محللون فلسطينيون: عباس ينشط لحشد الدعم الدولي.. ومواجهة الضغوط الأميركية

أبو مازن في جولة جديدة تشمل ليبيا وفرنسا وسورية

فلسطينيون يتزاحمون لعبور حاجز قلنديا شمال القدس المحاط بقضبان وبوابات حديدية في محاولة للوصول الى أعمالهم ووظائفهم في المدينة المقدسة أمس (أ.ب)
TT

يبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اليوم جولة جديدة، تكون فيها ليبيا أولى محطاته قبل أن ينتقل إلى فرنسا وبلجيكا. وستكون دمشق آخر محطات هذه الجولة. وهذه ثاني مرة خلال شهر واحد يقوم فيها بجولة طويلة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي زار أبو مازن البرازيل والأرجنتين وتشيلي وفنزويلا. وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي زار لندن وروسيا والشيشان، وقام في مطلع فبراير (شباط) الجاري بجولة مطولة شملت إضافة إلى مصر، كوريا الجنوبية واليابان والهند وباكستان، وقبلها بقليل حط في الكويت وقطر ومصر وتركيا.

وعن أهداف هذه الزيارات التي لم تنته عمليا إلى اختراقات على الصعيد السياسي، أو لم يظهر ذلك على الأقل في المدى الحالي، قال المحلل السياسي طلال عوكل لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك سببين مهمين لمثل هذه الزيارات، أحدهما أنه «يريد أن يبحث في كل مكان في العالم عن تفهم أفضل للموقف الفلسطيني من أجل توليد مناخ ضاغط على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتسوية السياسية، أو على الأقل أن تتوقف (واشنطن) عن الضغط على الفلسطينيين».

وحسب عوكل فإن عباس يقوم بدور مؤسسات فلسطينية غائبة ومغيبة. وقال «إن للأمر علاقة بتنشيط السياسة الخارجية، إنه يسد الفراغ والتقصير الموجود في منظمة التحرير والسفارات.. نحن بعيدون عن العالم والمنظمة لم تعد كما كانت، بينما ينشط الآخرون بطريقة ذكية».

أما وزير الثقافة السابق، وأستاذ العلوم السياسية، إبراهيم أبراش، فيرى أن عباس اكتشف متأخرا بعض الشيء أن القضية لن تحل إلا ضمن جهد وعمل دولي. وقال لـ«الشرق الأوسط» «في البداية لم يكن يرغب حتى في زيارات داخلية واليوم اكتشف أن حل القضية بحاجة إلى جهد دولي كبير».

ويتفق أبراش مع عوكل بأن الرئيس يقوم بعمل غيره، وقال «هناك أزمة قيادات خانقة لدينا وهذا العمل يجب أن يقوم به آخرون إلى جانب الرئيس لكن لا يوجد قياديون بالمعنى الحقيقي». والسبب الثاني المهم الذي يراه عوكل محركا للرئيس، هو أن قوى سياسية أخرى بدأت تكتسح مكان منظمة التحرير، وتعمل جاهدة على إزاحتها. هناك إحلال حقيقي للإسلام السياسي». ويصل عباس اليوم إلى ليبيا لتنسيق المواقف استعدادا للقمة العربية بنهاية مارس (آذار)، وسيناقش أبو مازن مع الزعيم الليبي مسائل أخرى من بينها المفاوضات والمصالحة. أما المحطة الثانية في جولة عباس فستكون فرنسا، وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيستقبل أبو مازن بعد غد (الاثنين)، وسيلتقي عباس أيضا بمسؤولين فرنسيين آخرين.

ويفترض أن يناقش أبو مازن في باريس مسألة انعقاد المؤتمر الدولي للمتبرعين لإقامة دولة فلسطينية، إلى جانب بعض المشاريع الاقتصادية المشتركة.

وفي هذا السياق، وكما قالت الإذاعة العامة الإسرائيلية أمس، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ألغى زيارة مقررة لفرنسا يوم الثلاثاء من دون إبداء الأسباب، وقال مصدر إسرائيلي «يبدو أن أبو مازن طلب من الرئيس الفرنسي ألا يحرجه خلال زيارة باراك لباريس ويدعوه للاجتماع معه». ومن فرنسا ينتقل أبو مازن إلى بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي.

وربما تكون زيارته إلى سورية، في 27 فبراير الجاري، الأهم؛ إذ إنها تأتي بعد قطيعة دامت نحو العام، بعد أن أجلت سورية زيارة لأبو مازن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بسبب أزمة تقرير غولدستون. وسيلتقي أبو مازن خلال الزيارة التي تأتي بناء على دعوة سورية، الرئيس السوري بشار الأسد.

ووصف الدبلوماسي يحيي رباح، سفير فلسطين السابق في اليمن، جولات أبو مازن الواسعة بأنها عمل سياسي من الطراز الأول. وقال رباح لـ«الشرق الأوسط» «إن منطق أبو مازن الهادئ استقطب دولا لها صوت في المحافل الدولية». وأضاف «سنحتاج لهذه الأصوات المهمة في مسائل مهمة مثل نقل تقرير غولدستون إلى محكمة لاهاي، واستصدار اعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67».

ويؤيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، مخيمر أبو سعدة، أن جولات عباس تستهدف حشد الدعم للموقف الفلسطيني، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» «إن موافقته على بدء مفاوضات غير مباشرة، تترك علامات استفهام حول هذه الزيارات واستمرارها الآن». وأضاف «طالما كان سيوافق على مفاوضات غير مباشرة بدون وقف الاستيطان، إذن ماذا يريد من هذه الزيارات، أنا غير قادر على قراءة عقل أبو مازن».