل تعقيدا»، قاصدا أن الأشخاص الذين يقودون الحكم في الجزائر، شاركوا في حرب التحرير (1954 - 1962)، ومعهم يصعب إقامة علاقات طبيعية مع فرنسا، بسبب تأثرهم برواسب التاريخ المشترك. يشار إلى أن فرنسا احتلت الجزائر مدة تفوق قرنا وربع القرن (1830 - 1962).

وقرأت أوساط سياسية كلام كوشنير على أنه هجوم على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا، لأنه من المشاركين في ثورة التحرير. وحتى مساء أمس، لم يصدر عن السلطات أي رد على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، الذي قال أيضا: «علاقاتنا بالجزائر كانت عاطفية جدا وعنيفة وانفعالية إلى درجة أن كل شيء أضحى معها صعبا ومؤلما جدا. وكانت الجزائر تعتبر في فرنسا فرنسية، حين كانت مستوطنة». وشن بوتفليقة منذ مجيئه إلى الحكم قبل 10 سنوات، هجوما حادا ضد فرنسا، التي لم يتردد في وصفها بـ«النازية»، بسبب ماضيها الاستعماري في الجزائر. وفي موضوع آخر، دافع كوشنير عن قرار حكومته وضع الجزائر في قائمة الرعايا المستهدفين بإجراءات مراقبة أمنية خاصة في المطارات الفرنسية، وقال: «إنه إجراء أمني، والجزائر ليست الوحيدة المشمولة به. الجزائريون مصدومون، وصحيح أنهم يقاتلون (القاعدة) بشجاعة، لكننا نطبق قواعد أمنية». وتسبب هذا الإجراء في إثارة غضب السلطات الجزائرية، التي استدعت السفير الفرنسي الشهر الماضي، ووجهت إليه احتجاجا شديد اللهجة. وتزامنت القائمة الفرنسية مع إجراءات مماثلة اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية، التي أدرجت الجزائر ضمن 14 دولة يمثل رعايا، خطرا على أمن الطيران الأميركي، من وجهة نظرها. واستبعدت مصادر قريبة إلى الحكومة الجزائرية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، قيام كوشنير بزيارة للجزائر كانت مرتقبة في مارس (آذار) المقبل، بسبب تصريحاته التي وصفت محليا بأنها «عدائية». وقال محمد القورصو، أستاذ التاريخ في جامعة الجزائر، وأحد المختصين في العلاقات الجزائرية الفرنسية، في اتصال بـ«الشرق الأوسط» بشأن النفق المظلم الذي دخلت فيه العلاقات الثنائية: «هناك مؤشرات قوية تدل على أن الفكر الاستعماري، بمفهوم القرنين التاسع عشر والعشرين، لا يزال يهيمن على ذهنية عدد من المسيرين السياسيين في أوروبا، وبخاصة في فرنسا». ومما يثير الدهشة وغير مقبول، تلك المزايدات التي تحرك المجتمعات الأوروبية، تغذيها أوساط سياسية معروفة، غايتها الوصول إلى سدة الحكم، حتى ولو اقتضى ذلك القفز على كرامة الشعوب».