مع تقدم العمليات في مارجا.. قوات التحالف تدرس تحديات إعادة الإعمار

الأولوية لإحلال الأمن في مكان لا يضم مسؤولين مدنيين أو رجال شرطة أو هيئات حكومية

TT

خلال الفحص الدقيق الذي قامت به قوات المارينز لصور الأقمار الصناعية قبل شنها هجوما شاملا على قوات طالبان قبل نحو أسبوع، وجدوا ما اعتقدوا أنه مبنى الحكومة المحلية على مقربة من مركز الشرطة الرئيسي في المدينة. كان الاستيلاء على هذا البناء أمرا حيويا بالنسبة للقوات، لبسط سيطرتها على المدينة وبدء مرحلة إعادة الإعمار في هذا الجزء من ولاية هلمند، الذي طردت منه القوات الأميركية والأفغانية المتمردين. لكن ما إن وصلت القوات إلى المنطقة، حتى اكتشفت أن الصور ثنائية الأبعاد كانت خادعة، وأن ما اعتقدوه سطحا مستويا لمبنى الحكومة المحلية كان أساسا خرسانيا لمبنى. وفي الوقت الذي يواصل فيه الآلاف من قوات المارينز والقوات الأفغانية قتالهم الضاري ضد معاقل طالبان المتمركزة في جنوب مارجا، يواجه كبار القادة ومستشارو الاستقرار المدني الكثير من المهام، حول كيفية قيام حكومة محلية وإحلال الأمن في مكان لا يضم مسؤولين مدنيين أو رجال شرطة أو مباني حكومية عامة. وقال جون كايل ويستون ممثل وزارة الخارجية في لواء المارينز الذي يشن العملية في مارجا: «التحدي الحقيقي لم يأت بعد، فلم ننهِ سوى المرحلة الأولى فقط». سيسهم الدور الذي تلعبه هذه القوات هنا في اجتياز الاختبار الرئيسي الأول لاستراتيجية الرئيس أوباما الجديدة في أفغانستان، كما سيقدم نظرة داخلية على قدرة القوات الأميركية والمختصين المدنيين في محو آثار 8 سنوات من الحرب. قوات المارينز المشاركة في العملية هم من بين الـ30.000 جندي الإضافيين الذين بعث بهم الرئيس أوباما في ديسمبر (كانون الأول). وإذا ما تمكنوا، إلى جانب المدنيين، من إحلال الأمن في مارجا عبر حكومة محلية جديدة ومشروعات إعادة إعمار - هدف قد يستغرق تحقيقه أشهرا عدة – فإن كبار القادة العسكريين الأميركيين يأملون في أن تساعد هذه المشروعات على خفض نشاط التمرد في الجنوب الذي مزقه العنف، وأن تقدم نموذجا للمناطق الأخرى. ويقول العميد لورانس نيكلسون، الذي يقود اللواء الثاني التابع لمشاة البحرية وقائد العملية إن «مارجا كانت نموذجا حيا لمقاومة طالبان، لكن تأثيرات عودة الحكومة التي تؤكد سيطرتها على مارجا ستكون قوية جدا». وأشار نيكلسون إلى أن القتال حتى الآن كان قويا - قتل فيه 8 من جنود المارينز ومائة من المتمردين - لكنه يسير بخطى ثابتة، إذ لا بد من تفتيش المباني ونزع الألغام من الطرق وتدمير مخابئ طالبان واستهداف القناصة. وعبر عن ثقته في أن قوات التحالف ستسيطر على كل الطرق الرئيسية والأسواق المهمة في المدينة بحلول نهاية الشهر الحالي. تتواصل جهود طرد المتمردين من المناطق الأخرى من مارجا، لكن نيكلسون قال إن القوات ستبدأ في التمركز لحماية الشوارع والأسواق، ويتوقع أن تؤدي جهود إقرار الأمن إلى منح السكان ثقة كافية وتبين الفارق بين طالبان والمارينز. كما يأملون أيضا في أن تؤدي التغيرات إلى إلقاء المقاتلين الأقل مرتبة في طالبان السلاح. بيد أن الحصول على الثقة قد يستغرق بعض الوقت. فقد سعت قوات المارينز يوم الجمعة إلى عقد اجتماع للسكان في المسجد القريب من سوق لوي تشيرا المزدحم والمتداعي، الذي كان يعج من قبل بتجار الأفيون الذين يشترون عجينة الأفيون من المزارعين المحليين ويبيعونها إلى مصنعي المخدرات، وقد منعت هذه التجارة الآن. كان المقرر عقد الاجتماع في الساعة الثامنة، وفي الساعة 7:45 ارتدى الكولونيل كال ورث درعه الواقية من الرصاص لمسافة 50 ياردة متجها نحو المسجد. وقال عابرا الشارع تجاه المسجد من مقر كتيبته: «إن شاء الله سنجد المواطنين هناك» لكن على العكس من آماله لم يكن هناك أحد. بعد 15 دقيقة عاد ومرة أخرى لم يجد أحدا. كرر العملية عدة مرات قبل أن يقرر الساعة 9:15 مغادرة المكان. في طريق عودته صادف اثنين من الرجال في منتصف العمر يتوجهون صوب القاعدة، كانوا يرغبون في معرفة موعد فتح السوق لجلب بعض البضائع. أخبرهم أن السوق سيعاد فتحها قريبا، وحثهم على العودة إلى العمل، لكن أحدهما قال له إن «طالبان لا تزال موجودة هنا». رد عليهم ورث: «إننا نحاول بسط الأمن بأسرع ما يمكن». قاعدة الكتيبة في موقع سوق لوي تشيرا الأصلي الذي تحول إلى كومة من الأنقاض بسبب القصف الجوي بعد غارة للقوات الخاصة الربيع الماضي. حيث اقتحم الجنود السوق وقتلوا كثيرا من قادة طالبان واعتقلوا كثيرا أيضا ثم غادروا. كما فعلت القوات البريطانية الشيء نفسه أيضا عام 2008، وفي أعقاب كلتا المرتين كان المتمردون يعيدون تنظيم صفوفهم. وقال الرجل: «إننا لا نريدكم أن تأتوا هنا لكي تقاتلوا ثم ترحلوا». وقال ورث: «نحن نعلم أن ذلك ما حدث في الماضي، لكننا سنظل هنا لأشهر عدة». هز الرجلان رأسيهما بالموافقة، لكن ملامحهما كانت تنم عن شك. وقال الرجل الثاني: «نحن خائفون من طالبان، والمارينز». لم يخرج أحد من السكان إلى الاجتماع في المسجد، لكن محادثة ورث في الشارع جذبت 20 رجلا وصبيا. وفي الوقت الذي وزع فيه رجال المارينز زجاجات المياه وعلب حلوى صغيرة على الأطفال، أمطر الرجال ورث وقائد قوات الشرطة شبه العسكرية المؤلفة من 170 فردا والمخصصة لحماية السوق والمناطق المحيطة بها بالأسئلة. رد غلام ساخي، مسؤول الشرطة: «إننا نطلب منكم بعض الصبر، فنحن نحاول القيام بأقصى ما يمكننا القيام به». التحدي الرئيس: يرغب نيكلسون من قوات المارينز العاملة تحت إمرته فتح السوقين الرئيسيتين هذا الأسبوع، ويعتقد أيضا أن المواقع المحيطة بها ستكون آمنة حول المبنى الذي يتوقع أن يكون مبنى البلدية بنهاية هذا الأسبوع، حيث بدأ فريق مستشارين في الاستقرار المدني مؤلف من أربعة أميركيين وبريطانيين لبدء العمل في مشروعات الحكم والتنمية.

*خدمة «واشنطن بوست. خاص بـ «الشرق الأوسط»