السعودية ترفع «السرية» عن لوائح دعاوى مقامة ضد عناصر «القاعدة»

لأول مرة يتم الكشف عن إيقاع عقوبة السجن 10 سنوات على «ممول» و7 أعوام بحق «محرض»

TT

رفعت السعودية، أمس، طابع السرية عن جانب من لوائح الدعاوى المرفوعة ضد عدد من عناصر تنظيم القاعدة المتورطين في النشاط الإرهابي الذي وقع في أراضيها منذ 12 مايو (أيار) 2003.

وكشفت هيئة التحقيق والادعاء العام، عن تفاصيل الحكم في قضيتين منفصلتين، ضمن جرائم أمن دولة تورط فيها سعوديون، في إيواء عدد من عناصر تنظيم القاعدة في السعودية، والتحريض على السفر إلى الخارج للقتال في المناطق المضطربة.

وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها الجهاز المختص بالادعاء في قضايا أمن الدولة، عن الأحكام التي طالب بها أمام جرائم التنظيم الإرهابي.

وكشف الدكتور مساعد الحمد عضو دائرة أمن الدولة في هيئة التحقيق والادعاء العام، أمام ورشة عمل عقدت في الرياض لوضع الإطار القانوني العالمي لمكافحة الإرهاب، عن قضيتين رمز إليهما بـ«حالة أ، وحالة ج»، وحكم فيهما بحق المتورطين على خلفيتهما بسجن أحدهما 10 سنوات مع مصادرة ما بحوزته من أموال، وسجن الآخر 7 سنوات.

وشهدت العاصمة السعودية الرياض، أمس، تجمعا دوليا لوضع إطار قانوني عالمي لمكافحة الإرهاب، حضره مايكل مولاناي رئيس وحدة تحقيقات قضايا الإرهاب بوزارة العدل الأميركية، وألكسندر مواري ممثل من مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي، وكانديس ولش الخبيرة بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وبرونو دوبريه ممثل إدارة العلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية، والمستشار محمد رضوان بن خضراء ممثلا عن جامعة الدول العربية ومدير الإدارة القانونية فيها.

وآثرت هيئة التحقيق والادعاء العام الكشف عن لوائح الادعاء بحق المتورطين في الأعمال الإرهابية، خلال التجمع الدولي الكبير، لتعكس مدى شفافية ما تقوم به من إجراءات في محاكمة المتورطين في الأعمال الإرهابية، والضمانات الممنوحة لهم قبل وبعد إصدار الأحكام القضائية بحقهم من القضاء المتخصص.

وسرد عضو دائرة أمن الدولة في هيئة التحقيق والادعاء العام في السعودية، لائحة دعوى قضائية مقامة ضد شخص اتهم بارتكابه جريمة تمويل إرهاب وعمليات إرهابية، بدفعه مبلغ 3 آلاف ريال أجرة أحد المساكن لإيواء مطلوبين أمنيا، ودعمه عن طريق عصابة منظمة وجماعات إرهابية خارج السعودية بمبالغ مالية تقدر بـ35 ألف ريال، و26 ألف دولار.

وأسفر التحقيق مع المتهم عن اعترافه بارتكاب جريمة تمويل الإرهاب، وهو أمر تجرمه الفقرة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات وتغريمه 100 ألف ريال تذهب للخزينة العامة للدولة، ومصادرة ما معه من أموال.

واستعرض مساعد الحمد عضو دائرة أمن الدولة في جهاز الادعاء السعودي، دعوى جزائية رفعت ضد أحد الأشخاص، اتهم بارتكابه جريمة تحريض ومساعدة على الخروج إلى خارج السعودية للقتال.

وقال المدعي العام السعودي، خلال استعراضه لهذه القضية: إن أحد الأشخاص (شطب اسمه من لائحة الدعوى) «متهم بارتكابه جريمة التحريض ومساعدة شخصين على الخروج إلى بلد (لم يسمه) للقتال، انتهاكا منه وخروجا على أصول وأحكام الجهاد في الشريعة الإسلامية».

وقال المدعي العام في هذه القضية: «بعد استجوابه (المتهم) اعترف أنه يرى العمليات القتالية خارج المملكة جهادا في سبيل الله حسب اعتقاده وأن التحريض عليه والدعوة إليه مشروع، حيث حرض شخصين على الخروج للقتال، وبعد أن تمكن من إقناعهما اجتمعوا في منزله استعدادا للسفر واتفقوا على أن يسافر الشخصان إلى إحدى الدول ومحاولة الدخول منها بطريقة مشروعة إلى دولة أخرى، وعلم بعد ذلك أنه قبض على الشخصين قبل سفرهما».

وطبقا لاعترافات المتهم في قضية التحريض، وبحسب ما ورد في لائحة الدعوى، فإنه «يعلم أن تلك الأفعال محظورة ومعاقب عليها في نظام السعودية، إلا أنه يرى أن ما قام به هو الجهاد». ورأت هيئة التحقيق والادعاء العام أن «ما أقدم عليه المذكور وشرع فيه، حقيقته محض فساد وليس جهادا ناجما عن شبهات علقت في قلبه وصار يظن أنه يسعه الخروج على جماعة المسلمين للقتال تحت ما يشتهي من رايات أو من دون راية».

وطالبت بالحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة، تزجره وتردع غيره على نحو يوازي خطورة ما أقدم عليه.

وأصدرت المحكمة الجزائية المختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، حكما بالسجن على المحرض لمدة 7 سنوات.

وتعتبر هاتان القضيتان اللتان كُشف النقاب عنهما أمس، اثنتين من أصل 179 قضية نظر فيها القضاء السعودي، بتورط 330 شخصا، من أصل 991 من المتورطين في الأعمال الإرهابية التي وقعت في البلاد حتى الآن.

واستعانت الرياض في تصورها لبعض الأحكام، التي طالبت بإيقاعها على المتهمين المحالين إلى المحاكمة، بمجموعة من الأنظمة المتعلقة بجرائم تهريب الأسلحة واستعمالها بقصد الإخلال بالأمن، والجرائم المعلوماتية ذات الصلة بجرائم الإرهاب، وجرائم حيازة المتفجرات والمفرقعات، وغيرها من الأنظمة ذات الصلة بالجرائم التي تكتسب طابعا إرهابيا.

وإلى ذلك، كشف إبراهيم الزهراني عضو دائرة جرائم أمن الدولة التابعة لهيئة التحقيق والادعاء العام، عن قرب إصدار بلاده لمشروع نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويلها، ومشروع نظام لتسليم المجرمين، مبينا أن هذين المشروعين في المراحل النهائية لإعدادهما.